بسم الله الرحمن الرحيم
شرح حديث: إذا رأيتموه فصوموا
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا رأيتموه فصُوموا، وإذا رأيتموه فأفطِروا، فإن غُمَّ عليكم فاقدرُوا له))؛ متفق عليه[1].
يتعلق بهذا الحديث فوائد:
الفائدة الأولى: لا يجب صيامُ رمضان حتى يثبُتَ دخول الشهر، ويُحكَم بدخولِ شهر رمضان بواحدٍ من أمرين:
الأول: رؤية هلال شهر رمضان عقب غروب الشمس من يوم التاسع والعشرين من شهر شعبان؛ لهذا الحديث، ولقوله تعالى: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ [البقرة: 185]، ولا يشترط أن يراه كلُّ واحد بنفسه، بل إذا رآه من يثبُتُ بشهادته دخولُ الشهر، وجب الصوم على الجميع.
الثاني: إكمال شهرِ شعبانَ ثلاثين يومًا إذا لم يُرَ هلال رمضان، أو حال دون رؤيتِه غيمٌ أو غبار أو غيرهما، يدلُّ على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: ((فاقدروا له))، ومعناه: قدِّروا له تمام العددِ ثلاثين يومًا.
الفائدة الثانية: مَن انتقل من بلد إلى بلد آخرَ أثناء شهر رمضان، وبين البلدين اختلافٌ في بَدْءِ الصيام ونهايته، فحكمه حكم البلد الذي يوجد فيه أثناء دخول الشهر أو خروجه، على ألا يكون صيامه للشهر أقلَّ مِن تسعة وعشرين يومًا؛ لأن الشهر الهجريَّ لا يكون أقل من ذلك، فإن كان صيامُه أقلَّ كثَمَانٍ وعشرين يومًا، وجب عليه قضاء يوم ليَتِمَّ له شهرٌ تسعة وعشرون يومًا.
الفائدة الثالثة: إذا صام الناس ثمانيةً وعشرين يومًا من رمضان، ثم رأَوا هلال شوال، وثبت ذلك بالشهادةِ المعتبرة شرعًا، فإنه يلزمهم الإفطار؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: ((وإذا رأيتموه فأفطروا))، ولأن هذا يوم عيدٍ، وقد ثبت النهي عن صيام يوم العيد، ويجب عليهم قضاء يوم واحد.
[1] رواه البخاري 2/ 672 (1801)، ومسلم 2/ 759 (1080).