ثقافة الفقر
* الاختلاف بين الفقر وبين ثقافة الفقر:
إن إشكالية الفقر هى إشكالية اجتماعية بالدرجة الأولى، حيث تبدأ عندما لا يمكنه الشخص الإخلاص باحتياجاته أو احتياجات عائلته الرئيسية من مأكل وملبس ومسكن، وعدم مقدرته على إشباع تلك الاحتياجات الرئيسية يقع تأثيرها على شعوره بالأمان والارتياح وتحول دون تحقق سعادته .. أى أن الفقر يمثل مكابدة للأشخاص وللمجتمعات.
وكون الإنسان عضواً فى طبقة اجتماعية "الطبقة الاجتماعية الدنيا"، فهذا يقصد أن يملك ثقافة فرعية تتصف باليأس، وهنا تمثل تلك الثقافة الفرعية "ثقافة الفقر/Culture of Poverty" رابطة جدلية بين الشخص والمجتمع، وبين الشخص وتوقعه المستقبلي لأمور حياته وحياة أبنائه من بعده.
المزيد عن ماهية السعادة ..
المزيد عن اليوم الدولى للسعادة ..
ثقافة الفقر
الاختلاف بين الفقر وبين ثقافة الفقر.
الفقر والمجتمع.
"أوسكار لويس" وثقافة الفقر.
محو ثقافة القفر لا الفقر!
الاحتفال دولياً بيوم الفقر.
والثقافة بمفهومها العام تعنى انفتاح الشخص على كل أنواع العلم والمعرفـة على مختلَف معدلاتها العلمية والفكرية والأدبيـة .. أى أنها عملية تتصل بأسلوب التفكير والمعرفة.
وماذا عن ارتباط الثقافة بالفقر؟! وكيف لنا أن نقوم بالتعرف على انتشار ثقافة الفقر؟
نستطيع إستيعاب انتشار ثقافة الفقر فى مجتمعات دون غيرها عن طريق التصرفات التى يمارسها الأشخاص من تكريس كل إمكانياتهم لاكتساب الرزق بواسطة اللجوء إلى مختلَف الأساليب القويمة وغير القويمة لكسب العيش.
فإذا نظرت إلى مجتمع ووجدت أفراده يمارسون التصرفات غير المنضبطة فهو مجتمع يعبر عن الثقافة المتصلة بمفهوم الفقر من عدم المساهمة فى الشغل الجماعى، اللجوء إلى اقتراف غير مشابه الجرائم، التخلف عن تأدية الالتزامات المطلوبة منهم كمواطنين، عدم التقيّد بالسلوكيات الحميدة نحو التفاعل مع الآخر .. أى أن ثقافة الفقر هى هذا الفكر الذى ينتقل من جيل لآخر ويخلق مجتمع تقطن أفراده فى موجة من السلبية والتراخى وهى أشبه بثقافة المكث للأصلح والأقوى، أما الفقر فيتمثل فى عجز الفرد عن إدخار الاحتياجات الأولية من حيث المأكل والملبس والرعاية الصحية والمسكن.
وثقافة الفقر لا تنتهى بانتهاء الفقر مثلما يتخيل العديد، فالفقر وضعية تنتهى نحو القضاء عليه، إلا أن الثقافة أسلوب تفكير قد لا يمكنه الفرد القضاء عليه ونجده متمثلاً نحو هؤلاء ممن كانوا يتكبدون حياة معيشية عسيرة ثم تخلصوا منها، لكنهم مازالوا يفكرون فى الفقير بنمط سلبى.
تتمثل ثقافة الفقر فى التصرفات الآتية:
- البخل.
- الجشع.
- الهجوم على جمع المال.
- عدم معاونة المحتاج.
- التبذير.
- التباهى باقتناء الأشياء المفرطة السعر.
- اللجوء إلى امتلاك السلاح للاعتقاد المعترف به بأن المكوث للأصلح.
الفقر والمجتمع* الفقر والمجتمع:
الفقر إشكالية من المشاكل الاجتماعية، ويعنى الفقر العوز وعدم مقدرة سلخة رقيقة من الإنس التمتع بالخدمات الرئيسية التى تتمثل فى:
التغذية
و
الصحة
و
التعليم
المزيد عن التعليم المتنوع اللغات ..
وخط الفقر (Poverty threshold) هو أسفل مستوى من الدخل يحتاجه الشخص ليستطيع من إدخار إقامة مناسِبة له، أما الفقر المدقع (Absolute poverty) هو مستوى من الفقر يتمثل فى العجز عن إدخار الاحتياجات الأولية من حيث المأكل والملبس والرعاية الصحية والمسكن.
