تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
بسم الله الرحمن الرحيـــــــــــــــم
هل هناك فوائد للسجود في حياتنا اليومية? وهل هناك إعجاز في ذكر
السجود في القرآن? وكم مرة ورد ذكر السجود في القرآن ?وما علاقة
هذا العدد بسورة السجدة؟؟ لنتأمل هذه المقالة اللطيفة....
من الأشياء التي لفتت انتباهي أيها الأحبة هذا التصوير الإلهي الرائع
الذي يصف لنا حال أولئك الخاشعين المؤمنين الذين تأثروا بكلام الحق
تبارك وتعالى فلم يجدوا إلا أن يخروا ساجدين أمام عظمة كتاب الله
وعظمة معانيه ودلالاته، ولكن للأسف على الرغم من المعجزات
الكثيرة التي نراها اليوم لا نكاد نتأثر أو نتفاعل مع هذا الكلام العظيم.
انظروا معي: (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا
وَنَذِيرًا * وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا *
قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ
يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا
لَمَفْعُولًا * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا) [الإسراء:
105-109].
سؤال أطرحه على نفسي: لماذا لا نتفاعل مع كلام الله تعالى ولا
نسجد من تلقاء أنفسنا عندما نسمع آية أو عندما ندرك ما تحويه من
إعجاز مبهر؟ إن الجواب ببساطة هو أننا لم ندرك أبعاد ومعنى هذا
الكلام العظيم.
فالإنسان عندما يقف أمام لوحة رائعة أو يسمع مقطوعة موسيقية وهو
بعيد عن الفن والذوق الفني، لا يتأثر ولا يحس بأي شيء، بينما تجد
إنساناً آخر يبكي لدى سماع الموسيقى، ويتأثر ويتمايل عندما يسمع
لحناً جميلاً، فإذا كان هذا حال من يستمع لشيء من كلام البشر، فكيف
بمن يستمع إلى كلام خالق البشر ولا يتأثر؟
إذن يمكننا القول إن مفتاح التأثر هو الإدراك والفهم، أن ندرك ما نقرأه
ونفهم ما نسمعه، ومفتاح الفهم هو أن ندرك أهمية هذا الشيء، فما هي
أهمية السجود بالنسبة لنا كمؤمنين؟
لماذا نسجد لله؟!
1- إن العبد يكون أقرب ما يمكن من الله في حالة السجود.
2- إن كل شيء يسجد لله في هذا الكون: الشمس والقمر والنجوم
والشجر وحتى كل خلية من خلايا جسد وكل ذرة من ذرات هذا
الكون: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ
وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ
وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا
يَشَاءُ) [الحج: 18].
3- إن كل سجدة تسجدها لله يرفعك بها درجة، وكل درجة تساوي ما
بين السماء والأرض!!
4- السجود هو رياضة لتفريغ الشحنات الزائدة ولتنشيط الدورة
الدموية وللزيادة التركيز وتدريب الإنسان على الصبر والهدوء
(لاحظوا معي أن الإنسان الانفعالي سريع الغضب لا يستطيع أن يطيل
سجوده!).
5- انظروا معي إلى حال هؤلاء الذين مدحهم الله في كتابه بقوله
(وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا) [الفرقان: 64]. فما هو
جزاؤهم؟ انظروا معي: (أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا
تَحِيَّةً وَسَلَامًا) [الفرقان: 75]. وانظروا معي كيف قرن الله بين
السجود في الليل وبين الصبر، وهذا دليل على أن كثرة السجود تعالج
الانفعالات وتزيد الإنسان صبراً!
عدم السجود أخرج إبليس من الجنة .
لقد ربط القرآن بين السجود والتكبر، والتكبر مرض عضال، وحتى في
علم النفس يعتبرون أن التكبر حالة شاذة تسبب التوتر النفسي، بل إن
الدراسات العلمية أظهرت أن أطول الناس أعماراً هم أكثرهم تواضعاً
وتسامحاً!
ولذلك قال تعالى عن إبليس وتكبره ورفضه السجود لآدم: (وَلَقَدْ
خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ
يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ
خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ * قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ
تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ * قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ
* قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ
الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ
شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ * قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا
لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ) [الأعراف: 11-18].