الحمد لله كاشف البلاء , باسط الأرض ورافع السماء , خلق الخلق واختار منهم أصفياء .
يحبهم ويحبونه . فباعد بينهم وبين أعمال الأشقياء , فتقبل منهم أحسن ما عملوا وتجاوز عن سيئاتهم
يوم اللقاء .
وسبحان من خلق الجنة وجعلها للمتقين داراً , وخلق النّار وجعلها للأشرار قراراً .
وألهم قلوب الأبرار أن يلتمسوا من سبل الهدى أنواراً , فتكشفت لهم حجب الأستار ,
فأبصروا من النور أسرار . نالوا بها رضا العزيز الغفّار , فسلكوا طريق الجنّات وفازوا بعلا الدرجات .
فتولى ربهم أمرهم في الحياة وبعد الممات .
" نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة "
أما بعد أحبتي في الله
والله إني أحبكم في الله .
:
:
:
إن موضوعنا اليوم موضوع لطالما وددت أن أطرحه عليكم , إنه موضوع يمس كل مسلم .
غنيّه وفقيره , قويه وضعيفه , صحيحه ومريضه , تقيه وعاصيه .
موضوع يمس قلبك بل ويتجاوز قلبك ويصل إلي سويداء قلبك .
موضوع بمجرد ذكره يفيض الدمع من العيون , ويخشع القلب وتتأرق الجفون .
موضوعي بعنوان
:
" يا نفس كُفِّي عن العصيان "
والله ثم والله لو ذكرت تلك الجملة بمفردها في الموضوع لكفته . ولكن في الزيادة إفادة .
في ذلك الموضوع لا أخاطبك أنت ولا أنتي أختي الفاضلة , ولكن أخاطب نفسك ونفسكِ .
خطابي موجه في المرتبة الأولى لقلبك ثم عقلك , أخاطب فيه قلبك وتلك الأمارة بالسوء والفحشاء أخاطب فيه " النّفس " .
ولا تعجل عليّ ولا تسرع في الرد والقراءة وتمهل وأعرض كل كلمة على نفسك لا أود أن أطيل هيا أعطني نفسك .
أيتها النفس التي غلقت الأبواب , وأوصدت النوافذ وأرخت الستائر وتأكدت من أنه لا عين تراها .
وتجرأت وعصت الإله وانتهكت حرماته وبارزت ربها بالمعصية .
حاربته وجها لوجه . وتلذذت بعصيانه , ولم تخاف عقابه . ولم تدري أنه مطّلع عليها .فحاربته بالشهوات وغرقت في بحور المعاصي .
ولم تكترث لغضبه ولا لنظره لها . وكان كل همها أن تخفي الذنب عن الخلق غير مهتمة بخالق الخلق .
أيتها النفس بماذا شعرت بعد أن انتهيتي من المعصية , وماذا تشعري ماذا ينتابك ؟ .
هل ينتابك الشعور بالفرح والفخر والزهو لأنك عصيت الإله ؟
أم ينتابك نشوة المعصية ولذة الشهوة ؟
بماذا كنت تشعرين حينما كنت تطلعين على ما حرمه الله , وجهاز الريموت بيدك والكمبيوتر أمام عينيك .
أما فكرت يوماً ولو للحظة أنك ممكن أن تموتين وأنت تعصيه ؟
يا نفس أما آن لكِ أن تقلعي عن معصية الله في السر , ومراقبة الخلق .
خافي يا نفس من عقاب الله وعذابه .
وأنت أيتها النفس التي ذهبت هنا وهنالك لكي تجمع المال من أي طريق حلال كان أم حرام , ولكنه في الغالب يقع في نصاب الحرام .
يا من قبلت الرشوة وقبلت التعامل بالربا ورضيت أن تأكلي في بطنك ناراً.
وغضبت واعترضت على رزق الله لك . ومددت يدك للحرام مع انك لو صبرتِ لأتاك بالحلال .ولكنك كنت
تبرري لنفسك المعصية والكبيرة .
بقولك " هو أنا لوحدي " , " الناس كلها كده "
بررتيها لنفسك وخدعك شيطانك . ورضيتي أن تطعمي أولادك من الحرام أما خفت يوما أن تموتي وأنت
ترتشي أو ترابي أما كان عذاب الله وعقابه و وعيده لآكل الربا والسارق أن يردعك ويكون واعظ خير فيك .
أأنت تستطيع أن تحارب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ؟
أما تعلم أنك ستسأل عن مالك من أين جمعته وفيما أنفقته ؟
فماذا تقول لربك جمعته من حرام وأنفقتهِ في حرام ؟
ما تصورك لنظر الله لك آن ذاك .
