الجسم هو مستودع الطاقة البشرية، ومصدر القدرة الحركية التي تساهم في مجال الخير والبناء وإعمار الارض وإصلاحها.
فما من عمل يؤدّيه الاِنسان ـ سواء أكان تعبّدياً أم إصلاحياً وعمرانيّاً ـ إلاّ ويحتاج إلى قوة بدنيّة لممارسته، فالمصلّي والصائم والحاج والمجاهد والكاسب والمفكّر والتاجر والعامل والمُزارع والعالم وطالب العلم...إلخ، كلّهم يحتاجون إلى طاقة بدنية يصرفونها من أجل القيام بواجبهم وأداء دورهم، لأنّ الطاقة البدنية هي الأداة والوسيلة التي يحقّق بها الانسان غاياته وأهدافه.
والجسم هو مستودع هذه الطاقة ومصدر الحركة، بما يملك من أجهزة وأدوات مختلفة، كاليد والرجل والعين والأذن واللسان...إلخ.
فالله سبحانه وهب الجسم للانسان ليحقّق به أهدافه وغاياته في الحياة، وهو نعمة من نعم الله وخلق من خلقه، وُهب للانسان ليستخدمه في تنفيذ مقرّرات حياته وفق منهج الله الذي يحدّد تعامله مع الحياة، ويوضّح أُسلوب عيشه فيها، فقد خلق الجسم الانساني بشكل يتناسب مع الظروف والأوضاع الطبيعية المحيطة به.
قال تعالى:
(لَقَدْ خَلَقْنا الانسانَ في أَحْسَنِ تقْويم). (التين/4)
ويتلاءَم مع المسؤوليات البشرية الملقاة عليه، لذا كانت رعايته والحفاظ على صحته واجباً إنسانياً مقدّساً حثّ عليه القرآن الكريم وأكّد عليه بقوله:
(وَابْتغِ فيما آتاكَ اللهُ الدّارَ الآخرةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنيا). (القصص/77)
مِنْ أجل الحفاظ على نظامه الطبيعي واستمرار توازنه، الذي هو عبارة عن انتظام قوانين الطبيعة في كيان الجسم، وتوازنها مع ما حولها مِن قوانين الوجود الطبيعية.
وهذا الجسم هو آية في الابداع والتكوين والنشاط، يساهم التأمّل في نظامه والتفكّر في غرائب تكوينه، وبدائع صنعه، بفتح آفاق المعرفة، والتوجه إلى الله سبحانه وكشف أسرار الوجود، فيزداد الانسان إيماناً ومتعة في الحياة.
قال تعالى:
(فَلْيَنْظُرِ الانْسَانُ مِمَّ خُلِق). (الطارق/5)
(قُلْ هُوَ الَّذي أنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ والاَبْصارَ وَالأفْئِدَةَ قَليلاً مَا تَشْكُرونَ).(الملك/23)
[ 2 ]
(سَنُريهم آياتنا في الآفاق وَفي أنْفُسِهِمْ حَتّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ على كُلِّ شَيءٍ شَهيد). (فصّلت/53)
تمت اضافة هذا الدرس من قبل عضونا الكريم حميد 123 نشكره جزيل الشكر على المجهود المبذول