Time Online : 1d 14h 59m 25s عدد المشاركات : 94874أنــــــــــــا جنسي هو : أنا جنسيتي هي : احترام القوانين : الوسام الممنوح للعضو : : 136780012 29015
03.12.10 20:50
فرانس بواس والثقافة
تلقى “فرانز بواس” (Franz Boas) (1942- 1858) – وهو ألماني منحدر من عائلة يهودية ذات فكر ليبرالي – تعليمه العالي في جامعات ألمانية وبتخصصات متعددة، أولا في الفيزياء ثم الرياضيات والجغرافيا (كانت الجغرافيا في تلك الفترة غير منفصلة عن الفيزياء)، وفي الواقع هذا التخصص الأخير كما يقول “كوش” هو الذي حمله نحو الأنثروبولوجيا، ففي سنة 1884 – 1883 قام برحلة علمية إلى “بافيلاند” (أرض بافين)، مع جماعة من الجخرافيين لدراسة تأثير الوسط الفيزيائي على شعب الإسكيمو، فلاحظ بواس أن ما يحدد التنظيم المجتمعي هناك هو الثقافة وليس الوسط الفيزيائي، وبرجوعه إلى ألمانيا قرر تحويل اهتمامه مبدئيا نحو الأنثروبولوجيا[19]، وفي سنة 1886 سيعيد بواس الكرة برحلة ثانية إلى أمريكا الشمالية، ولكن في هذه المرة بخصوص أبحاث في حقل الإثنوغرافيا، وبالضبط حول هنود جهة الشمال الغربي في كولومبيا البريطانية، حيث ستدوم إقامته عند الكواكيوتل (Kwakiutl) والشنوك (Chinook)، وتسيمشيان (Tsimshian)، من 1886 إلى 1899، الأمر الذي سيدفعه سنة 1887 إلى اتخاذ القرار بشأن المكوث نهائيا بالولايات المتحدة والحصول نهائيا على الجنسية الأمريكية، ورغم أن بواس كان موسوعيا وأفاد عددا كثيرا من الأنثروبولوجيين الأمنريكيين الكلاسيكيين إلاأن لم ينشر سوى كتابا أو ثلاثة، ولكن أعطى ما لديه على صعيد المقالات، ولم يحرز أحد غير بواس هذا الامتياز[20].
وأهــم مؤلفـاتــه :
- ذهن الإنسان البدائي (1911)
- الفن البدائي (1927)
- الأنثروبولوجيا والحياة العصرية (1928)
- الأنثروبولوجيا العامة (1938)
ولكن أعماله الهامة جمعت في بضع مئات من مذكراته ومقالاته التي ظهرت في نطاق مكتب الإثنوغرافيا الأمريكي، و “متحف التاريخ الطبيعي الوطني”، وهي :”الإسكيمو الوسطى” (1888)/ “التنظيم المجتمعي والجمعيات السرية عند هنود كوكيوتل (1897)/ “اسكيمو بافلاند وخليج هيدسون / ميثولوجيا التسيمشيان في كندا / قواعد الإثنوغرافيا / الارتقاء التطوري والارتقاء المقارن، وقد جمع بواس أهم هذه المنشورات تحت العنوان التالي: (Race; langage and cultur 1940 ) (سلالة ولغة وثقافة)[21].