أما آن لك أن تنفض يدك من هذا العفن الزائل وهذا المتاع المحرم الفاني .
وأن ترضى بما قسمه الله لك .
يا أيتها النفس التي مشت بقدميها في طريق الحرام طريق مظلم في ظلمات الليل ودخلتي إلي شقة مظلمة
وإلي غرفة حمراء ونظرت إلي امرأة عارية وأثارت هذه النظرات شهواتك فتجردت من ملابسك وأغلقت الأنوار ,و........
و وقعت في الزنا وجامعت امرأة لا تحل لك , وبارزت ربك بتلك الكبيرة , أيتها النفس أما استحييتي من الله ربك .
ماذا شعرتي بعد الفراغ من تلك المعصية وتلك اللذة المحرمة والشهوة المدمرة , أما فكرتي يوما في دخولك القبر , أما فكرت يوما في عذابك داخل قبرك .
أيها الواقع في الزنا هل تعرف ما هو عقابك في قبرك . اقرأ معي .
قال لنا ( النبي صلى الله عليه وسلم ) ذات غداة : " إنه أتاني الليلة آتيان ، وإنهما قالا لي انطلق ، وإني انطلقت معهما ، . . . ، فانطلقنا فأتينا على مثل التنور فأحسب أنه قال فإذا فيه لغط وأصوات ، فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة ،
وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضئوا ، قلت ما هؤلاء ؟ قالا لي : انطلق انطلق ، . . . ، إلى أن قال : فإني رأيت الليلة عجباً ؟ فما هذا الذي رأيت ؟ قالا لي : أما إنا سنخبرك : إلى أن قال :
وأما الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل التنور فإنهم الزناة والزواني وهذا هو مصيرهم في القبور إلى قيام الساعة ، والساعة أدهى وأمرّ .
هذا عذابك في القبر .
هل أنت تستطيع تحمله , يا من حرّكتك غريزتك الحيوانية وسرت كالبهائم يود أن يفرغ الشهوة في أي مكان وفي أي موضع .
أين كرامتك التي كرّمك الله بها عن سائر المخلوقات التي كل همها التكاثر فقط , أتدري ما هو مصيرك
إن لم يكتب لك الله التوبة , أتدري ما مصيرك إن توفاك الله على تلك الحالة حالة الزنا .
لأ أنت تدري وتعلم تمام المعرفة .
تدري ما عقابك إنها " النار "
هل تقدر عليها , أما يبث عصيانك لربك وجرأتك عليه أن ترجع وتتوب عن تلك الكبيرة قبل أن تموت ويفوت الوقت .
ملحوظة لك أيها الغافل
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
" إن الله كتب على ابن ادم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فالعين تزني وزناها النظر واليد تزني وزناها اللمس والرجل تزني وزناها الخطى واللسان يزني وزناها المنطق والفم يزني وزناه القبل والنفس تمنى وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه "
فمن أي صنف أنت ؟؟؟
وأنت أيتها النفس التي نزلت إلي الشارة كاسية عارية ساقطة مائلة مميلة ,
متبرجة متعطرة بعطِر الزنا .
يا من تجردت من كل عرق من عروق الحياء ومن كل أصل من أصول السترة والعفة .
يا من تفرحي بكلام الشباب الساقط التافه الذي يلقيك بقذائف من الكلام القبيح .
هل هذا الشكل والمظهر الذي إن أطّلع الله عليكِ يفرح ويفخر بك , أرضيت أن يقع عليكِ قول النبي
" كاسيات عاريات "
هل هذه أنت , يا ابنة الإسلام .
يا بنت عائشة وخديجة والزهراء .
هل أنت بشكلك هذا تستحقين مرافقة هؤلاء الكبار الأعلام .
أم ترافقين من بكلامك ومكياجك ولبسك تقتدين بهم يا من ارتضت أن يطّلع عليها الناس وهي تكاد تكون عارية .
أين حياؤك من الله أو من رسول الله أو من أبيك أو من نفسك يا أختاه .
يا من إلي فوق السيقان تشمرين بربك أي نهر تعبرين .
متى يا أختاه سترتدين ثوب العفة .
متى
الأجل قريب وغير معلوم لنا .
متى يا ابنة الإسلام
:
:وأنت أيتها النفس التي دفعتِ اللسان دفعاً لكي يتفوه بما حرم الله لكي يكذب ولكي ينم ويغتاب وينافق ويسب .
