المبحث الثالث : عالمية الإسلام
المطلب الأول : أدلة عالمية الإسلام من القرآن الكريم
"نحن في رحاب القرآن الكريم نسمع نداءه العالمي وإن فصلتنا عنه حقب بعيدة من الزمان ، ونعي صراحته ومجاهرته ، بأن الإسلام عقيدة لا ينفرد بها شعب أو مجتمع بعينه ،ولا يختص ببلد أو بلاد معينة ، بل هو دين ذو قوانين تسري على الأفراد على اختلافهم من العنصر ،و الوطن، واللسان ، ولا يفترض لنفوذه حاجزاً بين بني الإنسان ، ولا يعترف بأية فواصل وتحديدات جنسية أو إقليمية أو زمنية فهو عام في المكان والزمان "(80) .
جاء في تفسير القرطبي في قوله تعالى :)ليكون للعالمين نذيراً( قوله: والمراد بالعالمين هنا الإنس والجن ، لأن النبي r قد كان رسولاً إليهما ونذيراً لهما ،وأنه خاتم الأنبياء ، ولم يكن غيره عامّ الرسالة إلا نوح فإنه عم برسالته
جميع الإنس بعد الطوفان لأنه بدأ به الخلق(81).
وقال الزجاج: معنى العالمين كل ما خلق الله كما قال : وهو رب كل شيء، وهو جامع كل عالم ،قال ولا واحد لعالم من لفظه لأن عالماً جمع أشياء مختلفة فإن جعل عالم لواحد منها صار جمعاً لأشياء متفقة(82) قال ابن عباس في قوله تعالى )الحمد لله رب العالمين( رب الجن والإنس وقال قتادة رب الخلق كلم.
قال الأزهري : الدليل على صحة قول ابن العباس قوله عز وجل :)تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً( وليس النبي r للبهائم ولا للملائكة وهم كلهم خلق الله ؛ وإنما بعث محمدr نذيراً للجن والإنس ،وروي عن وهب بن منبه أنه قال:لله تعالى ثمانية عشر ألف عالم ، الدنيا منها عالم واحد.
فهلم معنا أخي القارئ نقرأ نصوص القرآن التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها ، كي نتعرف على دلالته الواضحة ، على عالمية الرسالة المحمدية ، من عدة وجوه :
· الوجه الأول : نصوص صريحة.
النص الأول:قال تعالى:) تبارك الذي نـزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً ((83).
النص الثاني: قال تعالى :)وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون ((84).
النص الثالث : قال سبحانه :) قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً ((85).
النص الرابع:قال سبحانه:)ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ((86)
النص الخامس : قال تعالى عن القرآن الكريم الذي أوحاه إلى نبيه r :) إن هو إلا ذكر للعالمين ولتعلمن نبأه بعد حين ((87).
النص السادس : وقال عز من قائل :) وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ ((88).
أي كل من يصل إليه بلاغ القرآن، وكل من سمعه في جميع أقطار الأرض ، في أي زمن من الأزمان وصل إليه هذا البلاغ . قال تعالى :) هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ((89).وقال تعالى :) وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ((90).
إن هذه الآيات فيها من وضوح النص والدلالة ما يغني عن شرحها والتعليق عليها . فهي صريحة واضحة لا تقبل التأويل أبداً ، بل تدل على عالمية الرسالة المحمدية ، دلالة ضوء الشمس على طلوعها .
· الوجه الثاني : دعوة غير العرب .
جاء في القرآن الكريم دعوة أهل الكتاب من اليهود والنصارى والمشركين إلى الإسلام الذي جاء به محمد r سواءاً كانوا من العرب أو غير العرب ،وبين لهم بأن الإسلام هو الدين الحق الذي لا يقبل
الله سواه ،قال تعالى:)ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين((91)؛بل تجاوزت رسالة نبينا محمد r اليهود والنصارى والبشرية بأكملها فلم تقتصر على عالم الإنس فقط بل تعدت ذلك إلى عالم الجن أيضاً .قال تعالى :) قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآناً عجباً يهدي إلى الرشد فآمنّا به ولن نشرك بربنا أحداً ((92)، وقال تعالى :) وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين * قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتاباً أنـزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ((93)
· الوجه الثالث : خطابات القرآن ونداءاته العامة
" إن القرآن الكريم كثيراً ما يوجه خطاباته إلى الناس غير مقيدة بشيء ، وهذا دليل واضح على أن خطاباته وتوجيهاته تعم الناس كافة "(94)، والقرآن هو وحي الله لرسوله محمد rوفيه أحكام الإسلام وهذا دليل على أن الإسلام لجميع البشر بل للإنس والجن .
وأمثلة لذلك قوله تعالى :) يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ((95).وقوله تعالى:) يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون((96).
وغيرها من الآيات كثير فهو يخاطب الناس جميعاً بقوله يا أيها الناس ولم يقل يا أيها العرب .
· الوجه الرابع : القوانين والتشريعات القرآنية عالمية :
لأنها من محتويات الإسلام ، والإسلام رسالة عالمية كما قلنا و الإسلام يعتمد في جميع أحكامه وتشريعاته , وما يخص الإنسان في معاشه ومعاده على طبيعة الإنسان التي يتساوى فيها جميع البشر .
"ولا يجد الباحث مهما أوتي من مقدرة علمية كبيرة فيما جاء به نبي الإسلام r أي طابع إقليمي،أو صبغة طائفية ،وتلك آية واضحة على أن دعوته دعوة عالمية لا تتحيز إلى فئة معينة ، ولا تنجرف إلى طائفة خاصة " (97).
فالعبادات والمعاملات والأخلاق..الخ , كلها ليس فيها صبغة الطائفية والإقليمية بل تكتسي بالصبغة العالمية ؛لأنها تناسب الإنسان وطبيعته فهي الصالحة له دون سواها.
وكذلك النظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والقضائي..الخ ,لا تجد في ثنايا أياً منها أي تفكير طائفي أو نـزعة إقليمية .فمثلاً في المعاملات وما يترتب عليها من مقاضاة بين الناس يأمر الله سبحانه وتعالى المسلم أينما وجد زماناً ومكاناً , قائلاً :) إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ((98)،بينما نجد غير المسلمين تتجسد الطائفية والنـزاعات العرقية فيهم بوضوح ،فهؤلاء اليهود كما يخبر عنهم الله عز وجل حين يتعاملون مع غير من ينتمي إلى دينهم فيقول عنهم سبحانه وتعالى :) ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائماً ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ((99).
· الوجه الخامس : الإسلام ينبذ أي مقومات للتفرقة بين الناس :
إن أقوى دليل على أن الإسلام رسالة عالمية مكافحته للنـزاعات الإقليمية والطائفية فالإسلام لا يفرق بين أبيض و أسود ولا بين جنس و آخر ، بل ينبذ العنصرية والطائفية ، ويرفض جعلها مقياس للتفاضل في ميزان الإسلام و المقياس الوحيد للتفاضل في الإسلام هو التقوى ، قال تعالى :) يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله اتقاكم ((100).
فالإسلام : هو أول من حارب العصبية ودعا إلى الأخوة تحت لواء التوحيد الخالص ومقتضاه الإسلام.
المطلب الثاني : أدلة عالمية الإسلام من السنة النبوية المطهرة
أمر الله سبحانه وتعالى نبيه الكريم أول ما بعثه أن يصدع بالحق بين عشيرته أولاً ، ثم تتسع دائرة التبليغ والإنذار إلى أن تصل إلى أسماع كل من يستطيع أن يسمعه رسول الله r سواء مباشرة ، أو أن يرسل من ينوب عنه في تبليغ ما جاء به r من ربه سبحانه وتعالى .
النص الأول:ها هو r يخبر قومه قائلاً:" والله الذي لا إله إلا هو إني رسول الله إليكم خاصة وإلى الناس عامة "(101)
النص الثاني : ولتحقيق ما كلف به من تبليغ رسالته جميع الناس أرسل السفراء إلى جميع الأقطار ،(فبعث سفراءه وفي أيدي كل واحد منهم كتاب خاص إلى قيصر الروم ، وكسرى فارس ، وعظيم القبط ، وملك الحبشة ،والحارث بن أبي شمرا الغساني ملك تخوم )(102)وغيرهم ، وما كتاباته r هذه إلى ملوك العالم في عهده إلا دليلاً قاطعاً على عالمية رسالته r .
