قصة سيدنا سليمان مع الغراب
ذات يوم رأي سيدنا سليمان عليه السلام غراباً عجوزاً انهكته السنين، ولاحظ أن احدي عينيه مفقوده، فسأله عن السبب، فأجابه الغراب : إنها قصة طويلة مليئة بالغرابة، فطلب سيدنا سليمان عليه السلام من الغراب أن يقص عليه قصته، فقال الغراب : عندما كنت في ريعان شبابي، كنت لا اترك ركناً من الجو الفسيح الا جلته، كنت احلق بين السماء والارض واسبح لله عز وجل الي خلق الكون، وفي يوم من الايام بينما أن محلق في الهواء، رأيت ضوءاً ينبعث من الارض، كانها اشعة الشمس، فدنوت شيئا فشيئاً من الضوء لأري ما مصدره، ورأت أمر عجيب حقاً، قال سيدنا سليمان : ماذا رأيت ؟ فأجاب الغراب : كانت بلدة مبنيه اسواها من الذهب وجدرانها كلها من الذهب، وفيها من الانعام والخيرات كل شئ، وكل ما يمكن أن يذكره الانسان تجده هناك .
فسأل سيدنا سليمان عليه السلام : ماذا عن اهلها ؟ فقال الغراب : كرمهم فاق كل كرم، فما عهد الغراب أن يكرمه الإنسان، نعم قد أكرمني أهلها بعيراُ نحر لأجلي، و مكثت هناك شهورا ثم غادرتهم لأجول من جديد في باقي بقاع الارض والسماء، وبعد عدة سنوات عدت الي هذه البلدة، فوجدتها قد اصبحت كلها فضة ولم يعد هناك سور ذهبي، والاهالي ايضاً اكرموني هذه المرة ولكن بشاة، بقيت عندهم شهوراً قليلة ثم ذهبت وانا لا اعرف سبب هذا التغير، فسأل سيدنا سليمان عليه السلام : هل عدت إليهم من جديد ؟ فقال الغراب : اجل عدت بعد عام، و لكن حال البلد ساء أكثر؛ لقد بني هذه المرة من نحاس، و لم أحض إلا بدجاجة فقد قلت خيراتهم و أنعامهم، أكلت الدجاجة و عدت أدراجي أكمل رحلاتي،
مرت سنة اخري ثم عدت لأتفقد احوال هذه البلدة، لعل حالها قد عاد لما كان عليه، ولكن هيهات، فقد وجدت مدينة طينيه اهلها لا يجدون ما يأكلون، ضاعت منهم كل أرزاقهم، دنوت من أهلها لأعرف سبب هذا و لم أتمكن إلا من سماع أن هذا الفقر سببه الحية اللعينة، و إذا بي أصاب بحجر فقأت عيني لقد كانت من صبي أراد اصطيادي ليأكلني من شدة الجوع فهربت مسرعاً ولم اعرف شيئاً عن هذه الحية، وما ذنبها في فقرهم، وهذه هي قصة فقداني لعيني في هذه المدينة العجيبة .
بعد سماع قصة الغراب قرر سيدنا سليمان عليه السلام زيارة هذه المدينة ليعرف تفاصيل أحوالها الغريبة، و طلب من الغراب أن يدله عليها. وعندما وصل اليها سيدنا سليمان سأل اهلها عن سبب فقرهم، فأخبروه أن منع خيراتهم كانت بئر كبيرة بالمدينة، وكانت المدينة مبنية من الذهب، وذات يوم اتت حية عظيمة سكنت البئر، وبدأت تقل موارد البلدة شيئا فشيئاً حتي اصبح من المستحيل اخراج الحية من البئر، لان الرمال قد غطتها بالكامل، وبالتالي ساء حال اهل البلدة حتي اصبحوا لا يجدون ما يأكلوه، امر سيدنا سليمان عليه السلام الريح أن تهب علي البئر لتخرج منها الرمال، وبعدها خرجت الحية من البئر بعد أن حسبتها الرمال هناك لسنوات، فضربها سيدنا سليمان عليه السلام وجنوده علي رأسها حتي ماتت، كان إسم الحية هو “لس”.اقتلع سيدنا سليمان نابيها(كان كبيرين نظرا لعظمة الأفعى التي ملأت بئرا) و جعلهما بابا كبيرا للمدينة، و سميت بذلك المدينة “نابُ لِس” و مع مرور السنين أصبح ينطق اسمها “نابلس” .