إن جل أعمال بواس كانت محاولة للتفكير في الاختلاف (La Différence) فبالنسبة إليه الاختلاف الأساسي بين الجماعات الإنسانية هو في النظام (Ordre) الثقافي، وليس العرقي، إذ الإدعاءات العرقية ليست ثتبتة ولا توجد خصائص عرقية غير قابلة للتبدل (Immuable)، وبالتالي لا توجد إمكانية لتحديد “العرق” بدقة (لا يوجد عرق حالص)، ومن جهة أخرى يبين بواس سخافة الفكرة التي تحكم عصره والمضمرة في مفهوم العرق بربطه بين الإسهامات الفيزيائية والإسهامات الذهنية[22]، وللتعارض مع فكرة “الغرق” يتبنى بواس مفهوم الثقافة، الذي يبدو له أكثر مطابقة للتنوع الإنساني، وبهذا تتجسد فرضية بواس الجوهرية في أن الثقافة هي التي تشكلنا وليس البيولوجيا، إننا نغدو ما نحن عليه من خلال نمونا في إطار ثقافي معين ولا نولد على هذه الشاكلة، فالعرق والجنس، وأيضا العمر، هي تركيبات ثقافية، وليست ظروفا طبيعة غير قابلة للتغيير[23].
إن الاختلاف بين البدائيين والمتحضرين لا يوجد في الطبيعة (البيولوجية)، وإنما الاختلافات هي فقط على صعيد ما هو ثقافي، أي على ما هو مكتسب وليس فطري[24].
وعلى عكس تايلور الذي صنع تعريفا للثقافة بواس يقترح كهدف دراسة الثقافات، وليس الثقافة بالمفرد (La culture)، وبالنسبة إليه لا تملك إلا أملا قليلا لاكتشاف القوانين الكلية لاشتغال المجتمعات والثقافات الإنسانية، ناهيك عن القوانين العامة لتطور الثقافات في نقده الجدري للمنهج التطوري التحقيقي، الذي يتأسس حول إعادة بناء المراحل المختلفة لتطور الثقافة، انطلاقا من أصول مزعومة[25].
إن هناك ثقافة وكل تقافة تقدم كلية فردية (Un Totalité Singuliére)، وعلى مجهودات الباطنين أن تنصبا حول هذا الذي يوحد وليس فقط وصف الأفعال (Les Faites) الثقافية، بل – وهذا هو المهم – ربط المجموع بعضا ببعض، فالعادات الخاصة لا يمكن تفسيرها دون ربطها بالسياق الثقافي[26].
إن كل ثقافة، حسب بواس، تمنح أسلوب (Style) خاص، يعبر عنه عبر اللغة، والاعتقادات والعادات، والفن أيضا وليس وحده فقط، …الخ، هذا الأسلوب الخاص في كل ثقافة، هو فكر خاص يوجد في كل ثقافة ويؤثر في سلوك الأفراد، وبالتالي فمهمة الإثنولوجي، كما يقول بواس هي تفسير الرابط الذي يربط الفرد بثقافته، هذه الثقافة التي تسم سلوكات الأفراد وتطبعها بميسمها[27].
خلاصات:
بعد هذا التجول السريع في البساتين الفكرية لهؤلاء الأنثروبولوجيين يمكننا أن نمسك بالعبير الذي يوحد رائحة أفكارهم، إنهم يتفقون: أولا: على أن الثقافة كمفهوم لا وجود لها في الميدان، وإنما الموجود هو المنتوج، هو السلوكات الفردية، كما لا يمكن القول إن مفهوم الإنسان يمكن الإمساك به واقعيا، وإنما الموجود هو زيد وعمرو ومصطفى…ثانيا: اتفاقهم على أن الثقافي يقابل ما هو طبيعي، بل ولا ينتج ما هو ثقافي إلا في قطعه مع ما هو طبيعي، وبالتالي تكون الثقافة عندهم هي المساعي التي يقدمها الإنسان ليقطع مع ما هو طبيعي فيه، إلا أن المشارب التي استقى منها كل منهم فكره طبعت الاختلاف الحاصل بينهم في طريقة تناول المنتوجات الثقافية، ف”لويس مورجان” مثلا، بتأثره العميق بالنظرية الداروينية التي كانت البراديغم العلمي في زمانه، سعى إلى محاكاته في تناوله للمنتوجات الثقافية والقول بالارتقاء الثقافي (تكييفا مع المشاكل والمتغيرات) على غرار الارتقاء البيولوجي، ونفس الشيء مع تايلور مع اختلاف بسيط هو تأثره بالإثنولوجيين الألمان.
أما بواس فقد سعى انطلاقا من ما تعرض إليه من العنصرية ضد السامية في ألمانيا النازية إلى إبراز الاختلاف بين ما هو ثقافي وما هو عرقي، وأن الاختلاف هو نتاج لما هو ثقافي لا ما هو عرقي.
ومما يلاحظ أن هذا الاتفاق الذي حصل بين هؤلاء الإنثروبولوجيين الذين أقحمناهم في عرضنا يحصل على صعيد أنثروبولوجيين آخرين، فها هو “راد كليف براون” يشكك في كل حديث عن الثقافة، حينما أشار إلى “أننا لا نلاحظ ثقافة، نظرا إلى أن تلك الكلمة لا تدل على أي واقع ملموس، بل تدل على تجريد، واستخدامها الشائع تجريد منهم”[28].
ونفس الفكرة تطرحها “مرغريت ميد”-التلميذة المباشرة لبواس إلى جانب “إدوار سايير” و “روت بنديكت”- الذين طوروا فكر أستاذهم ومدرسته- حين تقرر أن الثقافة هي تجريد (Abstraction)، وتعقب، “لكيلا أقول أنها وهم (illution)، فما نجده هو أفراد يخلقون الثقافة، ينقلونها، ويحولونها، والأنثروبولوجي لن يستطيع ملاحظة الثقافة في الميدان، بل ما سيراه لن يكون سوى سلوكات فردية.
وهي الخلاصة نفسها التي ينتهي إليها أيضا “آدم كروبر” في قوله: “كلما أمعن المرء النظر في أفضل عمل حديث للأنثروبولوجيين بشأن الثقافة بدا أنه من الأصوب أن نتجنب تماما اللفظة المفرطة في المرجعية، وأن نتحدث عن نحو أكثر دقة عن المعارف، أو الاعتقاد، أو الفن، أو التكنولوجيا، أو التقاليد، أو حتى الإيديولوجيا[29].
وعموما، يتفق سائر الأنثروبولوجيين بشأن ما ينطوي عليه مصطلح “الثقافة” وفق استخدامهم، حيث الثقافة هي أساسا مسألة تتعلق بالمنتوجات الإنسانية، بل ويتم تطوير هذه الفكرة أكثر مع الأنثروبولوجيين الثقافيين الأمريكيين حين يرون في الثقافة تنظيما جمعيا للفكر، إذ يعبر عن القيم والكون والفضيلة والجمال بالرموز، لتغدو الثقافة نظاما رمزيا بامتياز، وهذا ما يبدو بوضوح لدى “تالكوت بارسونز” حينما يقول إن البشر يبنون عالما من الرموز الكاتب:محمد الناجي
الكود:SELECT CONTENT
AsiArtiste مشرفة عامة
عدد المشاركات : 509أنــــــــــــا جنسي هو : أنا جنسيتي هي : احترام القوانين : الوسام الممنوح للعضو : : 49462334 5103
05.12.10 22:54
:00112020:
>>> يا زائر اذا اردت مراسلة الادارة بأمر خاص أو استفسار او طلب او شكوى او اقتراح أو تبليغ عن مخالفة او غيرها <<< اظغط هنا
الكود:SELECT CONTENT
admin
Time Online : 1d 14h 59m 25s عدد المشاركات : 94874أنــــــــــــا جنسي هو : أنا جنسيتي هي : احترام القوانين : الوسام الممنوح للعضو : : 136780012 29015
06.12.10 11:28
شكرا للمرور العطر
الكود:SELECT CONTENT
???? زائر
26.07.12 1:46
شكرا
الكود:SELECT CONTENT
admin
Time Online : 1d 14h 59m 25s عدد المشاركات : 94874أنــــــــــــا جنسي هو : أنا جنسيتي هي : احترام القوانين : الوسام الممنوح للعضو : : 136780012 29015