أما تخافي من عقاب الله أيتها النفس , أما تخاف من الملكين الذي هم يراقبونك في كل ثكنة وحركة
وهمسة .يكتبون كل تقوله يكتبون الكذبة أو الكذب الذي تعود لسانك عليه , ويضعوا في صحيفتك النميمة
والغيبة , ويُقِّروا في كتابهم نفاقك وسبابك .
أما تخاف من عقاب الله , أما تخاف من عقوبة كثرة كذبك أن تكتب عند الله كذاباً
أن يقول الله هذا العبد كذاب , ثبّت على نفسك اللقب .
وأنت يا من تلقي الناس بالتهم والبهتان أما تخاف من عقاب ربك ومولاك .
أما تخشى أن تأت يوم القيامة وأنت تأكل لحم من كنت تغتابه أو تنم عليه .
ويا أيتها النفس التي تتلفظ بالشتائم والسباب كل هذا مدون عند الله وفي كتبه وستحاسبين عليه .
أما تخافي يوما تشهد فيه قدمك ورجلك وجوارحك على لسانك بأنه قال كذب ونافق ونمّ واغتاب وسب .
يا أيتها النفس التي استخدمت السمع في سماع ما حرّم الله من أغاني وأفلام وموسيقى وكذب ونميمة ,
يا من كنت تستمتع وأنت تستمع لأغنية للمطرب الفلاني التافه , وتدندن معها بل وتحفظها عن ظهر قلب ,
وكنت تسارع لكي تنزل على جهازك آخر ما غنّاه المطرب وتنزله وتعطيه لأصحابك تسارع لكي تحمل
أحدث ما نزله الفنانين والفنانات الساقطين والساقطات .
أما ترى أنك تسمع في أذنك ناراً , ستسعر بها يوم القيامة إن لم تتب إلي الله .
سيقول لك ربي أتركت القرآن وكلامي واستمعت لكلام الأغاني وللهو الحديث والمعازف .
وكل ما يبغضه ربك ماذا تقول له إن بعثت إليه وأنت تستمع
إلي أغنية من الأغاني أو إلي فيلم , والأعجب انك تعرف أنها حرام ومصر على السماع ولكن بكل جرأة
وكبر تسمعها وتبارز ربك بالمعصية .
أما تخاف من عقاب الله لك في الدنيا قبل الآخرة .
أما تخاف من عذاب القبر .
أما آن لك أن تنتهي .
وأنت أيتها النفس
يا من شهدت شهادة الزور , وأقسمت يميناً غموس يغمسك في نار جهنم , واستبحت هذه الحرمة
وظلمت من له الحق , وأقسمت بأنكِ صادقة وأنتِ تعلمين انكش كاذبة خاطئة .
بل وقبضت ثمن كذبك , أما تخشي الله أما يكفيك تلك القصص التي تسمعيها عن سوء خاتمة من يشهد الزور
بل أما يخيفك كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال النبي صلى الله عليه و سلم : " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ( ثلاثاً ) ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال :
الإشراك بالله و عقوق الوالدين و جلس وكان متكئاً فقال : ألا و قول الزور " قال : فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت "
" من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"
أما تخافي من عقاب الله وعذابه الشديد يوم القيامة
وأنتِ أيتها النفس يا من استخدمت علمك لتضل الناس عن سبيل الله ويا من بخلت على الناس بعلمك الذي علمك إياه ربك
ويا من دلّست في قولك مخافة حاكم أو والي أو متكبر , وقلت غير الحق لكي ترضيه
أما كان ربك أولى أن تخافه وترضيه ؟
أنت أيها العالم الذي شهد الله لك أنك من أكثر الناس خشية له
أما استحييت وأنت تقول بفمك غير الحق , وتفتي الناس بما لم يأتي به الله ورسوله
وأنت يا من غرك علمك وظننت انه لا عالم إلا انت
انت العالم العلامة الحبر الفهامة المفهم الملقن الثقة الثبت
أما تدري أن الله الذي وهبك العلم بقادر على انتزاعه منك رغم أنفك
لما تتكبر على الناس لما تشعرهم انك الحبر الوحيد في زمانك
يا من تنصح الناس وتنسى نفسك التي بين جنبيك
تقول لهم لا تعصوا الله وأنت تعصيه ليلاً ونهاراً
أم تخافون من عقاب الله , أما تخاف أن تلقى في النار تصديقاً لحديث النبي
أم تخشى الناااااااااار ولهيبها
وأنت أيتها النفس التي أتاها الله المنصب والكرسي والمكانة
ولكنك استخدمت هذه الأشياء في ذل العباد وفي إذلال الرقاب لا لتذليل الصعاب
استخدمته لتجمع المال من الحرام ولتظلم من تشاء وتجامل من تحب .
