اعتبر دبلوماسيون مصريون أن قرار مصر فتح معبر رفح بشكل دائم هو قرار سيادي تم الإعلان عنه من طرف واحد دون الحاجة إلى غطاء إقليمي أو دولي، وشددوا على أن القرار يعبر عن توجه السياسية الخارجية المصرية بعد ثورة 25 يناير الذي ينحو باتجاه الاستقلالية وتصويب القرارات الخاطئة التي كبل بها النظام السابق الإرادة المصرية.
وكان وزير الخارجية المصري الدكتور نبيل العربي قد أعلن أن مصر ستفتح معبر رفح "بشكل كامل" من أجل تخفيف الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع، بعد نجاح القاهرة في إبرام اتفاق مصالحة بين حركتي التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
قرار سيادي
السفير محمد بسيوني سفير مصر الأسبق لدى إسرائيل قال إن قرار فتح المعبر أمر سيادي يخص الدولة المصرية ولا يخالف اتفاقية المعابر لعام 2005 بين السلطة الفلسطينية والاتحاد الأوروبي وإسرائيل برعاية أميركية التي تضع ضوابط لتشغيل البوابة الفلسطينية للمعبر وليس البوابة المصرية، مؤكدا أن مصر "تفتح المعبر بشكل دائم منذ شهر يونيو 2010".
ورفض بسيوني في تصريح للجزيرة نت الحديث عن تنسيق مصري إقليمي أو دولي قبل اتخاذ القرار باعتباره "شأنا سياديا"، كما رفض التصريحات الإسرائيلية "المستفزة" التي أعقبت تصريحات وزير الخارجية المصري، مؤكدا أن تشغيل المعبر كان وسيظل وفق الالتزامات المنوطة به كمنفذ لعبور الأشخاص وليس المعدات أو ما يردده الإسرائيليون بشأن إمكانية مرور أسلحة.
وتمنى بسيوني أن يفي الجانب الإسرائيلي بالالتزام الخاص به لتشغيل المعبر وفق الاتفاقية تحاشيا لاعتراضات أميركية أو أوروبية، موضحا أن اتفاق 2005 للمعابر الخاص بالبوابة الفلسطينية للمعبر يقضي بوجود عناصر أمن من الحرس الرئاسي الفلسطيني وعناصر إدارية من السلطة الفلسطينية ومراقبين أوروبيين (45 مراقبا)، لكنه شدد على أن مصر بإمكانها تشغيل البوابة المصرية للمعبر بشكل دائم حتى ولو لم تتوافر هذه المتطلبات.
وعن الرد الإسرائيلي، قال إنه ليس من حق إسرائيل فعل أي شيء لأن مصر تصرفت وتتصرف وفق القوانين والأعراف الدولية التي تعطيها السيادة على أراضيها وحدودها ومنافذها الحدودية، موضحا أن على إسرائيل أن تتقبل هذا الواقع وأن تشتغل بالأهم وهو التعاطي الإيجابي مع اليد العربية والفلسطينية الممدودة بالسلام.
وأشاد باتفاق المصالحة بين فتح وحماس، ووصف التصريحات الإسرائيلية المنتقدة له بأنها تقليدية ومكررة، وقال إن الاتفاق جاء نتاج جهد مصري متواصل منذ سنوات وليس وليد الأسبوعين الماضيين فقط، وإن المصالحة خطوة هامة على طريق الهدف الأكبر وهو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وحول ما تردد عن عزم مصر فتح مكتب لحماس على أراضيها، قال إن مصر تتعامل مع الشرعية الفلسطينية الممثلة في منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، وإن مصر لا تريد تكريس الانقسام.
التزامات مصرية
وبدوره أكد الدكتور عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق أن تصريحات وزير الخارجية بالفتح الدائم للمعبر جاءت بالتنسيق مع المجلس العسكري الذي يقود البلاد، مدللا على ذلك بتصريحات رئيس الأركان الفريق سامي عنان عبر صفحته على الفيسبوك التي حذر فيها إسرائيل من التدخل في هذا الملف وتأكيده أن فتح المعبر هو قرار مصري فلسطيني ليس لإسرائيل شأن به.
وأوضح الأشعل للجزيرة نت أن القرار اتخذ على أساسين، الأول سياسي ويتعلق بوجود نظام جديد بعد سقوط مبارك يدرك معنى السيادة على أرضه ويتفهم واجبه تجاه التزامه القومي مع الفلسطينيين، والثاني قانوني بعدم القدرة على الاستمرار في ارتكاب جريمة المشاركة في حصار شعب محتل بالمخالف يغلق و ينقل لسلة المهملات و المحذوفات و يهمل ة للاتفاقيات الدولية الموقعة عليها مصر مثل اتفاقية جنيف التي تلزم مصر باعتبارها دولة جوار لشعب محتل أن تساهم في تخفيف معاناته.
مصر فتحت المعبر التزاما باتفاقية جنيف الخاصة بمساعدة الشعب المحتل (الجزيرة نت)
وشدد الأشعل على أن إسرائيل لم تعد تمتلك ما تخيف به مصر سياسيا أو دبلوماسيا أو عسكريا ردا على فتح المعبر أو رعاية مصر للمصالحة بين فتح وحماس، وقال إن إسرائيل فقدت صديقها الوحيد في مصر وهو الرئيس المخلوع مبارك، ولا تستطيع أن ترهب أو تغري حكومة الثورة أو المجلس العسكري وكلاهما ملتزم بتحقيق رغبة الشعب المصري في مساندة حقيقية للفلسطينيين وقضيتهم العادلة.
وعن الرد الأميركي، قال إن واشنطن كشفت وجهها القبيح مبكرا بتهديد السلطة الفلسطينية بقطع المعونة بعد إبرام المصالحة مع حماس، موضحا أن أميركا غير مرتاحة للثورة المصرية وقلقة سواء من المجلس العسكري الحالي أو النظام السياسي القادم والرئيس الجديد.
وأكد أن الموقف الأميركي في التعامل مع الخطوات المصرية تجاه الفلسطينيين "سيكون المحك الحقيقي لاستمرار العلاقات مع مصر على أساس أن مصر دولة ذات سيادة أو توتر هذه العلاقات لفشلها في فهم حجم التغير الحادث في مصر بعد الثورة".