القدس .. زهرة المدائن ومهبط الأنبياء فيها المسجد الأقصى أولي القبلتين وثالث الحرمين ومسرى النبي الكريم صلي الله عليه وسلم فهي قلب العالم الإسلامي من أجلها خاضوا الحروب والغمار ومن أجل سلامتها تدفقت الدماء ومن أجل تحريرها من دنس الغاصبين قدمت الأرواح رخيصة فداء لدين الله واليوم القدس تتعرض لمحنة عبر المفاوضات فالجانب الإسرائيلي المتغطرس يريد ابتلاع القدس وتهويد المدينة المقدسة والجانب الفلسطيني يرفض علي استحياء مع أن الكل يعلم أن اليهود لا يجدى معهم سلام ولا يفيد معهم مفاوضات فالقدس لن تعود إلا من خلال الجهاد في سبيل الله وفي محاولة منا لتعريف الأجيال المسلمة أهمية القدس وفضلها كانت تلك الكلمات عن تاريخ القدس وفضل عن المسجد الأقصى فالقدس تعريفه في اللغة: هو البيت المنزه، أو المطهر. وقيل : الأرض المباركة. ولقد سكنت القبائل العربية بيت المقدس منذ عهد بعيد فقد استوطنها العموريون والآراميون والكنعانيون، وكان اسمها آنذاك "يبوس" نسبة لليبوسيين وهم بطن من بطون العرب الكنعانيين لذلك تسمى فلسطين: أرض كنعان. ثم أطلق عليها بعد ذلك اسم يورساليم وتطور بعد ذلك إلى: أورشاليم ثم استوطنها الآشوريون والبابليون. ثم جاء بعدهم الفرس ثم الإغريق والرومان وسماها الرومان "إيلياء". ثم فتحها المسلمون في عهد عمر بن الخطاب عام 15 هـ وبقيت في أيدي المسلمين إلى أن احتلها الصليبيون إثر ضعف الدولة العباسية سنة 492 هـ. وبقي القدس أسير الصليبيين مدة طويلة إلى أن استعيدت إلى المسلمين على يد صلاح الدين الأيوبي عام 583 هـ. وبقيت في أيدي المسلمين إلى أن تولى الملك الكامل من الأسرة الأيوبية وعقد اتفاقاً من الفرنجة سلمهم بموجبه القدس ما عدا الحرم الشريف سنة 626 هـ واستردها الملك الناصر سنة 637 هـ، ثم سلمها الناصر الفرنجة سنة 641 هـ ثم عادت إلى المسلمين عام 642 هـ على يد الخوارزمية جند الملك نجم الدين أيوب.
دخلت القدس في حوزة المماليك سنة 651 هـ إلى 922 هـ حيث دخلت تحت حكم الأتراك، وفي أواخر عهد الأتراك كثرت الهجرة اليهودية إلى فلسطين. غادر الإنجليز القدس سنة 1948 م وتركوها لليهود، وكانت مقسمة بينهم وبين المسلمين وأكثرها لليهود. في سنة 1967 م سقط القطاع العربي للقدس في يد اليهود بما فيه المسجد الأقصى. سنة 1969 م حدث حريق المسجد الأقصى على يد أحد اليهود ثم أطفأه المسلمون بعد جهد كبير. المسجد الأقصى هو اسم لجميع ما دار عليه السور، ويشتمل على المسجد الذي في صدره، وقبة الصخرة . . هذا هو الصحيح. والمتعارف عليه عند الناس أن المسجد الأقصى هو الجامع الذي في صدر الحرم القدسي.
بناء المسجد الأقصى عن أبي ذر رضي الله عنه قال قلت : يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أولاً ؟ قال: المسجد الحرام، قلت: ثم أي ؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم كان بينهما ؟ قال: أربعون سنة ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصلِّه، فإن الفضل فيه .
وورد في سنن النسائي بإسناد صحيح قاله الحافظ ابن حجر في فتح الباري ما يدل على أن سليمان بنى المسجد الأقصى، وفي هذا إشكال لأن بين إبراهيم عليه السلام الذي رفع قواعد البيت الحرام وبين سليمان عليه السلام ألف عام. وأجاب ابن الجوزي والقرطبي عن هذا الإشكال، وارتضاه الحافظ ابن حجر في فتح الباري بأن إبراهيم وسليمان عليهما السلام جدَّدا بناءهما لا أنهما أول من بنى المسجدين، وقد سبق بيان أن الكعبة كانت مبنية قبل إبراهيم عليه السلام. وعليه فإن المسجد الأقصى لا يُدرى من بناه، وأنّ سليمان جدّد بناءه، ولم يثبت عن النبي شيء في تعيين بنائه. من فضائل المسجد الأقصى : أن النبي أسري به إليه ، وعُرج به منه إلى السماء قال تعالى سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله . وأنه في أرض مباركة قال تعإلى : ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين . وفي مسند أحمد 6/463 وسنن ابن ماجه 1/429 عن ميمونة مولاة النبي قالت: يا نبي الله أفتنا في بيت المقدس فقال : أرض المنشر والمحشر ائتوه فصلوا فيه .. وهو أولى القبلتين، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إليه في بداية فرض الصلاة، ثم أمر بالتحول إلى الكعبة.
دراسة حديثة تؤكد : اليهود لم يملكوا في القدس أكثر من 7 دونمات قبل عام 1967 منذ القدم أثبتت غالبية الأبحاث والدراسات التاريخية المنصفة أنه لا حق لليهود في فلسطين ، وأن ما يزعمونه من وجودهم في أرض فلسطين وفي المدينة المقدسة خاصة منذ آلاف السنين ما هو إلا محض افتراء ، وهذا ما كشفت عنه دراسة يعدها الباحث الفلسطيني هايل صندوقة من القدس حيث أن المساحة التي كان يسيطر عليها اليهود قبل دخولهم القدس الشرقية عام 1967 لم تتجاوز 7 دونمات من أصل 130 دونما تشكل مساحة حارة الشرف داخل أسوار القدس وما يعرف حاليا بحي اليهود وأشار عضو لجنة الرفاه والتطوير التي تتولى أعمال الترميم في البلدة القديمة الباحث صندوقة إلى أن الحارة الأصلية لليهود ضمت في حينه كنيسا وسوقا صغيرا .
وأوضحت في المعلومات التي جمعها الباحث من خلال الوثائق أن اليهود توسعوا بعد عهد الفاطميين لا سيما بعد القرن السادس عشر وارتفعت نسبتهم في حارة الريشة التي تقع غرب حارة اليهود حيث كان يقطنها أتباع طائفتي السريان والأرمن إلى 50% من مجموع سكان الحارة امتدوا باتجاه الطرف الغربي لحارة الشرف الإسلامية والمحاذية لحارة اليهود وأصبحوا بذلك يشكلون 25 % من مجموع هذه الحارة وتم الاستيلاء كذلك في عهود لاحقة على حارة المسلخ التي أصبحت فيما بعد جزءا من حارة اليهود .
وجاء في بحث صندوقة أن " حارة الشرف " التي أقيم على أنقاضها الجزء الأكبر من الحي اليهودي معروفة بكونها حارة إسلامية وكانت تعرف في القرن الخامس عشر باسم " حارة الأكراد " . وأكد الباحث أن " الحي اليهودي " بكامله من أراض وعقارات جزء لا يتجزأ من البلدة القديمة ومملوك لعائلات مقدسية معروفة وجاء اسم الحي اليهودي فقط لتعريف الموقع الذي فيه كان اليهود يتجمعون ويقيمون طقوسهم وشعائرهم خلال فترات حكم العرب والمسلمين القدس مدة قرون .
الوجود القبطي في القدس حتى القرن العشرين لا تهدف هذه الدراسة إلى مجرد استعراض الوجود القبطي في القدس عبر العديد من القرون أو حتى الاهتمام فقط بالمظاهر الدينية وأماكن العبادة القبطية في القدس، وإنما يتركز اهتمامنا نحو رصد ما ترتب على كل هذا من فعاليات وأنشطة ومظاهر اجتماعية واقتصادية.