المزيد عن ماهية الفقر ..
* "أوسكار لويس/Oscar Lewis" ونظرية ثقافة الفقر:
إن مفهوم ثقافة الفقر (Culture of Poverty) قد نال مراعاة غالبية علماء المؤتمر، وأول من تناول ذلك المفهوم هو عالم الأنثروبولوجى الأمريكى أوسكار لويس (Oscar Lewis) عام 1960، حيث قام بملاحظة خمس أسر فقير فى المكسيك وبورتريكو لأخذ فكرة عن ما يشعر به الفرد الفقير.
المزيد عن الأنثروبولوجيا (معرفة الإنسان) ..
وقد استخلص "لويس" من ملاحظاته، أن المفلسين تنتابهم المشاعر الآتية:
أوسكار لويس وثقافة الفقر- الميل إلى العزلة وعدم المساهمة فى الحياة الاجتماعية والاقتصادية أو السياسية للمجتمعات التى يعيشون فيها.
- الإحساس بالدونية والنقص (Inferiority Complex).
- الإحساس بالتهميش وأن مجتمعاتهم لا يعطونهم أى قدر من المراعاة.
- هبوط مطالب جودة الحياة فيما يتعلق لهم، إستيعاب لا يقبلون على المستشفيات لتلقى الرعاية الطبية.
المزيد عن المستشفيات ..
- ازدياد نسب فسخ العلاقة الزوجية فى أسر المعدمين.
المزيد عن ماهية فسخ العلاقة الزوجية ..
- عدم حضور الرجل عن دور الإنفاق فى أحيان كثيرة، وتصبح المرأة هى المعيلة.
- تبنى نمط من الحياة لا يتشابه عن باقى طبقات المجتمع.
وبخلاف الملامح أو المواصفات الفائتة التى رصدها "لويس" عن المحتاجين ليبلور بها مفهوم ثقافة الفقر فقد توصل إلى إجمالى سبعين ملمح تُحدد ثقافة الفقر وصنفها فى أربعة مجموعات أساسية، هى:
المجموعة الأولى
هى مجموعة الملامح التى تصف الرابطة بين الفكر الذى يتبناه المعدمين وبين بال المجتمع ككل، حيث أن عدم حضور المساهمة الفعلية للفقير فى مجتمعه يعتبر من المواصفات الهامة والحاسمة عند "لويس" لبلورة نظرية الفقر.
المجموعة الثانية
هى مجموعة الملامح التى تتصل بطبيعة الأحياء والمناطق التى يعيش فيها المحتاجين من كونها أحياء غير نقية ومحطمة.
المجموعة الثالثة
هى مجموعة الملامح التى تصف العائلة الفقيرة، وقد كان من أفضَل تلك الملامح التى وضعها "لويس" ضمن تلك المجموعة لما لدور العائلة من ضرورة فى تربية النشء وغرسها للقيم ولطريقة التفكير والتى تتمثل فى نقل ثقافة الفقر من الآباء إلى الأولاد، الملامح الآتية:
- هو أن الآباء يتجاهلون ضرورة فترة الطفولة فى كونها فترة رئيسية تشكل حياة الطفل لاحقاً وتشكل مبادئه والأسلوب التى يفكر بها.
- تجاهل الزوجة للمشاعر الرومانسية تجاه الزوج وتجاه الأولاد.
- الاعتماد على المرأة فى الاضطلاع بمختلف مهمات العائلة بما فيها مسئولية الإنفاق.
- انعدام الخصوصية.
- صراع أشخاص العائلة على الموارد المقيدة المتوفرة لهم.
- التعلق بالأم.
الفقرالمجموعة الرابعة
وخصّ "لويس" تلك المجموعة بالصفات التى تكون عليها شخصيات أشخاص الأُسر الفقيرة واتجاهاتهم والقيم المترسخة فى عقولهم، حيث يشعرون بـ:
- العجز والاتكالية.
- وبالدونية.
- والشعور بالهامشية.
- عدم القدر ة على إخضاع النفس فى المواقف على اختلاف أشكالها.
- الإحساس بالانهزامية.
- عدم حضور فكرة الإستراتيجية للمستقبل، لعدم التمكن من تنويع مصادر الإشباع.
ومن أثناء المجموعات الأربع التى صنف بها "لويس" مفهوم ثقافة الفقر فهو يوضح لنا أن الفقر ليس مجرد ندرة أو حرمان مادى أو مجرد سوء ترتيب، وإنما هو أسلوب فى الحياة تبدو خصوصا فى مدد التحويل أو الحروب أو الريادة أو بمعنى آخر هناك قوانين للفقراء يستمرون في الحياة عن طريقها أو عن طريقها، فهو مع هذا لم يلغِ الأسباب الاستثمارية والاجتماعية والسياسية والنفسية التى تتضمنها ثقافة الفقر بالمثل.