فهذه رسالته إلى كسرى ملك فارس يقول فيها :
"بسم الله الرحمن الرحيم .. من محمد رسول الله ، إلى كسرى عظيم فارس : سلام على من اتبع الهدى ... وأدعوك بدعاية الله ، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة ، لأنذر من كان حياً ، ويحق القول على الكافرين ، اسلم تسلم فإن أبيت فعليك إثم المجوس "(103)،وهذا أيضاً ما كتبه إلى قيصر ملك الروم يقول فيه :
" بسم الله الرحمن الرحيم .. إلى هرقل عظيم الروم : سلام على من اتبع الهدى . أما بعد فإني أدعوك بالإسلام اسلم تسلم ، يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإنما عليك إثم الأريسيين "(104).
النص الثالث : ما روى جابر رضي الله عنه عن رسول الله r أنه قال :"أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي ، كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى كل أبيض وأسود ، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد من قبلي ، وجعلت لي الأرض طيبة طهوراً ومسجداً فأيما رجل أدركته الصلاة صلى حيث كان ، ونصرت بالرعب مسيرة شهر ، وأعطيت الشفاعة "(105).
النص الرابع : جعله الله رحمة مهداة للعالمين ، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه،أن رسول الله r قال : " أنا رحمة مهداة "(106).
النص الخامس : ثم ما جاء عن كونه سيد الأولين والآخرين فإن فيه دليلاً على عالمية رسالته r فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله r :" أنا سيد ولد آدم ولا فخر " (107).
المطلب الثالث : الأدلة على عالمية الرسالة من كتب أهل الكتاب :
أولاً : في كتب العهد القديم (التوراة):
البشارة الأولى : من سفر النبي حجى : بشارة النبي حجى في سفره الوارد بالإصحاح الثاني عدد 7 يقول فيه :" وأزلزل كل الأمم ويأتي مشتهى كل الأمم ،فأملأ هذا البيت مجداً قال رب الجنود".(108)
وفي العدد (9) يقول :"مجد هذا البيت الأخير يكون أعظم من مجد الأول قال رب الجنود"(109) .
ولفظ ( مشتهى كل الأمم ) لا تعني إلا رسول يأتي وتنتظره كل الأمم وعبر عن ذلك الانتظار بلفظ مشتهى كل الأمم بمعنى أنه يخرج من غير الإسرائيليين كما لا يكون مرسلاً إليهم خاصة بل إلى جميع أمم الأرض لأن هؤلاء الإسرائيليين يذكرون غيرهم من الناس بتعبير الأمم ... وإذا رجعنا إلى الأصل العبراني لكلمة(مشتهى كل الأمم ) نجد أنها ( حمدوت ) الأمم ، أي محمود الأمم ، واسم محمود(110) هو من ضمن أسماء النبي محمد r (111).
البشارة الثانية : من سفر التكوين :
جاء في سفر التكوين من الآية العاشرة من الباب التاسع والأربعين النص التالي :" فلا يزول القضيب من يهوذا أو المدبر من تحت فخذيه،حتى يجيء الذي له الكل وإياه تنتظر الأمم "(112). هذا في الترجمة العربية سنة 1722م وسنة 1831م وسنة 1844م .
وفي الترجمة العربية سنة 1811م (هكذا):" فلا يزول القضيب من يهوذا و الرسم من أمره إلى أن يجيء الذي هو له وإليه تجتمع الشعوب" .
"والقضيب هو النبوة على ارجح التفسيرات ومقتضى الكلام أن الذي له الكل وإياه تنتظر الأمم لابد أن يكون محمداً r ، ولا يصح أن يفسر به غيره ، لأنه لو فسرنا أن المقصود بذلك المسيح لكان فهمنا متناقض مع النص ، إذ المسيح من آل إسرائيل ومن ذريته ، والكلام هنا عن نبوة تخرج عن ذرية إسرائيل إلى إنسان تجتمع إليه الشعوب من غيرهم وليس ذلك لغير محمد r (113)".