على أية حال ترجع معظم الدراسات نشأة الوجود القبطي في القدس إلى الزيارة للأماكن المقدسة في المدينة، منذ اكتشاف الأمبراطورة هيلانة للصليب المجيد في عام 325م وتأسيسها لكنيسة القيامة. ولا أدل على ذلك من اشتراك البطريرك القبطي أثناسيوس في تدشين هذ الكنيسة مع بطريركي انطاكية القسطنطينية. وكذلك قصة القديسة مريم المصرية التي حضرت إلى القدس في عام 382م، حيث استقرت هناك، وشاع صيتها، حتى أنه بعد وفاتها تم تشييد كنيسة على أسمها مجاورة لكنيسة القيامة.
واستمر الوجود القبطي في القدس مع الفتح العربي له، فقد نص كتاب الأمان للقدس المعروف «بالعهدة العمرية» على ذكر الوجود القبطي في القدس ضمن عهد الأمان لكافة الطوائف المسيحية في المدينة المقدسة واستمر بناء الكنائس والأديرة القبطية في القدس بعد ذلك، ففي القرن التاسع الميلادي تم إنشاء كنيسة قبطية في القدس عرفت بكنيسة المجدلانية، ولعل أشهر الأمثلة جميعاً هو دير السلطان الذي رغم التضارب في نسبته إلى أحد السلاطين يعتبر من أشهر مظاهر الوجود القبطي في القدس نظراً للظروف الدرامية اللاحقة.
ويعتبر أول حصر دقيق للكنائس القبطية في القدس، هو الحصر الذي سجله أبو المكارم في تاريخه عن الكنائس في عام 1281م ، إذ يذكر أبو المكارم وجود هيكل قبطي داخل كنيسة القيامة، وكنيسة باسم المجدلانية، وكنيسة ثالثة هي التي دخلت في دير السلطان (1).
القدس في ضوء قرارات اللجان البريطانية والدولية بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914، وإعلان الدولة العثمانية وقوفها إلى جانب ألمانيا، أخذت دول الحلفاء تتفق فيما بينها لتقاسم ممتلكات الدولة العثمانية، كما بدأت بريطانيا بالتفكير في السيطرة على فلسطين، مستغلة في ذلك الضعف العسكري للجيش العثماني، وحتى تتمكن أيضاً من تشتيت القوة العسكرية لألمانيا وإشغالها في عدة جبهات. وقد تمكن الجيش البريطاني بقيادة الجنرال أدموند اللنبي E. Alley من احتلال كافة الأراضي الفلسطينية خلال الفترة الممتدة من تشرين الأول 1917 حتى أيلول 1918، فقد احتل بئر السبع في 31 تشرين الأول 1917 وغزة في 9 تشرين الثاني 1917، ويافا في 16 تشرين الثاني 1917، والقدس في 9 كانون الأول 1917، أما القسم الشمالي من فلسطين فقد بقي تحت السيادة العثمانية حتى احتلت القوات العسكرية البريطانية نابلس في 20 تشرين الأول 1918، وحيفا وعكا في 23 تشرين الأول 1918 (1) وهكذا انتهى الحكم العثماني لفلسطين بعد حكم امتد أربعمائة سنة.
وبنهاية عام 1918 وبانتهاء الحكم العثماني لفلسطين أصبحت البلاد تدار بإدارة عسكرية بريطانية أطلق عليها اسم "الإدارة الجنوبية لبلاد العدو المحتلة" واتخذت من مدينة القدس مقراً لها وعملت تحت سلطة حاكم إداري عام كان يتلقى أوامره من القائد العام الجنرال اللنبي، باعتباره المرجع الأعلى في المسائل الرئيسة، إذ أنه كان يعمل تحت إشراف وزارة الخارجية البريطانية التي كانت تنفذ التعليمات وأوامر ووزارة الخارجية (2) .
وكانت الحكومة البريطانية قد تنكرت للوعود التي قطعتها للشريف حسين خلال مراسلات الحسين مكماهون (1915-1916) بشأن الاستقلال إذ قامت بإجراء مفاوضات سرية مع الحكومة الفرنسية حول مصير البلدان العربية التي كانت تحت الحكم العثماني، وتمخضت هذه المفاوضات عن التوقيع على اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 بين الحكومتين وبموجبها كانت العراق وشرق الأردن وسواحل الجزيرة العربية الشرقية الجنوبية من نصيب بريطانيا. بينما اختصت فرنسا بسورية ولبنان، أما فلسطين فقد نصت الاتفاقية على وضعها تحت إدارة خاصة وفقاً لاتفاقية تعقد بين روسيا وفرنسا وبريطانيا كما منحت الاتفاقية بريطانيا مينائي حيفا وعكا على أن يكون ميناء حيفا حراً لتجارة فرنسا ومستعمراتها (3) .