مثلما نوه لويس فى مفهومه عن ثقافة الفقر أن تلك الثقافة حاضرة فى دول العالم النامى التى تغيب عنها مقومات التحضر والمدنية، ونوه إلى غيابها فى الدول المتقدمة صناعياً .. إلا أن ذلك الرأى تم مقابلته بالمعارضة من بعض علماء الندوة من بينهم "ميشيل هارينجتون/ Micheal Harrington"وعالم الأنثربولوجيا "والتر ميلر/Walter Miller" حيث عارضوا "لويس" فى فرصة وجود ثقافة الفقر فى الدول المتقدمة صناعياً وأشاروا إلى الطبقة الدنيا في المجتمع الأمريكي بأن تملك ثقافتها المخصصة وسماتها كالعيش لاغير للحاضر وعدم الإستراتيجية للمستقبل والإيمان بالقدرية والحظ دون بذل المجهود للنجاح.
المزيد عن ماهية التوفيق ..
وقد ذكرت الكثير من الدراسات التى خضع لها المحتاجين لتحديد ماهية الفكر الذى يخضعون له فى مختلَف تصرفاتهم وسلوكياتهم الفقر - والتي وجهت مزيداً من الرأي الناقد لمفهوم "لويس" عن ثقافة الفقر بصرف النظر عن انتشار ذلك المفهوم فى توضيح الفقر - أن المعدمين يريدون الشغل والمشاركة المجتمعية وأن ما يملكون من ملامح ما هو سوى نتيجة الحال الذي يعيشونه والذي من الممكن أن يتخلصوا منه بالتعليم والتأهيل الاجتماعي والاقتصادي المناسب.
جوزيف ريسينسكى* الاحتفال دولياً بالقضاء على الفقر:
يتم الاحتفال باليوم الدولى للقضاء على الفقر (International Day for the Eradication of Poverty) فى السابع عشر (17) من شهر أكتوبر من كل عام، وقد كان اليوم الأول للاحتفال به يعود تاريخه إلى عام 1987 حيث تجمع ما يكثر عن مائة ألف فرد في ساحة "تروكاديرو/Trocadero" بباريس فى دولة فرنسا وهذا تكريماً لضحايا الفقر والجوع والعنف بشأن الأب جوزيف ريسينسكي (1917- 1988) الذى قام بإفتتاح لوحة خصصت لتكريم ضحايا الفقر المدقع "النصب التذكاري لضحايا الفقر".
والأب جوزيف ريسينسكي "Joseph Wresinski" هو مؤسس ممنهجة عالمية غير رسمية لمكافحة الفقر “ATD/Aide à Toute Détresse”، ليطلق عليه أولئك النشطاء اسم "اليوم الدولي لرفض البؤس". وفيما في أعقاب، اعترفت به منظمة الأمم المتحدة بشكل رسمي فى عام 1992 ليحمل اسم اليوم الدولي للقضاء على الفقر. وأصبح العالم أجمع يحتفل به في مثل ذلك الزمان الماضي من كل عام.
المزيد عن اليوم العالمى للقضاء على الفقر ..
* محو ثقافة الفقر وليس الفقر:
محو "الفقر" أهون بكثير من محو "ثقافة الفقر"، فالمجتمعات بحاجة ماسة إلى محو الأسلوب التى ننظر بها إلى المعدمين ولا يتأتى هذا سوى عن طريق إيمان كل شخص فى مجتمعه بوجوب أن يحصل الفرد المحتاج على مختلَف متطلباته، وانتزاع الفكر الذى يقضى بحتمية انتشار وضعية الفقر فى نفس الطبقة الاجتماعية أى أنه ليس بالآفة أو الداء الوراثى الذى ينتقل بين أشخاص العائلة لتحمله الجينات عبر الأجيال.
ما هى احتياجات الإنس مثلما عرفها "ماسلو" فى هرمه؟
ولكى يختفى التفكير المتعلق بمفهوم الفقر من عقولنا لا مفر من التركيز على مطالب رئيسية للمجتمعات الفقيرة:
- التخلص من الجوع وسد فجوته.
- إدخار الشغل اللائق للجميع دون مفاضلة بين إناث وذكور، فكل فرد له الحق فى الحياة والعمل الكريم.
- الوقوف بمستوى التعليم الذى يرتقى معه الفكر.
المزيد عن التعليم والمجتمع ..
- الوقوف بالمرأة المعيلة حيث تمثل نسبة غير ضئيلة فى المجتمعات الفقيرة وتعد أكثر شرائح المجتمع احتياجا لأوجه الرعاية والمساندة كي تستطيع من تأدية دورها تجاه أسرتها ومجتمعها.
محو ثقافة الفقروما الذى ينبغى علينا أن نفعله كأشخاص؟
إن التخلص من الفجوات الاجتماعية - الاستثمارية التى تبقى فى المجتمعات تبدأ بالتوقف عن ممارسة الفكر السلبى عن المساكين، ونزع أفكار عدم المساواة من أذهاننا والتوقف عن الإجراءات التى توحى بالعنصرية تجاه الطبقات الأقل فى الدخل .. لا مفر من المطالبة بالحقوق الرئيسية لكل الإنس من الملاذ والرعاية الصحية والأجور الموائمة، وعلى الأغنياء أو ميسورى الدخل المناداة بهذا لأن الفقير من الممكن أن يكون صوته غير مسموع.
لابد وأن يبدأ كل فرد بنفسه:
- لابد وأن نثقف أنفسنا عن ماهية الطبقية والفقر.
- وأن نرفض مفهوم العجز أو الندرة، ونساعد الغير بالمثل فى تحويل مفهوم الفقر الخاطئ عند العديد منا .. أى تحويل النظرة إلى المفلسين.
- لابد وأن يكون التعليم حق متوفر لكافة العائلات: المتوافر لها المال .. ومتوسطة الدخل .. ومنخفضة والدخل .. والمنعدمة، لأنه التعليم هو السبيل لأى إصلاح أو إنماء.
- مسعى الوصول للعائلات مقيدة الدخل والتعرف على مشكلاتهم حتى لو لم يظهرون أية تجاوب .. لأننا على يقين بالأسباب التى تكمن خلف وضعية السلبية الملازمة لهم.
- الاستجابة للشخص أو الأسرة المقيدة الدخل لإرجاع تشييد الثقة بداخلهم وللارتقاء بفكرهم.
المزيد عن طرق تشييد الثقة بالنفس ..
- مسعى تنفيذ الإنصاف والمساواة مع الفقير مهما كان سنه لمحو ثقافة الفقر من أذهانهم ومن أذهان من يتعاملون معهم.
- أصدر ثقافة المعرفة الحقيقية بالفقر والنظام الطبقى فى المجتمعات وتناول القضايا المهمة المتصلة بها مثل ثقافة المستخدم والظلم ونصيب الشخص.
- أصدر ثقافة مكافحة الفقر.
لابد وأن يعترف أو يضع كل واحد منا فى اعتباره أن التفكير الطبقى يترك تأثيره على تفاعلاتنا مع الآخرين، فهل العجز هو عجز المال وعجز القدرة عن الإخلاص بالاحتياجات الرئيسية .. أم العجز والقصور يبقى فى أنفسنا نحن وفى مفهومنا عن الأفراد التى لا يمكنها الإخلاص باحتياجاتها الرئيسية .. فالمشكلة فى واقع الشأن تكمن فى ثقافة الطبقية (Culture of Classism) – وهو ما نوه إليه معارضوا "لويس" بأن ثقافة الفقر ما هى سوى خرافة والقصور يبقى فى النفس البشرية وفى الكيفية التى تفكر بها.
معلومة مهمة:
مفهوم الطبقية فى المجتمع هو أن المجتمع مُكون من طبقات متنافسة وكل طبقة تقاوم بهدف وضعها الإجتماعي والإقتصادي وذلك ما يطلق عليه بالصراع الطبقى. ظهرت المجتمعات ذات الطبقات المُتعددة في العصور القديمة، على طريق المثال في روما، وفي المجتمعات المدنية الجديدة مع ظهور البرجوازية.
نجد أن مفاهيم الطبقية وصراع الطبقات تُستخدم في سياقات تاريخية غير مشابهة:
التشاحن بين العبيد والأسياد في مجتمعات الرقيق فى العصور القديمة.
اليوم العالمى للقضاء على العبودية والرق ..
المناحرة بين العامة ومُلاك الأراضي.
التشاحن بين الطبقة الثالثة وطبقة النبلاء الذى ظهر عقب الثورة الفرنسية.
التشاحن بين العمال وأصحاب الشغل في المجتمع الرأسمالي الجديد.
التشاحن بين الرجل والمرأة فى غير مشابه المجتمعات.
المناحرة بين الطوائف .
الفصل بين المستوطنين والسكان الأصليين في المستعمرات.
التفرقة العرقية بين المجتمعات الثقافية في المدن.
عدد المشاركات
أنا جنسيتي هي 
احترام القوانين
موضوع: اوسكار لويس ودراساته 
13.06.19 1:26
