دروس الموسيقى لا تحسن القدرات الموسيقية فقط، وإنما تحسن الملكة اللغوية لدى الأطفال أيضا. هذا ما تظهره دراسة علمية أجراها باحثون كنديون لأطفال تتراوح أعمارهم بين أربع وست سنوات، باستخدام اختبارات خاصة للذكاء.
نشر الباحث الكندي سلفاين مورينو نتائج دراسة أجراها مؤخرا مع فريقه من معهد روتمان للأبحاث في جامعة أونتاريو الكندية جاء فيها أن تأثير درس الموسيقى لا يقتصر على تطوير القدرات الموسيقية والفنية عند الاطفال فقط، وإنما ينمي الملكة اللغوية عندهم أيضا.
وأجرى الباحث الكندي وفريقه، اختبارات ذكاء لـ 48 طفلا تتراوح أعمارهم مابين أربع إلى ست سنوات، وذلك تحت إشراف مدرس مختص، وبمساعدة برنامج تعليم خاص.
وتم تدريب نصف المجموعة، أي 24 طفلا، لأسابيع عدة، على إيقاعات وألحان معينة، كما تم وضعهم في أجواء موسيقية مختلفة، فيما تم تدريب النصف الآخر من المجموعة على فنون أخرى مثل الرسم، باستثناء الموسيقى. وفي نهاية فترة التدريب خضع أطفال المجموعتين لاختبارات الفريق البحثي، الذي نشر نتيجة الدراسة على الموقع الالكتروني للدورية المتخصصة "العلوم النفسية".
"عامل موزارت"
وأظهرت الاختبارات أن مجموعة الموسيقى حققت نتائج أفضل بشكل واضح من نتائج المجموعة الأخرى، فكان ذلك التأثير للموسيقى "مفاجأة"، حسب تعبير عالم الأعصاب مورينو، إذ أن أكثر من 90 بالمائة من الأطفال في مجموعة الموسيقى (22 طفلا) أظهروا تحسنا واضحا في القدرات اللغوية، بموجب الاختبار الثاني الذي أجري لهم بعد انتهاء الفترة التدريبية. فيما لم تشهد المجموعة الأخرى أي تحسن يذكر على صعيد القدرات اللغوية، بعد انتهاء فترة التدريب على الرسم والتشكيل.
ولكن هذا لا يعني أن الفنون التشكيلية لا تساهم في تطوير قدرات للأطفال، إذ أن هناك أدلة موجودة تم اثباتها في دراسات سابقة، تفيد بأن الرسوم وتشكيل المجسمات تحسن من القدرات الحركية والبصرية للأطفال.
وفي مشروع بحثي مواز يجري في جامعة مونستر الألمانية تطبيق فكرة مشابهة تقوم على مساعدة أطفال دون سن السادسة، من أجل تحسين قدراتهم اللغوية عبر التمارين الموسيقية. ورغم أن المشروع مفتوح للجميع، إلا أن القائمين عليه يولون أهمية خاصة للأطفال الذين يتكلمون بأكثر من لغة أم. ويدرس الباحثون في الجامعة باستمرار تطور القدرات اللغوية للأطفال.
وتثير العلاقة بين الموسيقى والقدرات اللغوية والعقلية للأطفال اهتماما كبيرا لدى الكثير من العلماء والآباء، منذ أن أعلن عالم النفس فرانسيس راوشر، في دورية "الطبيعة" عام 1993، أن الأطفال الذين استمعوا لموزارت قبل عمل واجباتهم المدرسية ينجزونها بصورة أفضل. ومنذ ذلك التاريخ عرف هذا الأمر بـ "عامل موزارت".