البشارة الثالثة : من الزبور :
وهي موجودة في الزبور في الإصحاح المائة والتاسع والأربعين، وهذه هي :" لأن الرب يسر بشعبه ، ويشرف المتواضعين بالخلاص ، يفتخر الأبرار بالمجد ويبتهجون على مضاجعهم ، ترفيع الله في حلوقهم ، وسيوف ذات ضمين في أياديهم ، ليضعوا انتقاماً في الأمم ، وتوبيخات في الشعوب ، ليقيدوا ملوكهم بالقيود وأشرافهم بالأغلال من حديد ، ليضعوا بهم حكماً مكتوباً ، هذا المجد يكون لجميع الأبرار" (114).
البشارة الرابعة : من سفر النبي أشعيا :
في الباب الثاني والأربعين من كتاب أشعيا هكذا : (9)" التي قد كانت أولها قد أتت ،وأنا مخبر أيضاً بأحداث قبل أن تحدث وأسمعكم إياها ".(10)"سبحوا للرب تسبيحه جديدة ، حمده من أقاصي الأرض راكبين في البحر وملؤه الجزائر وسكانهن"، (11)"يرتفع البرية ومدتها في البيوت كل قيدار سبحوا يا سكان الكهف،من رؤوس الجبال يصيحون"،(12)"ويجعلون للرب كرامة، وحمده يخبرون به في الجزائر "(115) فالتسبيحة الجديدة عبارة عن العبادة على النهج الجديد التي هي الشريعة المحمدية وتعميمها على سكان أقاصي الأرض ، وأهل الجزائر وأهل المدن والبراري إشارة إلى عموم نبوته r ، ولفظ قيدار أقوى إشارة إليه ، لأن محمداً r من أولاد قيدار بن إسماعيل . وقوله :" من رؤوس الجبال يصيحون إشارة إلى العبادة المخصوصة التي تؤدى في أيام الحج ، يصيح مئات الآلاف من الناس (لبيك اللهم لبيك) . وقوله : حمده يخبرون به في الجزائر، إشارة إلى الأذان يخبر به ألوف ألوف في أقطار العالم في الأوقات الخمسة بالجهر "(116).
البشارة الخامسة : من سفر النبي أشعيا :
يقول سفر النبي أشعيا ( 21: 13-14) " في الوعر في بلاد العرب تبيتين يا قوافل الفدادين . هاتوا ماءاً لملاقاة العطشان يا سكان أرض تيماء ، وافوا الهارب بخبره "(117)، وطبعة كولينـزا الإنكليزية تعنون هذا الجزء من التوراة بعنوان (العبء على جزيرة العرب):" والعبء بدون ريب هو عبء تبليغ رسالة الله في عموم البشر حيث يصرح سفر أشعيا هكذا .أن الله سبحانه وتعالى قد ألقى هذا العبء على كاهل العرب"(118) .
ثم نجد النص يصرح ببلاد العرب وسكان قيدار هم سكان المدينة المنورة فهو يأمرهم بأنه إذا جاء النبي r ، هارباً من مكة بأن يستقبلوه ويعطوه الماء والخبز إكراماً له .
وهذا ما حدث فعلاً لنبينا محمد r ، عندما هاجر من مكة إلى المدينة .
ثانياً : الأدلة على عالمية الرسالة من العهد الجديد ( الإنجيل )
البشارة الأولى : من إنجيل يوحنا :
" لكني أقول لكم الحق إنه خير لكم أن أنطلق، لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي . ولكن إذا ذهبت أرسله إليكم ، ومتى جاء ذلك يبكّت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة . أما على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي وأما على بر فلأني ذاهب إلى أبي ولا ترونني أيضاً وأما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين "(119).
قال عيسى u (يبكت العالم) فهذا القول بمنـزلة النص الجلي لمحمد r لأنه وبخ العالم سيما اليهود على عدم إيمانهم بعيسى u توبيخاً لا يشك فيه إلا معاند بحت،وكذلك أنذر ووبخ المنافقين والعصاة في جميع أنحاء العالم .
وقول عيسى u " أما على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي "وهذا يدل على أن المعزي (المواس ) يكون على منكري عيسىu موبخاً لهم على عدم الإيمان به )(120).