أخذت الإدارة العسكرية تعمل على تهيئة فلسطين بشكل تدريجي حتى تصبح وطناً قومياً لليهود، فاتبعت سياسة علنية موالية للحركة الصهيونية إذ قامت بتضييق الخناق الاقتصادي على عرب فلسطين وخاصة الفلاحين منهم وتهويد الوظائف الحكومية، وفتح الأبواب أمام تدفق المهاجرين اليهود (4)، وغير ذلك من الأساليب لإرساء الدعائم الأولى للوطن القومي اليهودي وتنفيذ وعد بلفور .
ولم يكن عرب فلسطين بمنأى عن هذه السياسة، فقد أدركوا مدى تحيز ومحاباة الحكومة البريطانية تجاه اليهود مساندتها لمطالبهم في الاستيطان والهجرة ونزع الأراضي من أصحابها العرب، فكان لا بد من أن يكون ردة فعل من عرب فلسطين إزاء هذه السياسة، وقد تمل ذلك في الاضطرابات التي وقعت في مدينة القدس خلال الفترة ما بين 4 – 8 نيسان 1920 أثناء احتفال المسلمين بموسم النبي موسى (5)، الذي تصادف مع الاحتفالات الدينية للمسيحيين واليهود، وخلال هذا الاحتفال وقعت الاشتباكات بين العرب واليهود أسفرت عن وقوع العديد من القتلى والجرحى من كلا الجانبين، وقد أظهرت هذه الأحداث مدى تحيز بريطانيا تجاه اليهود إذ قامت الشرطة البريطانية باستخدام كافة أساليب القمع والتنكيل بحق العرب، وقد اتهمت الحكومة كلاً من موسى كاظم الحسيني والحاج أمين الحسيني وعارف العارف بإثارة تلك الاضطرابات، فحكمت على الأخيرين بالسجن غيابياً لمدة عشر سنوات مع الأشغال الشاقة غير أنهما تمكنا من الفرار إلى شرق الأردن، وعزلت موسى كاظم الحسيني عن منصبه في رئاسة بلدية القدس وعينت راغب النشاشيبي بدلاً منه (6) .
قامت الحكومة البريطانية على أثر هذه الاضطرابات بتشكيل لجنة تحقيق عسكرية لدراسة الأسباب التي أدت إليها، وكانت هذه اللجنة برئاسة الجنرال بالين palin وقد أصبحت تعرف باسمه، وقد جال في التقرير النهائي للجنة أن أسباب الاضطرابات تعود إلى الأمور التالية :
خيبة أمل العرب لعدم تنفيذ وتحقيق وعود الاستقلال التي منحت لهم خلال الحرب العالمية الأولى .
اعتقاد العرب بأن وعد بلفور يتضمن إنكاراً لحقهم في تقرير مصيرهم وخوفهم من أن إنشاء الوطن القومي يعني الزيادة الهائلة في الهجرة اليهودية التي ستؤدي إلى إخضاعهم للسيطرة اليهودية من الناحية الاقتصادية والسياسية .
ازدياد حدة الشعور بالقومية العربية نظراً لوجود الدولة العربية في دمشق والتي كانت موئلاً للآمال العربية (7) .
في مؤتمر سان ريمو 1920 قرر المجلس الأعلى للحلفاء منح بريطانيا حق الانتداب على فلسطين، وبناء على ذلك عينت الحكومة البريطانية السير هربرت صموئيل Herbert Samuel الصهيوني البريطاني مندوباً سامياً على فلسطين وحولت الإدارة العسكرية إلى إدارة مدنية، وكانت في بداية الأمر تحت رقابة وزارة الخارجية البريطانية ثم أصبحت تتبع مباشرة وزارة المستعمرات وأطلق عليها اسم "حكومة فلسطين" واتخذت من مدينة القدس مقراً لها (8) .