داع تسمية صلح الحديبية تمّ صلح الحديبية في موقع قريب من مكّة المكرّمة، يُصرح له: الحديبية؛ ولذلك سمّي هذا الصلح بصلح الحديبية؛ نسبة إلى هذه المساحة.[١] داع حدوث صلح الحديبية في السنة السادسة للهجّرة كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه -وافق الله عنهم- في المدينة المنورة؛ وفي ذلك الحين رأى النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- في منامه أن يدخل المسجد الحرام، وعندما قصّ رؤياه على أصحابه عرفوا أن هذا دلالة لتوجههم إلى شعيرة العمرة، ففرحوا ابتهاجاً صارماً بتلك الرؤيا؛ حيث كانوا في أقوىّ الشّوق والحنين لبلدهم مكّةالمكرّمة الذين أُخرِجوا منها عنوةً.[١] خرج النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- مع أصحابه، وقد كان معه من نسائه أمّ سلمة وافق الله عنها، وحملوا معهم سلاحاً استعداداً لأيّة حركة من قِلكن قريش، في خلال الطريق بعث النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- من يتحرّى له أخر أحداث في قريش، فجاءه النبأ أنّهم يستعدّون لمنعهم من الدخول إلى مكّة، فاستشار النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أصحابه بذلك الشأن، فأشار عليه أبو بكر الصّديق -وافق الله عنه- بمواصلة المسير لأداء شعيرة العمرة والطّواف بالبيت الحرام.[١] ألحق النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- مسيره مع أصحابه، وعندما اقتربوا من الحديبية بركت ناقة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وامتنعت عن إتمام السير، فعرف النبيّ أنّها مأمورة بهذا من ربّ العالمين، فنزل النبيّ بالحديبية وأرسل عثمان بن عفّان إلى قريش؛ ليخبرهم أنّهم جاؤوا معتمرين ولم يجيئوا لقتال، وليبشّر المسلمين في مكّة المكرّمة بالفتح والنصر، بلّ قريشاً حبست عثمان بن عفّان، وشاع مقتله بين الصحابة، فعقد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- مع صحابته بيعةً سُميّت بيعة الرضوان أو بيعة الشّجرة؛ حيث عقدوها تحت شجرة، تعاهدوا فيها على عدم الفرار، وفي هذه الأثناء بعثت قريش بعض رجالاتها للتفاوض مع النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه، وبعد أخذٍ وردّ بين الطرفين توصّلوا إلى اتفاق وصلح بين الطرفين، بات معروفاً باسم صلح الحديبية، ووضعوا له بنوداً للالتزام بها.[١] بنود صلح الحديبية كان هناك بعض المحددات والقواعد والبنود التي اتفق عليها الطرفان عندما عقدوا الصلح؛ وهي:[٢] عودة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه إلى المدينة وعدم دخولهم مكّة هذا العام، على أن يعودوا في العام القادم بسلاح الراكب، ويقضوا عمرتهم ويقيموا في مكّة ثلاثة أيام دون أن يتعرّض لهم أحد من قريش.[٣] عقد هُدنة ووضع الحرب مدّة عشر أعوام، ولا يتعرّض فيها أحد لأحد. الذّاهب إلى قريش من المسلمين لا يُرَدّ إليهم، والذّاهب إلى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من قريش فإنه يُرَدّ إليها. الدّاخل في عقد محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- فهو في عهدهم، والداخل في فترة حكم قريش فهو في عهدها. حدوث موادعة وصفاء نوايا وقلوب بين الطرفين