الترميز الكيمياوي Chemical symbo
تم الحذف يمنع الاشهار :warning:y نظام منهجي مترابط لتمثيل الأنواع الكيمياوية.
لمحة تاريخية
يعود الترميز الكيمياوي في أصوله إلى السيميائيين الذين استعملوا علامات خاصة لتمثيل شتى أنواع المادة، فقد بدأ السيميائيون بتمثيل «العناصر» الأربعة التي قالت بها نظرية أمبدقلس Empedocle (التراب والهواء والماء والنار) فكانت رموزها كما يأتي:
وذلك وفق علاقتها بالرموز المتعلقة بعلم التنجيم، وبقي هذا الترميز الذي امتد إلى العديد من المواد، وإلى عمليات الكيمياء المهمة، قائماً حتى عصر لافوازيه Lavoisier. وقد اقترح لافوازيه، بدعمٍ من بعض الكيميائيين، تسميات كيمياوية جديدة لا يزال بعضها قائماً حتى اليوم مصحوبة بترميز اختزالي نوعاً ما لمختلف المركبات، وهما التسمية والترميز اللذان استعملهما لافوازيه في كتابه الشهير: «مبادئ الكيمياء Traité élémentaire de chimie» عام 1789.
وكان لِدَلْتُن Dalton الذي وضع عام 1803 النظرية الذرية ـ ترميزٌ كيمياوي يعتمد على وجود ذرات الأجسام البسيطة وبقائها؛ وقد مثلها نتيجة لشكلها الكروي بدوائر تحمل في داخلها علامةً مميزة كنقطة وخط، وصليب والحرف الأول من اسم الجسم البسيط الخاص بكل ذرة. وقرن دَلْتُن، في الوقت نفسه، كلاً من هذه الرموز ـ أي كل ذرة من جسم بسيط ـ بوزن نسبي هو عدد محدد بالنسبة إلى الهدروجين ذو الوزن الاصطلاحي المساوي للواحدة؛ وهو مفهوم أساسي في الترميز الكيمياوي الحديث الذي كان أصل هذه الفكرة.
وجاء برزيليوس Berzelius فعمّم استعمال الحروف الأولية في الرمز على سائر العناصر حاذفاً دوائر دلتن، ويعود إليه الفضل أيضاً في استعمال أسٍ أو دليلٍ لكل عنصر، في صيغ المركبات على نحو قريب من الصيغ الحالية.
وفي الوقت نفسه سهَّل اكتشافُ القوانين العامة للاتحادات، كما سهلت التقدمات المستمرة للتحليل الكيمياوي وضْعَ جداول للأوزان الذرية التي كانت دقتها تزداد دائماً، وقد نشر برزيليوس العديد منها آخذاً الأكسجين الذي هو «مرتكز الكيمياء» ذرةً مرجعية. ومن هنا أخذ صرح الترميز الكيمياوي يعلو تدريجياً، وقد ازدادت دقته ونجوعه ونموه في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بعد مجادلات عنيفة.
الترميز الحالي
الترميز الحالي ترميز ذو صفة ذرية وطَّد النصر النهائي لأفكار دلتن وحدّدها تحديداً دقيقاً ومغيراً فيها بعض الشيء، وهو يتلخص بما يلي:
1 ـ يُمَثَّّلُ كل عنصر برمز يتألّف من الحرف الأول من اسم العنصر أو من حرفين. ولما كان الكثير من العناصر موجوداً في الطبيعة في حالة خليط ثابت التركيب من النظائر فقد ارتبط رمز العنصر بهذا الخليط مبدئياً. أما في الحالة التي ينظر فيها إلى أحد النظائر فقط فإن الرمز يسبق عندئذ بعدد الكتلة الموافق (مثلاً 16O)، أو كما في نظائر الهدروجين الثلاثة: البروتيوم 1H، الدوتريوم D=2H، التريتيوم T=3H.
2 ـ يختص كل عنصر بوزن ذري نسبي؛ وقد حددت نسبة ذرة العنصر ووزنها (أو الوسط الوزني للأوزان الذرية في حالة خليط من النظائر) إلى وزن ذرة مرجعية تحديداً أقرب ما يكون إلى الدقة. وقد اعتمد منذ عام 1961 اعتماداً قطعياً استعمالُ ذرة النظير 12C لعنصر الكربون ذرة مرجعية واعتمد كسرها ).
وغدا تعريف الوزن الذري لعنصر في الترميز الحالي بأنه نسبة الوزن الحقيقي (أو الكتلة الحقيقية) لذرة العنصر إلى وزن من الوزن الحقيقي (الكتلة الحقيقية) للذرة 12C، فالوزن الذي هو والحالة هذه عدد لا أبعاد له، مستقل عن واحدة الوزن (أو الكتلة) المختارة.
ويتبين مباشرة أن التعريف يضفي على النظير 12C لعنصر الكربون وزناً ذرياً مساوياً 12 تماماً؛ ويقال إن 12C =12 هو قاعدة الترميز الحالي.
فإذا اعتُبرت من كل عنصر كميةٌ من مادته تساوي كتلتها مقدرة بالغرام عددياً الوزنَ الذري للعنصر فيكون هناك في هذه الكمية من المادة ـ مهما كان العنصر المعتبر ـ عدد من الذرات يساوي تماماً العدد الموجود في 12غ من النظير 12C، أيN=6.00225×2310 (عدد أفوغدرو)؛ ويطلق على هذه الكمية من المادة اسم مول Mole، وللمول أهمية كبرى في الكيمياء لغةً وحساباتٍ.
إن اختيار الكربون 12 ليكون قاعدةً أمرٌ يستدعي ملاحظةً ذات أهمية تاريخية، وهي أن دلتن كان قد اختار الهدروجينقاعدة واعتبره واحدة الوزن، أما برزيليوس فقد اختار الأكسجين جاعلاً O= 100؛ ثم عادت بعد ذلك مع جان سرفيه ستاس Jean Servais Stas إلى الهدروجين وH =1، وبعد أن تحسنت دقة التحاليل تبين أن من الأيسر والأسهل العودة إلى الأكسجين وO= 16 وبذلك غدا H=1.008.
لقد أرضى هذا النظام الكيميائيين إلا أنه لم يرض الفيزيائيين الذين يُعْنَوْن بشتى النظائر أكثر من عنايتهم بِعُنصر الكيميائيين؛ ومن هنا نشأ نظام الفيزيائيين المختلف قليلاً وفيه 16O =16؛ وتم الاتفاق أخيراً بين الفيزيائيين والكيميائيين على القاعدة 12C= 12.
3 ـ يُخَصُّ كل نوع كيمياوي بسيط أو مركب بصيغة تتألف من رموز العناصر المكونة تعبر في جميع الحالات عن التركيب الكيمياوي النسبي للعنصر الكيمياوي بمساعدة أُس تام لكل رمز. كما تعبر الصيغة أيضاً عن التركيب الوزني أخذاً بالحسبان قيم الأوزان الذرية للعناصر، وهكذا تشير الصيغة NaNo3 لنترات الصوديوم إلى أن هناك 3 ذرات أكسجين مقابل ذرة من الصوديوم وذرة من الآزوت، وأن هذا المركب يشتمل على 3×16= 48غ من الأكسجين، و1×23=23غ من الصوديوم، و1×14=14غ من الآزوت. أما إذا كان الجسم البسيط أو المركب ذا بنية جزيئية كالهدروجين والآزوت والكلور والماء وحمض الخل... فتكون الصيغة C2H4O2 ,H2O ,CL2 ,H2، وتعرف عندئذ بالصيغة الجزيئية، وهي أيضاً صورة مكثفة للجزيء، ولكنها صورة أمينة. ويشكل N=6.00225×2310 جزيئاً كميةَ مولٍ واحد من المادة، ويحصل على كتلة هذا المول التي يرمز لها بـM والمسماة «الكتلة المولية» بدءاً من الصيغة الجزيئية ومن قيم الأوزان الذرية للعناصر المكونة، وهكذا تكون الكتلة المولية لحمض الخل:
M = 2× 12+4×1+2×16 غ/مول.
ويمكن القول أيضاً إن النتيجة العددية للعملية السابقة (بالقيمة المطلقة) هي الوزن الجزيئي (النسبي) للنوع الكيمياوي ذي البنية الجزيئية أو نسبة وزن الجزيء إلى من وزن ذرة النظير 12C
تحديد الأوزان الذرية واختيار الصيغ
تعد الذرات والجزيئات حقيقة فيزيائية حاليـاً. وهناك في المتنـاول أجهزة دقيقة وأمينة لوزن الذرات كالمطياف الكتلوي. وقد بلغت الدقة في تحديد الأوزان الذرية لعدد من العناصر (الهدروجين H، الليتيوم Li، البور B، الكربون C، الأكسجين O، السيليسيوم Si، الأرغون A، النحاس Cu، الرصاص Pb) درجة لا يمكن معها إضافة مزيد من التحسين على قيمة الوزن الذري، بسبب التغيرات المعروفة على التركيب النظائري للعينات الطبيعية وفق منشئها وقد أضيف إلى ذلك تصنيف العناصر وفق تكافؤاتها[ر]، ودخولها في التركيبات الكيمياوية في جدول يعرف بالجدول الدوري[ر] أو جدول مندلييف. لقد مكنت الطرائق الفيزيائية من معرفة التركيب الذري للأجسام الجزيئية أو غير الجزيئية وعدد الذرات في الجزيئات والمسافات بينها وبين توضعها الفراغي، وعُرفت معرفة موثوقة، وكذلك الحال مع الصيغ التي لا يرقى إليها الشك.
لقد نتجت الصيغ ذات الأسس (الأدلة) التامة والصغيرة من اختيار الأوزان الذرية في جملة من الأعداد المتناسبة التي حددتها التحاليل الكيماوية. وكان كل من هذه الأعداد - بعد اختيار القاعدة - محدداً بتقريب مضاعف بسيط. وبرز فريقان متعارضان بقيا كذلك سنين طويلة هما الذريّون والتكافئيون. فالتكافئيون أقاموا ترميزهم على مبدأ البساطة وعلى مفهوم المكافئ، أي الوزن من العنصر الذي يتحد مع مكافئ واحد من الأكسجين لتكوين الأكسيد على الأقل أكسجيناً لهذا الجسم، وهكذا وضعوا الصيغ، فمثلاً كانت صيغة الماء HO. أما الذريون ومنهم برزليوس وميثرليش Mitscherlich فقد أرادوا التعبير بالصيغ عن التماثلات الكيمياوية أو البلورية، فوضعوا لكل جسم ـ دون أن يتخلّوا عن مبدأ البساطةـ صيغة تعبر بأسلوب أوضح عن أكبر عدد من الخاصيات الكيماوية للجسم. وأتيح للنظرية الذرية أن تفرض نفسها باستعمال قانون أفوغدرو في المركبات الغازية عام 1850 بدفع من جرهارد Gerhardt، ثم كانيزارو Cannizzaro بعد أن أدت إليه جودة فهم مفهوم الجزيء.