هي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
أمُّها خديجة أمُّ المؤمنين ، كانت أصغر بنات النبي صلى الله عليه وسلم ،
وكانت سيدة النساء في زمنها ، وقد ذكر النبي عليه الصلاة والسلام أنه كمل
من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلى أربع ، والسيدة فاطمة رضي الله
عنها إحدى هؤلاء الأربع ، وعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((حَسْبُكَ مِنْ
نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ
خُوَيْلِدٍ ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ
فِرْعَوْنَ)) .
(الترمذي)
ولدت قبل البعثة بقليل ، تزوجها الإمام
علي كرم الله وجهه في ذي القعدة من سنة اثنتين بعد وقعة بدر ، لها من
الأولاد الحسن ، والحسين ، والمحسن ، وأم كلثوم ، وزينب ، أبناء علي بن أبي
طالب ، وكان عليه الصلاة والسلام يحبها ، ويكرمها ، ويسرُّ إليها ،
ومناقبها غزيرة ، وكانت رضي الله عنها صابرة ، دينة ، خيرة ، قانعة ، شاكرة
لله عز وجل ، وقد غضب لها النبي عليه الصلاة والسلام لما بلغه أن أبا
الحسن هم ولم يفعل بما رآه سائغاً من خطبة بنت أبي جهل ، فَعَنِ
الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ : ((إِنَّ
عَلِيًّا خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ فَسَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ
فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ
يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّكَ لَا تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ وَهَذَا عَلِيٌّ
نَاكِحٌ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ يَقُولُ أَمَّا بَعْدُ
أَنْكَحْتُ أَبَا الْعَاصِي بْنَ الرَّبِيعِ فَحَدَّثَنِي وَصَدَقَنِي
وَإِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَسُوءَهَا
وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَتَرَكَ
عَلِيٌّ الْخِطْبَةَ)) .
(متفق عليه)
فترك علي رضي الله عنه الخطبة رعاية لها .
الحديث عن السيدة فاطمة يطول ، حديث مسعد ،
فهي سيدة عصرها هي إحدى أربع نساء كملن في العالمين ، والمرأة إذا كملت
شيء لا يوصف ، المرأة إذا كملت تكون قرة عين لمن حولها .
صح في السيرة ، وفي سير أعلام النبلاء
وسنن الترمذي عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ رَبِيبِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((لَمَّا
نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ
الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ فَدَعَا
فَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا فَجَلَّلَهُمْ بِكِسَاءٍ وَعَلِيٌّ خَلْفَ
ظَهْرِهِ فَجَلَّلَهُ بِكِسَاءٍ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ
بَيْتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا قَالَتْ
أُمُّ سَلَمَةَ وَأَنَا مَعَهُمْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ أَنْتِ عَلَى
مَكَانِكِ وَأَنْتِ عَلَى خَيْرٍ)) .
الحقيقة الإنسان أقرب الناس له أولاده ذكوراً
وإناثاً .
وعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَليٍّ وَفَاطِمَةَ
وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ : ((أَنَا حَرْبٌ
لِمَنْ حَارَبْتُمْ وَسِلْمٌ لِمَنْ سَالَمْتُمْ)) .
من "سيرة بنات
النبي" للشيخ محمد راتب النابلسي