بسم الله الرحمن الرحيم
أحكام العيد و سننه
المسألة الأولى :
صلاة العيد :
قال الأمام النووي رحمه الله في المجموع (5/5):5): أجمع العلماء على أن صلاة العيد مشروعة أهـ و قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله كما في مجموع فتاواه (23/161): أنها من أعظم شعائر الإسلام أهـ و مشروعيته ثابتة بالسنة المتواترة , و كان النبي صلى الله عليه و سلم و الخلفاء من بعده يداومون عليها , و لم يأت عنهم تركها البته في عيد من الأعياد .
و خرج البخاري (962) و مسلم (884) و اللفظ له عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال :" شهدت صلاة الفطر مع نبي الله صلى الله عليه و سلم و أبي بكر و عمر و عثمان " .
بل حتى النساء يشهدنها فقد خرج البخاري (971) و اللفظ له و مسلم (890) عن أم عطية رضي الله عنها أنها قالت : كنا نأمر أن نخرج يوم العيد ,حتى نخرك البكر من خدرها , حتى نخرج الحيض فيكن خلف الناس فيكبرن بتكبيرهم و يدعون بدعائهم , يرجون بركة ذلك اليوم و طهرته "
المسألة الثانية :
استحباب الغسل في العيد :
وثبت عن الفريابي في أحكام العيدين (15) عن نافع ابن عمر رضي الله عنهما " كان يغتسل للعيدين " و ثبت عنه أيضا (16) عن الجعد ابن عبد الرحمن قال : رأيت السائب بن يزيد رضي الله عنه يغتسل قبل أن يخرج إلى المصلى .
و نقل ابن عبد البر و ابن رشد و غيرهما الإجماع على استحبابه .
المسألة الثالثة :
وقت الاغتسال في العيد :
الأفضل أن يكون بعد الصبح و قبل الذهاب إلى المصلى , و عليه يدل ظاهر أثار الصحابة فقد ثبت في المسند الحارث بن أبي أسامة عن محمد بن إسحاق أنه قال : قلت لنافع : كيف كان ابن عمر يصلي العيد ؟ قال : كان يشهد صلاة الفجر مع الإمام ثم يرجع إلى بيته فيغتسل غسله من الجنابة و يلبس أحسن ثيابه و يتطيب بأحسن ما عنده ثم يخرج حتى يصلي .
و إن اغتسل قبل الصبح لضيق الوقت و حتى يتمكن من التبكير إلى المصلى فلا بأس به عند أكثر أهل العلم .
المسألة الرابعة :
استحباب التجمل بأجمل الثياب في العيد :
خرج البخاري (948) ومسلم (2068) عن عبد الله بن عمر أنه قال :" وجد عمر بن خطاب حلة من إستبرق تباع في السوق فأخذها فأتى بها رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله ابتع هذا فتجمل بها للعيد و الوفود ".
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله عقبه في "فتح الباري" (6/67) : و قد دل هذا الحديث على التجمل للعيد و أنه كان معتاد بينهم أهـ
و قال الحافظ ابن رجب في فتح الباري(6/72) :
و هذا التزين في العيد يسوي فيه الخارج إلى الصلاة و الجالس فف بيته حتى النساء و الأطفال أهـ
·أما المرأة : فتخرج في العيد غير متجملة و لا متطيبة و لا متبرجة و لا سافرة لأنها منهية عن ذلك حال الخروج .
استحباب التطيب في العيد:
أخرج الفريابي في أحكام العيدين (17) عن نافع أن أبن عمر كان يغتسل و يتطيب يوم الفطر
( إسناده صحيح ) .
و تقدم قول الإمام مالك : سمعت أهل العلم يستحبون الطيب في كل عيد أهـ
المسألة الخامسة :
استحباب أن يطعم تمرات قبل خروجه إلى المصلى في عيد الفطر :
أخرج البخاري (953) عن أنس رضي الله عنه أنه قال :" كان رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات"
وثبت في مصنف عبد الرزاق (5734) عن ابن عباس أنه قال :" إن استطعتم أن لا يغدوا أحدكم يوم الفطر حتى يطعم فليفعل .
و عند أبي شيبة (1/485) عن الشعبي أنه من السنة .
المسألة السادسة :
استحباب المشي عند الذهاب إلى مصلى العيد و يكون الذهاب عن طريق و الرجوع من طريق أخر :
ثبت في مصنف أبن أبي شيبة (1/486) عن زر أنه قال :" خرج عمر ابن خطاب في يوم الفطر أو في يوم الضحى , خرج في ثوب قطن متلبباً به يمشي "
وثبت عنه أنه أيضا أن جعفر بن برقان قال : كتب إلينا عمر ابن عبد العزيز : من استطاع منكم أن يأتي العيد ماشياً فليفعل "
قال الترمذي في سننه (2/410) : و العمل في هذا عند أكثر أهل العلم يستحبون أن يخرج الرجل يوم العيد ماشياً أهـ
و خرج البخاري (986) عن جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال : " كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق "
المسألة السابعة :
التكبير عند الفطر :
فيه مسائل هي :
الأولى / مشروعيته :
قال الله تعالى في ختام أية وجوب صيام رمضان في سورة البقرة ( ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم... ) قال ابن كثير في تفسيره (1/307) عن هذه الآية : ولهذا أخذ كثير من العلماء مشروعية التكبير في عيد الفطر في هذه الآية أهـ
و التكبير في الفطر ثابت عن ابن عمر و ثبت عن عدد من التابعين و ن بعدهم و ثبت عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قال : "كانوا في التكبير في الفطر أشد منهم في الضحى " خرجه الدار قطني (2/44) و قد ذهب إلى استحبابه أكثر أهل العلم من السلف و الخلف .
الثانية / وقت ابتداؤه :
يبدأ من يوم العيد حين الخروج إلى مصلى العيد , قال الإمام النووي في المجموع (5/48) : و قال جمهور العلماء : لا يكبر ليلة العيد إنما يكبر عند الغدو إلى صلاة العيد , حكاه ابن المنذر عن أكثر العلماء . قال : و به أقول أهـ
الثالثة / وقت نهايته :
ثبن عن أبن عمر عن الفريابي في أحكام العيدين (43) عن نافع أن ابن عمر كان يخرج يوم العيد إلى المصلى فيكبر و يرفه صوته حتى يأتي الإمام و في لفظ (46-48) فيكبر حتى يأتي المصلى , و يكبر حتى يأتي الإمام .
وقال الزهري :" كان الناس يكبرون من حين يخرجون من بيوتهم حتى يأتوا المصلى حتى يخرج الإمام فإذا خرج سكتوا و إذا كبر كبروا "
أخرجه الفريابي (59) ( سنده صحيح )
و إليه ذهب جمهور أهل العلم .
الرابعة / مشروعية الجهر به :
قال الشيخ ابن تيميه : و يشرع لكل أحد أن يجهر بالتكبير عند الخروج إلى العيد . و هذا باتفاق الأئمة الأربعة أهـ و ثبت عن أبن عمر أنه يجهر به كما عند الدارقطني .
الخامسة / تكبير النساء :
تقدم عند المسألة الأولى حديث أم عطية عند البخاري و مسلم و فيه :" فيكبرون بتكبيرهم " .
قال الحافظ ابن رجب في الفتح (6/130) : لا خلاف في أن النساء يكبرن .. ولكن تخفض صوتها بالتكبير أهـ .
السادسة / صفته :
ثبت عند ابن أبي شيبة (1/489) عن ابن عباس أنه كان يقول :" الله أكبر كبيرا , الله أكبر كبيرا , الله أكبر و أجل , الله أكبر و لله الحمد "
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2/462) : وأما صيغة التكبير فأصح ما ورد فيه ما أخرجه عبد الرزاق ( بسند صحيح ) عن سلمان قال : " كبروا الله : الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيرا " أهـ
ووافقته اللجنة الدائمة .
المسألة الثامنة :
رفع اليدين في تكبيرة الإحرام من صلاة العيد و في سائر التكبيرات :
أخرج عبد الرزاق (3/297) عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : يرفع الإمام يديه كلما كبر هذه تكبيرة الزيادة في صلاة الفطر ؟ قال : نعم , و يرفع الناس أيضاً . ( إسناده صحيح ) .
و هو مذهب أبي حنيفة و مالك في رواية و الشافعي و أحمد الأوزاعي و أكثر أهل العلم , و رجحه ابن المنذر و ابن القيم الجوزية و ابن باز و ابن عثيمين .
المسألة التاسعة :
التهنئة في العيد :
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2/446) :وروين في : المحامليات : ( بإسناد حسن ) عن جبير بن نفير قال :" كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض : تقبل الله منا منك "
وقال محمد ابن زياد :" كنت مع أبي أمامة و غيره من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فكانوا إذا رجعوا يقول بعضهم لبعض : تقبل الله من و منك " وقال الإمام أحمد : ( إسناده جيد ) .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين