admin
Time Online : 1d 14h 59m 25s عدد المشاركات : 94883 أنــــــــــــا جنسي هو : أنا جنسيتي هي : احترام القوانين : الوسام الممنوح للعضو : : 138749812 29015
| موضوع: أدب التواصل مع الغير 13.12.10 0:12 | |
| أدب التواصل مع الغير
ترجمة النصوص: آية كريمة من سورة فصلت،مكية عدد آياتها 54 ترتيبها المصحفي41 تقع بين سورتس غافر و الشورى كميت بذلك لذكر فصلت فيها. تدليل الصعوبات اللغوية: التواصل:التفاهم بين طرفين أو أكثر حول موضوع معين بوسائل مختلفة. ولي حميم:صديق مقرب يهتم بك. مضامين النصوص: النص 1:الدعوة إلى العفو عن المسيء قصد استمرار التواصل بين المسلمين و كسب فتنة بعضهم البعض. النص2:دعوة الرسول صلى الله عليه و سلم إلى استعمال أسلوبي التبشير و التيسير بدل التعسير و الاختلاف. محاور الدرس: 1-التواصل خلق إسلامي أصيل. 2-آداب الحوار في التواصل مع الغير. تحليل المحاور: 1-التواصل خلق إسلامي أصيل: التواصل مع المسلمين:يقوم على الحور السليم و الاحترام المتبادل. التواصل مع غير المسلمين:التعايش مع الديانات الاخرى و الاستماع للراي و الحوار الخاص. 2-آداب الحوار في التواصل مع الغير: -إفشاء السلام و رد التحية . -العفو عن المسيء. -طلاقة الوجه و الظهور بمظهر الرضا. الكلمة الطيبة. -احترام الرأي الآخر. -عرض الافكار بالحجج و الادلة. -المحاورة بالتي هي أحسن. خلاصة: -إن التنوع البشري و التعددية يستدعي تعزيز التواصل مع الناس و كسب مودتهم إذا قام على أسس صحيحة ،كما بينها تعإلى في كتابه العزيز.
التحليل حرص الاسلام على ان يربط صلات المحبة بين الناس و يقوي علاقتهم ببعضهم حتى تستقسم حياتهم بالتعاون و التعارف
و التآزر ، و قد علمنا الاسلام جملة من الاداب التي تؤدي إلى تعميق هذه الصلات و منها :
افشاء السلام : و رد التحية بافضل منها ، قال رسول الله (ص) : " اولا ادلّكم على شىء ادا فعلتموه تحاببتم افشوا السلام بينكم "
طلاقة الوجه و الظهور بالمظهر الرضى عند لقاء الناس مع الحرص على لين الكلام فقد قال بن رجب : كان عمر رضي الله عنهما
يقول : " البر شيء هيّن وجه طَلْقٌ و كلام ليّن "
الحرص على الكلمة الطيبة و تجنب الكلام الفاحش و البذيء . قال (ص) : " اتقوا النار و لو بشق تمرة. فمن لم يجد فبكلمة طيبة "
العفو و الصفح عن المسيء و التماس لعذر له و الاحسان اليه ، فذلك افضل سبيل لرده عن غيه و ضلاله فقد قال الله تعإلى لرسوله
:" فاعف عنهم و استغفر لهم "
حسن الاصغاء و الاستماع للآخرين و عدم مقاطعة كلامهم و الاداب في ابداء الرأي .
تبادل الهدايا و لو قليلة او يسيره و بسيطة ، فقط قال رسول الله (ص) :" تهادوا تحابوا "
و غير دلك من اساليب التواصل مع الناس و كسب مودتهم و محبتهم لان في دلك محبة للخالق سبحانه و تعإلى و استجابة لاوامره
و تشبه بسلوك رسول الله صلى الله عليه و سلم .
و للتواصل مع الغير اداب ينبغي مراعاتها والحرص عليها لتحقيق التواصل الايجابي.المتمثل في تعزيز الروابط بين الناس,وغرس الثقة بينهم,لتعم
الطمأنينة,ويندفع الجميع إلى العمل المنتج, ويتحقق الرخاء والتنمية المنشودة.
و لقد ميز الله عز و جل بنو الانسان بالعقل و العمليات الذهنية و التخاطبية التي تمكنه من
إجراء الحوار والتواصل مع الآخرين من حوله , و لعل المقصود بعملية التواصل و الحوار
هو القدرة على التفاعل المعرفي والعاطفي والسلوكي مع الآخرين، وهو ما يميز الإنسان
عن غيره ؛ مما سهل تبادل الخبرات والمفاهيم بين الأجيال . ويتم التواصل من خلال عمليتين
رئيسيتين و هما : الإرسال ( التحدث ) والاستقبال ( الاستماع ) .
و من هذا المنطلق أنقل لكم موضوع جيد و شيق للأستاذ خالد خميس فرَّاج , حول هذا الموضوع
فنجده يحدد هذه العملية و ينسقها في اطار رائع كما يلي ..
1-أدب الاستقبال ( الاستماع ):
يعد حسن الاستماع من أهم شروط التواصل الناجح مع الآخرين ويفيد الطرفين في استمرار الحوار والتواصل وشعور المتحدث بارتياح واطمئنان وشعور المستمع بالفهم الجيد والإلمام بموضوع الحوار مما يمكنه من الرد المناسب. ولتحيق الاستماع الجيد لا بد من توفر شروط منها :
* إقبال المستمع نحو المتحدث.
* عدم إظهار علامات الرفض والاستياء.
* عدم الانفعال أو إعطاء ردود فعل سريعة ومباشرة قبل إنهاء المتحدث كلامه ؛ كي يستمر المتحدث في الاسترسال ويستمر التواصل.
2- أدب الحديث ( الإرسال ):
ويكون بالإقبال نحو المستمع، وعدم المبالغة في إظهار الانفعال وحركات الأيدي والتوسط في سرعة الرد. ومما يؤثر على استمرار الحوار إيجابية الموضوع وجاذبية، وراحة المستمع له.
3- مستويات الحوار :
* المستوى الأول : حوار داخلي مع النفس بمحاسبتها وحملها على الحق.ويكون بين النفس الأمارة بالسوء والنفس اللوامة حتى يصل الإنسان للاطمئنان.
* المستوى الثاني: حوار بين أفراد المجتمع الإسلامي وفق اجتهاداته المختلفة عملا بمبدأ: نصف رأيك عند أخيك ومبدأ المحافظة على وحدة الصف الإسلامي: نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا عليه،
* المستوى الثالث : حوار بين المسلم وغيره المسلم، وهو حوار يجري وفق مبدأ المدافعة الذي يمنع الفساد وينمي الخير لأعمار الكون،قال تعإلى وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ )البقرة 251.
4- غــاياته :
للحوار أهداف قريبة وأخرى بعيدة ، فالقريبة تطلب لذاتها دون اعتبار للآخر ، والبعيدة لإقناع الآخرين بوجهة نظر معينة .
5- آدابــه :
* حسن الخطاب وعدم الاستفزاز أو ازدراء الآخرين. فالحوار غير الجدال، واحترام أراء الآخرين شرط نجاحه،
* صدور الحوار عن قاعدة قولنا: قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب فالحق ضالة المؤمن أنى وجده فهو أحق به، وضالة كل عاقل هو الحق.
* الرجوع للمرجعية المعرفية عند الحوار
كذلك فقد جاء بأفضل الأساليب في الحوار نورد أهمها:
أ) أسلوب الشك ووضع الأفكار موضع التمحيص والاختبار، واحترام الرأي الآخر وعدم إسقاطه؛
ب) البدء في الحوار بالأفكار المشتركة
ج) إنهاء الحوار السلبي بالإيجابية والاتفاق:
- ألوان الحوار السلبي :
ألوان الحوار السائدة في حياتنا والمؤثرات في سلوكنا وفى مسيرتنا الحضارية أفرادا وجماعات ولنبدأ بألوان الحوار السلبي :
1. الحوار العدمي التعجيزي :
وفية لا يرى أحد طرفي الحوار أو كليهما إلا السلبيات والأخطاء والعقبات وهكذا ينتهي الحوار إلى أنه لا فائدة ويترك هذا النوع من الحوار قدراً كبيرا من الإحباط لدى أحد الطرفين أو كليهما حيث يسد الطريق أمام كل محاولة للنهوض.
2. حوار المناورة (الكر والفر ) :
ينشغل الطرفان (أو أحدهما) بالتفوق اللفظي في المناقشة بصرف النظر عن الثمرة الحقيقية والنهائية لتلك المناقشة وهو نوع من إثبات الذات بشكل سطحي .
3. الحوار المزدوج:
وهنا يعطى ظاهر الكلام معنى غير ما يعطيه باطنة لكثرة ما يحتويه من التورية والألفاظ المبهمة وهو يهدف إلى إرباك الطرف الآخر ودلالاته أنه نوع من العدوان الخبيث.
4. الحوار السلطوي (اسمع واستجب) :
نجد هذا النوع من الحوار سائدا على كثير من المستويات ، فهناك الأب المتسلط والأم المتسلطة والمدرس المتسلط والمسئول المتسلط ..الخ وهو نوع شديد من العدوان حيث يلغي أحد الأطراف كيان الطرف الآخر ويعتبره أدنى من أن يحاور ، بل عليه فقط السماع للأوامر الفوقية والاستجابة دون مناقشة أو تضجر وهذا النوع من الحوار فضلا عن أنه إلغاء لكيان (وحرية) طرف لحساب الطرف آخر فهو يلغى ويحبط القدرات الإبداعية للطرف المقهور فيؤثر سلبيا على الطرفين وعلى الأمة بأكملها .
5. الحوار السطحي (لا تقترب من الأعماق فتغرق) :
حين يصبح التحاور حول الأمور الجوهرية محظورا أو محاطا بالمخاطر يلجأ أحد الطرفين أو كليهما إلى تسطيح الحوار طلباً للسلامة أو كنوع من الهروب من الرؤية الأعمق بما تحمله من دواعي القلق النفسي أو الاجتماعي .
6. حوار الطريق المسدود (لا داعي للحوار فلن نتفق ) :
يعلن الطرفان (أو أحدهما ) منذ البداية تمسكهما (أو تمسكه) بثوابت متضادة تغلق الطريق منذ البداية أمام الحوار وهو نوع من التعصب الفكري وانحسار مجال الرؤية .
7. الحوار الإلغائي أو التسفيهي (كل ما عداي خطأ )
يصر أحد طرفي الحوار على ألا يرى شيئا غير رأيه ،وهو لا يكتفي بهذا بل يتنكر لأي رؤية أخرى ويسفهها ويلغيها وهذا النوع يجمع كل سيئات الحوار السلطوي وحوار الطريق المسدود.
8. حوار البرج العاجي:
ويقع فيه بعض المثقفين حين تدور مناقشتهم حول قضايا فلسفية أو شبه فلسفية مقطوعة الصلة بواقع الحياة اليومي وواقع مجتمعاتهم وغالبا ما يكون ذلك الحوار نوع من الحذلقة وإبراز التميز على العامة دون محاولة إيجابية لإصلاح الواقع.
9. الحوار المرافق (معك على طول الخط) :
وفية يلغي أحد الأطراف حقه في التحاور لحساب الطرف الآخر إما استخفافا (خذه على قدر عقله) أو خوفا أو تبعية حقيقية طلبا لإلقاء المسئولية كاملة على الآخر .
10. الحوار المعاكس (عكسك دائما):
حين يتجه أحد طرفي الحوار يمينا ويحاول الطرف الآخر الاتجاه يسارا والعكس بالعكس وهو رغبة في إثبات الذات بالتميز والاختلاف ولو كان ذلك على حساب جوهر الحقيقة .
11. حوار العدوان السلبي (صمت العناد والتجاهل):
يلجأ أحد الأطراف إلى الصمت السلبي عنادا وتجاهلا ورغبة في مكايدة الطرف الآخر بشكل سلبي دون التعرض لخطر المواجهة .
كل هذه الألوان من الحوارات السلبية الهدامة تعوق الحركة الصحيحة الإيجابية التصاعدية للفرد والمجتمع والأمة، وللأسف فكثير منها سائد في مجتمعاتنا العربية الإسلامية لأسباب لا مجال هنا لطرحها.
- مواصفات الحوار الإيجابي :
- حوار متفائل (في غير مبالغة طفلية ساذجة).
- حوار صادق عميق وواضح الكلمات ومدلولاتها.
- حوار متكافئ يعطي لكلا الطرفين فرصة التعبير والإبداع الحقيقي ويحترم الرأي الآخر ويعرف حتمية الإختلاف في الرأي بين البشر وآداب الإختلاف وتقبله.
- حوار واقعي يتصل إيجابيا بالحياة اليومية الواقعية واتصاله هذا ليس اتصال قبول ورضوخ للأمر الواقع بل اتصال تفهم وتغيير وإصلاح.
- حوار موافقة الهدف النهائي له هو إثبات الحقيقة حيث هي لا حيث نراها بأهوائنا وهو فوق كل هذا حوار تسوده المحبة والمسئولية والرعاية وإنكار الذات .
التواصل الحضاري مع الآخر خصوصية إسلامية
- من أبرز مظاهر إنسانية الإسلام وحضارته إقراره لمبدأ التنوع الثقافي والتعدد اللغوي والفكري وعدم المفاضلة بين الناس في اللون والجنس أو الأصل أو الفصيلة والقبيلة.
هذا المعطى الحضاري الذي قدمه الإسلام للبشرية، لم يقدمه كردة فعل لأحداث سياسية قاسية أو صراعات ثقافية مدمرة أو تحت ضغط قوى استعمارية طاغية، بل قدمه الإسلام باعتباره رؤية عقدية لدين إنساني خالد، ومن رب خالق وعالم بما خلق، ومن إدراك كامل لحقيقة الإنسان ومتطلباته في التفاهم، والتعايش والاختلاف والتباين والتحاور والتجانس معا.
ولهذا رأينا هذا القبول بالتعدد يشمل الإنسان كله في تكويناته النفسية والمادية، كما يشمل المجتمع كله في تفصيلاته الفكرية والجماعية والفردية والجغرافية والسياسية.
الدكتور رأفت غنيمي الشيخ أستاذ الحضارة الإسلامية ومدير مركز دراسات الحضارة العربية يتوقف أمام هذه الخصوصية الإسلامية بشيء من التفصيل، باعتبارها خصوصية متجذرة في الدين كله، ومتجددة في ممارسات المجتمع الإسلامي، وضرورية للرد على الخصوم فيقول:
القبول الإنساني الإسلامي بالتعدد البشري أقره وصاغه القرآن على أكثر من مستوى.
فاختلاف الألللمستوى والألوان يقره الإسلام ويعتبر تعددها آية من آيات الله في خلقه: “وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ”. كما أن تعددها من أسباب التعارف: “يَا أَيهَا الناسُ إِنا خَلَقْنَاكُم من ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا”.
التعدد الإنساني
وفي تأسيس معنى قبول الآخر الديني وردت عشرات الآيات القرآنية التي تقر مبدأ الاختلاف والتعدد في الرؤى وضرورة المعايشة بالحسنى مع وجود هذا التعدد. من ذلك قوله تعالى: “لكُل جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمةً وَاحِدَةً وَلَكِن ليَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً”. “وَقُلِ الْحَق مِن ربكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ”. “قُلْ يَا أَيهَا الناسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَق مِن ربكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَل فَإِنمَا يَضِل عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ”.
إن الإسلام يكرم الإنسان على إطلاقه، دون تحقير بسبب جنس، أو تصغير بسبب لون، أو امتهان بسبب دين، أو تعصب بسبب قومية أو جنسية ما. والأساس هنا هو قول الحق: “وَلَقَدْ كَرمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَر وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم منَ الطيبَاتِ وَفَضلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ ممنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً”.
وفي الحديث: “كلكم لآدم وآدم من تراب.. ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأسود على أحمر، ولا لأحمر على أسود، إلا بالتقوى”.
وثمة معنى شديد الأهمية في تعامل الإسلام مع مبدأ التنوع والتعدد الإنساني، وهو أنه يحرّم ويجرم أن يتخذ أحد أي شكل من أشكال التعدد ذريعة للتعصب أو العنصرية أو التباهي على خلق الله. وهذا المعنى خصوصية أخرى من خصوصيات فهم التنوع البشري، فهو قدري وموجود ولكنه ليس مبررا على الإطلاق للتباهي والتباغض أو التعصب.
يقول الدكتور رأفت: هذه المساواة الإسلامية الإنسانية قاوم بها الإسلام كل نزعات التعصب في النفس الإنسانية، فليس للإنسان ميزة في جوهر طبيعته تجعله أكرم من غيره في الدين أو الدنيا.
يقول الحق: “يَا أَيهَا الناسُ اتقُواْ رَبكُمُ الذِي خَلَقَكُم من نفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَث مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء”. “فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبهُمْ أَني لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ منكُم من ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم من بَعْضٍ”.
وعندما وجد الرسول صلى الله عليه وسلم مقدمة لعنصرية بغيضة بسبب التعدد في اللون غضب غضبا شديدا، ففي واقعة معايرة أبي ذر لبلال عندما قال له: يا بن السوداء، غضب الرسول وانتهر أبا ذر وقال: طف الصاع، طف الصاع، ليس لابن البيضاء على ابن السوداء فضل إلا بالتقوى أو عمل صالح. وقد وضع أبو ذر عقب هذا خده على الأرض وأقسم على بلال أن يطأه بحذائه ليغفر الله له زلته هذه ويكفر عما ظهر منه من تصرفات بعض الجاهلية الأولى. وفي دعوته المطلقة لمقاومة كل صور التعصب، قال عليه الصلاة والسلام: “دعوها أي العصبية فإنها مُنْتنةٌ”.
التعايش الثقافي
وبرؤية علمية تاريخية يقرر الدكتور رأفت الشيخ أن تاريخ العرب والمسلمين كله هو تاريخ لقبول التعدد والتعايش الثقافي بين البشر.
والتعايش “الثقافي” الذي نعنيه هنا يشمل كل مواقف الإنسان الحياتية من أفكار وفنون وعادات وسلوكيات ولغة وقوانين وتجارب ومواقف وقيم وآداب ومعارف.
وإذا كانت الثقافة هي التعبير عن الرقي الأدبي والفكري للأفراد والجماعات، فإن آداب العرب وثقافات المسلمين وسلوكيات الأفراد والجماعات، تجسد هذا التعدد، من حيث هي ثقافة حية تعكس الظاهرة الإنسانية في تنوعها وعالميتها، ومن حيث هي تفهم الذات الإنسانية بمتطلباتها المادية والروحية، ومن حيث هي عملية إبداعية وصاحبة إنجاز كمي وكيفي ظهر في الفكر والتنظير والأدب والإبداع والفنون.
ومن العجيب أن ثقافتنا الإسلامية التوحيدية كونت مع الثقافات الوثنية مزيجا رائعا في تحرير الإنسان وتحريك عقله ونفسه ومن الرغبة في التعايش، الأمر الذي جعل مؤلفا كبيرا مثل كولر يونج يصف الإسلام بأنه “الدين الثقافي العظيم” وعملت الثقافة العربية هنا على تواصل الحضارات الإنسانية من الحضارة المصرية القديمة والآشورية والبابلية والصينية إلى حضارة الرومان والإغريق إلى الحضارة اللاتينية الأوروبية المعاصرة. فقد حافظت الثقافة الإسلامية على الثقافة اليونانية في الأندلس وظل الغرب يشتغل بها حتى قرنين مضيا، مستفيدا من روحها وابتكاراتها الرائعة. وكان ابن سينا العالم الطبيب، والرازي الجراح الكبير، والبيروني الجغرافي الرائع، وابن الهيثم أكبر علماء البصريات، وابن جبير أشهر الكيميائيين، وابن خلدون وابن رشد.. وغيرهم نماذج عملية على التعايش العلمي الإنساني في صوره السامية، وقد وصف المفكر الإسلامي الكبير “مالك بن نبي” هذه الثقافة العربية بأنها ثقافة أخلاقية وثقافة جمالية ومنطقية وصناعية تقنية، ومن ثم هي ثقافة عالمية متنوعة ومتفردة معا.
ولعل أبرز دليل على هذه التعددية الكامنة في ثقافة الإسلام والمسلمين أن الإسلام والمسلمين وصلوا بأنفسهم وثقافتهم إلى كل الدنيا، ومثلوا خمس العالم عددا وناهزوا المليار ونصف المليار مسلم وغطوا نحو 58 دولة كأكثرية وكل دول العالم الأخرى كأقلية، كما استقبلوا وتعايشوا مع الآخر بكل صور تعدده وتنوعه.
الاستشراق والاستغراب
وتعدد الدراسات الاستشراقية من الغرب للشرق والدراسات الاستغرابية من الشرق للغرب أحد النماذج الجيدة لهذا التعدد وقبوله.
ورغم ما اعترى هذه الدراسات من تحفظات فإن مدارس الاستشراق لا تزال أحد الإنجازات بين الشرق والغرب في مجال التعارف الثقافي.
يقول الدكتور رأفت الشيخ: في حضن المؤسسات البحثية في الغرب والشرق نشأت آليات جديدة للحوار الفكري بين المسلمين وغير المسلمين، فمنذ القرون الوسطى نشأت كراسي لدراسة اللغات الشرقية خاصة العربية، كما درست المخطوطات العربية، وأنشئت المتاحف الشرقية في باريس ولندن وروما، وقرئت الفنون والنقود والتراجم والفهارس المكتبية قراءة علمية مدققة. وتشير التقديرات إلى أن المستشرقين الفرنسيين، وحدهم ترجموا حتى منتصف القرن العشرين إلى الفرنسية ما يناهز ثلاثة آلاف مؤلف، كما ألفوا نحو ستة آلاف كتاب في مجالات المعاجم والسير والتاريخ والفرق الإسلامية، واللغة العربية وآدابها، فضلا عن سلاسل العادات والتقاليد والمحاكم والعلوم والفنون والتراث العربي الإسلامي. بالإضافة إلى نحو مائة مؤتمر دولي علمي تعرض للشأن العربي الإسلامي في القرن الأخير فقط.
وفي المقابل فإن علم الاستغراب أي دراسة علماء العرب والمسلمين للغرب يعد من آليات الحوار الثقافي كذلك، وعلى الرغم من أن بعض هذه الدراسات قد زادت عملية “الاحتقان” الإسلامي من الغرب بسبب جو الهزيمة العسكرية والنفسية التي استشعرها العقل المسلم تجاه الغرب وحضارته الحالية، فإن الاستغراب يصب في مصلحة الحوار وقبول الآخر من زوايا:
محاولة ضبط الوعي الغربي والسيطرة على مفاتيح فهمه والتقليل من غروره وأنانيته.
نقل عملية “الغزو الفكري” إلى سياقها الطبيعي وهو الحوار الفكري المعتدل.
كسر حدة الاندفاع الحضاري الغربي وفتح المجال لإبداعات الثقافات غير الأوروبية وعلى رأسها الثقافة العربية المسلمة.
إبراز المشترك الإنساني بين الشرق والغرب وتقليل تيارات التعصب التي لا ترى إلا الرجل الأبيض ولا تتعامل إلا مع ما ينتجه العقل الغربي أو اليد الأوروبية.
نقل اللغة ومفاتيح التفكير العربي إلى القطاعات الأكثر مرونة في الغرب، سواء كانت موجودة وسط العامة أو بعض الخاصة من المستشرقين والدارسين أو بعض رجالات الحكم والسياسة.
البحث دوما عن آليات جديدة تعمق التواصل الحضاري وتزيل سوء الفهم الموجود والمتجدد بفعل الأطماع الثقافية والاستعمارية الطاحنة.
استراتيجية مستقبلية
ولتدعيم هذه الخصوصية الإسلامية في التعددية وقبول الآخر، يشدد الدكتور رأفت الشيخ على ضرورة تبني العالم الإسلامي استراتيجية مستقبلية يتفادى بها المسلمون عجز الداخل الحاصل وضغط الخارج الواقع.
ويطرح في هذا المجال ثلاثة محاور رئيسية:
الأول: أن نربي في الأمة المسلمة بل وفي الإنسانية معاني الاختلاف الهادئ أو التدافع الإنساني العاقل، فالبشرية خاسرة يوم ترفع شعارات الصدام أو الصراع الحضاري كما فعل الغرب بعد انهيار الشيوعية أو شعار الحرب الباردة أو الساخنة قبل انهيارها. ومن المناسب أن تعمل البشرية على تفعيل معنى “التدافع الحضاري” كبديل عن الصراع، وهو المعنى الوارد في الفكر الإنساني والكامن في مثل قوله تعالى: “وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ الناسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لفَسَدَتِ الأَرْضُ”.
الثاني: تنقية الثقافة العربية من بعض ما علق بها من صنوف التعصب والمذهبية والاختلاف. فنحن أمة مدعوة إلى أن تمارس العدل مع الكارهين لها، ومن باب أولى أن تمارس العدل مع نفسها، فلا تستنكف أن تراجع أخطاءها وترد فهمها إلى الصواب، ومن الحكمة في هذا الصدد أن تشكل المؤسسات الثقافية الإسلامية لجاناً علمية لمراجعة الذات وتأكيد الثوابت الثقافية للحوار والتعايش.
الثالث: الاستمرار في قراءة “الآخر” قراءة موضوعية، سواء في إنتاج الغرب الثقافي، أو في مواقفه الدينية والسياسية، أو في نصوص المواثيق والمعاهدات الدولية، بحيث نصل معا إلى كلمة سواء نتعاون بها على المشترك الإنساني المفيد ونتعارف على نقاط الاختلاف ونتجاوز عن مظاهر الشقاق والتناقض
عدل سابقا من قبل admin في 28.05.11 15:10 عدل 1 مرات | |
|
fatima_zahrae نائبة المدير العام
عدد المشاركات : 29339 أنــــــــــــا جنسي هو : أنا جنسيتي هي : احترام القوانين : الوسام الممنوح للعضو : : 57489889 151
| موضوع: رد: أدب التواصل مع الغير 19.12.10 20:36 | |
| | |
|
admin
Time Online : 1d 14h 59m 25s عدد المشاركات : 94883 أنــــــــــــا جنسي هو : أنا جنسيتي هي : احترام القوانين : الوسام الممنوح للعضو : : 138749812 29015
| موضوع: رد: أدب التواصل مع الغير 20.12.10 21:47 | |
| | |
|