أنسيت أن الذي أتاك كل هذا قادر على أن يسلبه منك
أنسيت انه لو دام لغيرك لما وصل إليك
أما تعلم أنك ستسأل أمام الله ع هذا المنصب إن كنت إمام او حاكم او مدير او مسئول سيسألك ربك
أين العدل والحق الذي أمرتك به ؟
ثم هل نسيت من تظلمه
أما تعرف قدر دعوة المظلوم الذي قال فيها ربك في الحديث
" وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين "
أما تخاف من أن يقتص الله منك
أين العدل والحق
أم أنك لا تعرف إلا الظلم ؟
وأنت أيتها النفس يا من سمعت نداء الله ينادي
" حي على الصلاة "
ولكنك قلت لا لن اصلي واستكبرت على الله
ورفضت دعوة الله لكِ , أما تستحيي وأنت ترفضي دعوة الله
لقد دعاكِ لبيته ولكي تقفي أمامه
ثم أنتِ بحقارتك وضآلتك ترفضين
هههههههههه
أف لكِ أيتها النفس
ترفضين أن تقفي بين يدي الملك
أما تدري أن أول ما يحاسب عليه المرء هو الصلاة
فبماذا تجيبي على الله حينما يسألك
دعوتك إلي بيتي فلم تلبي ؟
بماذا الإجابة
فضّلت عليه ما هو خالقه لك , وعشقت ما رزقك به .
وتركت فرض الله وأمره
فهل تدخلين الجنة أم النار ؟
لا مجال للتفكير قم إلي الله تائباً
قم من تلك الغفلة
وأنت أيتها النفس التي تفرطين في حق الله وفي حق عباده
من بر للوالدين تضيعينه , وصلة للرحم تقطعيها , وبعد عن منهج الرسول صلى الله عليه وسلم وعن طاعة الله , وعن تقصير في الطاعات وإتيانك للمعاصي والذنوب .
يا من تهاونتي في حق الله ورسوله ورفضتي ما أتى به محمد صلى الإله عليه وسلم
يا من أعرضتي عن الحق بعدما عرفتيه أما آن لكِ أن تعودي
أما آن لكِ أن تعوضي ما فاتك
بعد أن قدّمت لك تلك المعاصي التي ارتكبتها وسقت لك بعض الامثلة والنماذج على سبيل المثال لا الحصر .
بعد أن أعطيتك نماذج تقع فيها نفوس الكثيرين من
" معصية الله , ترك الصلاة , الزنا , أكل الحرام , قطع الرحم , عدم بر الوالدين , شهادة الزور , عدم العمل بالعلم , ..... الخ "
بعد كل هذه المعاااااصي
أما آن لكِ أيتها النفس أن تتوبي
أم رق لهذا الحديث قلبك , أما آن الآوان لكي ترفعي شعار
" تبت إليك يا ربي "
يا نفس إن العمر قصير
وإن عذاب الله شديد ونعيمه جميل مغري
فلماذا ترضى بالعذاب وتأبى النعيم في الجنة
أما تستحق الجنة الجنة الجنة أن تصبري على تلك الشهوات والمعاصي والملذات .
" يا نفس كُفِّي عن العصيان "
أريدك أخي الكريم وأختي الفاضلة
أن تردد تلك الكلمة بقلبك أريدك أن تجعلها عهد عليك
وقرار لا رجعة فيه
" تبت إليك ربي "
حجّم نفسك برباط التقوى والطاعة , وقيد شيطانك بسلاسل الإيمان والصبر .
أسألك سؤال بعد كل هذا
" هــــــــــــتــــــــوب إمتى "
متى ستتوب
متى ستكف عن العصيان
دقات العمر محدودة ومعدودة
فرصة الليلة إن رق قلبك وخشعت جوارحك
أن تقوم لله في جوف الليل وتركع له ركعتان
تسأله فيهم التوبة والهداية والمغفرة
بالله عليك تتوب الآن
أستحلفك بالله تتوب
قبل أن يطبع الله على قلبك ولا تستطيع أن تتوب
فرصة باب التوبة مفتوح
بالله تتوب
انتهى كلامي ومعذرة للإطالة ولكن الموضوع كما قلت له مكانة في كل مسلم ومسلمة
هذا وما كان من توفيق فمن الله وحده
وما كان من خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان
وأعوذ بالله أن أكون جسراً تعبرون به إلي الجنة ويلقى به في جهنم
وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته