الخشوع فى الصلاة
ان القرآن الكريم يقدم الحل
لهذا المشكلة الهامة، وذلك من خلال ما جاءت به أوائل سورة "المؤمنون". فلقد
قال الله تعإلى "قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي
صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ"
(المؤمنون 2-5)
نعم، إن حالة الخشوع يمكن أن تتحقق للمصلي، كما يمكن ان
يستشعر بلذة عظيمة في إحدى الصلوات، ولكن بعد ذلك قد تطرأ عليه حالة من
البرود تجعله لا يقبل على الصلاة التي تليها بنفس الطريقة. فما السبب يا
ترى؟
ليس السبب إلا أن الشخص ينصرف بعد صلاته إلى اللغو واللهو فيغتال
ذلك الخشوع الذي تحقق له في صلاته السابقة. لقد ذكر الله تعإلى بعد الخشوع
"وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ".. أي لا بد لمن استشعر
بالخشوع أن يحمل هذا الخشوع في داخله ويتركه متوقدا إلى أن يأتي موعد
الصلاة التالية فيدخل فيه من جديد. وبهذه الطريقة فقط يمكن أن يخطو الخطوة
الأولى نحو المحافظة على صلاته.
إن الآيات الأولى من سورة المؤمنين ترتب
المراحل التي يجب على المؤمن أن يسلكها كي يصل إلى المحافظة الكاملة على
صلاته وهي بعد ترك اللغو والإعراض عنه ما يلي:
(وَالَّذِينَ هُمْ
لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ....
وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ... ثم يقول
تعالى:وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ" (المؤمنون 10)
أي
أن المحافظة الكاملة على الصلاة لا تتحقق إلا بترك اللغو واللهو والإعراض
عنه، ثم أداء الزكاة والصدقات، ثم حفظ الفرج الذي يبدأ من غض البصر، ثم
الالتزام بالأمانة التامة ومراعاة العهود، فبهذا يصبح الإنسان محافظا على
صلاته.
أن مسألة خلق الحالة الروحانية في المؤمن تماثل عملية خلق
الجنين في رحم أمه. وقد ذكرت سورة المؤمنين مسألة خلق الحالة الروحانية
أولا، والتي تكون المحافظة على الصلاة على أكمل وجه أبرز وجوهها، ثم ذكر
مسألة خلق الإنسان من نطفة ثم علقة ثم مضغة إلى اكتمال الجنين. وفي هذا
إشارة إلى المماثلة بين الأمرين.
يمكنك التدبر في أوائل سورة المؤمنين
بالأخذ بعين الاعتبار تلك المماثلة عسى أن يفتح الله عليك لرؤية الكثير مما
فيها جوانب جميلة. وفقك الله.
من تعاليم الامام المهدى والمسيح الموعود علية السلام