الباب الثامن عشر
في فعل وافْعَل في القضاء والقدر والكسب وذكر الفعل والإنفعالمن كتاب شفاء العليل لابن القيم
__________
الخلاصة وبعدها الشرح >>
العبد فاعل منفعل لله الذى لا ينفعل بوجه ثم يبدأ الشيخ فى عرض وتفنيد رأى كل من الجبرية والقدرية وأهل السنة والجماعة ليتضح المعنى ويتخلص القارىء من الضلالات الفكرية
الجبرية: قالت أنه منفعل تجرى عليه الأحكام وكأنه آله وحركته تماما كحركة الأشجار
فعندهم فلان قام وصلى وآمن وكفر بمنزلة مات ومرض وفعله عندهم على سبيل
المجاز
.
القدرية : قالوا أنه فاعلا غير منفعل ونفوا القدر .
ثم أهل السنة والجماعة كانوا وسطا فلم ينفوا هذا بذاك ولا العكس فاستقر لهم الشرع ومهدوا وقوع الثواب والعقاب ..
أمثلة توضيحية قال تعالى :
" وأنه
هو أضحك وأبكى " وقال "
فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا "
"
هو الذي يسيركم في البر والبحر " وقال " قل
سيروا في الأرض "
" وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله
الذي أنطق كل شيء " وقال " فورب السماء والأرض أنه لحق
مثل ما أنكم تنطقون "
فالله > يُضحك ويُبكى ويُسيِّر فهذه أفعال لا يمكن تعطيلها .
والإنسان > يَضحك ويبكى ويسير فهذه أفعال للعبد حقيقة لا يمكن إنكارها .
ثم استرسل الشيخ فى الشرح فقال
إن الله إذا أحب عبدا أنطقه بما يحب وأثابه عليه وإذا أبغض آخر أنطقه بما يكره وعاقبه عليه
- أرجو التركيز على كلمة أحب وأبغض وسيتضح معناها بعد قليل فى فعل العبد -
"
فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها " "
وزوجناهم بحور عين "
"
فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم "
الله تعالى هو من يزوج والإنسان يتزوج والإزاغة فعل الله والزيغ فعل العبد
...
السؤال :
من الشرح السابق قلتم - أى أهل السنة والجماعة - أن فعل الله سابق فلو لم
يضحك ويبكى ويزوج ويُنطق مانطقوا ولا ضحكوا ولا .. إلخ وهنا الآية فعل
الله بعد فعلهم أزاغهم الله بعد أن زاغوا فإزاغة الله حكمه علي قلوبهم
بالزيغ لا جعلها أصلا زائغة ومثله من الأمثلة السابقة جعل لهم آلة الضحك
والسمع والبكاء ومثله فكيف يفسر زيغهم هذا وكيف يكون فعل الله الإزاغة ؟؟؟
الجواب : أولاً آلة الضحك والبكاء والفعل
لا تكفى وحدها فى صدق الفعل فلو دعوت كافرين للإسلام وأحدهما أسلم ونطق بالشهادة والآخر لا لن تستطيع أن تدعى وتقول الله أنطقهما !
وقوله تعالى : "
فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم "
إزاغة الله هنا غير الإزاغة الأولى
فهنا عقوبة لهم على زيغهم من باب تتابع السيئات ومن باب جزاء سيئة بمثلهاأما الإزاغة الأولى لقلوبهم فسببها >
تركهم الإيمان وترك الإيمان أمر عدمى لا يحتاج فاعلاًالسؤال : وماسبب هذا الترك العدمى ؟
الجواب : سببه عدم سبب ضده فبقي على العدم الأصلي وهذا مثل قوله تعالى "
ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم "
فالله
عاقبهم على نسيانه بنسيان آخر وهو نسيان أنفسهم فنسوا حظوظها كذكره
ومصالحها وإصلاح عيوبها فنسوا الإيمان ولم يجدوا عن ضده محيصا وضده الكفر
والمعاصى والذنوب
* إشارة هنا يُفهم قوله تعالى :"
وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلا " وما مثلها من آيات
والعكس بالعكس من ذكروه ذكَّرهم أنفسهم ومصالحها وإصلاح عيوبها فوجدوا الطاعة وتجدد الإيمان وهنا يُفهم "
وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ " وما مثلها من آيات ..
فهنا يُنظر
لنوعى القضاءالأول قضى لهم بالكفر والذنب " نسوا الله "
قضاء السبب والآخر
قضاء العقوبة على الكفر والذنب " فأنساهم الله أنفسهم " ومايترتب عليها أو
ماتحدثه من معاصى ثم مايترتب عليها من عقوبات دنيوية وأخروية
قضاء المسبب وهى بمثابة نتائج للسبب ,
وكلاهما عدل راجع معنا
تلك المشاركة هنا وبعد تلك الأمثلة نجد أن الله أفعل والعبد فعل الله أضحك وأبكى وأزاغ وأضل والعبد ضحك وترك ونسى وزاغ وضل
فالثواب والعقاب والأمر والنهى متعلق بالفعل لا الأفعال ...
السؤال : هل يقال ذلك على جميع فعل العبد كفر وزنا وسرقة فيقال الله أفعله وهو فعل ؟
الجواب: من الناحية اللغوية لا يطرد ذلك فى لغة العرب فلا يقال أزنى الله فلان
وأسرقه وأقتله وإن كان فى لغتهم أضحك وأبكى وأضل وأيضا يقال ذلك فى
المضاعفة مثل قوله
ففهمناها سليمان فالتفهيم من الله والفهم من سليمان ..
القاعدة أن الله جعل العبد فاعلا "
وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار "
فجعل هؤلاء يهدون للحق بأمره وهؤلاء جعلهم يدعون للنار
ويهدون ويدعون> فعل العبد .