البشارة الثانية : من إنجيل برنابا :
إن إنجيل برنابا قد أعطى أدلة قوية تثبت نبوة محمد r ،ولذلك أصدر البابا (جيلاسيوس ) الأول _ الذي جلس على الأريكة البابوية سنة 492 ميلادية ،أمراً ينهى فيه عن مطالعة إنجيل برنابا، ولذلك رفضه النصارى بلا مبرر (121).
جاء في الفصل السابع عشر من الإنجيل :" ولكن سيأتي بعدي بهاء كل الأنبياء الأطهار فيشرق نوراً على ظلمات سائر ما قال الأنبياء لأنه رسول الله "،أي يبين غامض أقوالهم (122) .
البشارة الثالثة : من إنجيل برنابا :
في الفصل الثالث والأربعين يقول :" الحق أقول لكم إن كل نبي متى جاء فإنه يحمل لأمة واحدة فقط علامة رحمة الله ولذلك لم يتجاوز كلامهم الشعب الذي أرسلوا إليه ، ولكن رسول الله متى جاء يعطيه الله ما هو بمثابة خاتم يده فيحمل خلاصاً ورحمة لأمم الأرض الذين يقبلون تعليمه ، وسيأتي بقوة على الظالمين ، ويبيد عبادة الأصنام بحيث يخزي الشيطان لأنه هكذا وعد الله إبراهيم قائلاً : انظر فإني بنسلك أبارك كل قبائل الأرض ، وكما حطمت يا إبراهيم الأصنام تحطيماً ، هكذا سيفعل نسلك .
أجاب يعقوب : يا معلم قل لنا بمن صنع هذا العهد ، فإن اليهود يقولون بإسحاق والإسماعيليون يقولون بإسماعيل . أجاب يسوع ابن من كان داود ، من أي ذرية ؟ أجاب يعقوب من إسحاق لأن إسحاق كان أبا يعقوب ويعقوب كان أبا يهوذا الذي من ذريته داود ، فحينئذ قال يسوع : ومتى جاء رسول الله فمن نسل من يكون؟، أجاب التلاميذ من داود ، فأجاب يسوع : لا تغشوا أنفسكم لأن داود يدعوه في الروح رباً قائلاً هكذا قال الله لربي اجلس عن يميني حتى أجعل أعداءك موطئاً لقدميك يرسل الرب قضيبك الذي سيكون ذا سلطان في وسط أعدائك ، فإذا كان رسول الله الذي تسمونه مسيا ابن داود فكيف يسميه داود رباً؟، صدقوني لأني أقول لكم الحق: إن العهد صنع بإسماعيل لا بإسحاق" (123).
البشارة الرابعة : من إنجيل برنابا
في الفصل الرابع والأربعين يقول " ما أسعد الزمن الذي سيأتي فيه العالم صدقوني إني رأيته وقدمت له الاحترام، ليكن الله معك وليجعلني أهلاً أن أحل سير حذاءك لأني إذا نلت هذا صرت نبياً عظيماً وقدوس الله "(124).
وهذه البشارة تؤكدها الآية الكريمة في قوله تعالى :) وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه * قال ءأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين ((125) .
البشارة الخامسة : من إنجيل برنابا :
في الفصل السادس والتسعين أجاب يسوع :" لعمر الله الذي تقف بحضرته نفسي؛ أني لست فيها مسيا الذي تنتظره كل قبائل الأرض كما وعد الله أبانا إبراهيم قائلاً : بنسلك أبارك كل قبائل الأرض، ولكن عندما يأخذني الله من العالم سيثير الشيطان مرة أخرى هذه الفتنة الملعونة بأن يحمل عادم التقوى على الاعتقاد بأني الله وابن الله، فينجس بسبب هذا كلامي وتعليمي حتى لا يكاد يبقى ثلاثون مؤمناً ، حينئذ يرحم الله العالم ويرسل رسوله الذي خلق كل الأشياء لأجله ، الذي سيأتي من الجنوب بقوة وسيبدد الأصنام وعبدة الأصنام .
وسينـزع من الشيطان سلطته على البشر وسيأتي برحمة الله لخلاص الذين يؤمنون به وسيكون من يؤمن بكلامه مباركاً "(126).