هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالأحداثبحـثالمنشوراتس .و .جأحدث الصوراتصل بناifadaمكتبة الصورالأعضاءاليوميةالمجموعاتموسعة برامج  القران الكريم متعدد الحلقات - صفحة 3 I_icon_mini_loginدخولاظغط هنا للتسجيلالتسجيل
admin :  3
إرسال في 24.06.20 15:43 ...
:admin :  8
إرسال في 24.06.20 15:43 ...
:
/* edit by new.moon */
موسعة برامج  القران الكريم متعدد الحلقات - صفحة 3 I_icon_minitime 24.06.20 15:43 من طرف admin كتب:  3 : : تابع القراءة قراءة كاملة موسعة برامج  القران الكريم متعدد الحلقات - صفحة 3 I_icon_minitime 24.06.20 15:43 من طرف admin كتب:  8 : : تابع القراءة قراءة كاملة
يجب عليك تسجيل الدخول لإرسال رسالة
الحساب:كلمة السر:
ادخلني في كل زيارة تلقائيا:

نسيت كلمة السر ::
يجب عليك تسجيل الدخول لإرسال رسالة
الحساب:كلمة السر:
ادخلني في كل زيارة تلقائيا:

نسيت كلمة السر ::
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 موسعة برامج القران الكريم متعدد الحلقات

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
زائر
زائر
Anonymous

registered since


موسعة برامج  القران الكريم متعدد الحلقات - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: موسعة برامج القران الكريم متعدد الحلقات   موسعة برامج  القران الكريم متعدد الحلقات - صفحة 3 I_icon_minitime06.05.10 14:48

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :



الحلقة 29

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴿١﴾مِنْ شَرِّ مَا
خَلَقَ ﴿٢﴾ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ﴿٣﴾ وَمِنْ شَرِّ
النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴿٤﴾ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴿٥﴾
الفلق)


د.
الربيعة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد
لله وأصلي وأسلم على نبينا محمد الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين. نجدد معكم
اللقاء في تمام حديثنا في هذا البرنامج المبارك لنحيا بالقرآن ومع تمام
سورة تحدثنا عنها في المجلس الماضي هي سورة الفلق. ولعلنا نجدد الحديث عن
مقصدها ونتابع آياتها. هذه السورة سورة الفلق ومعها الناس المعوذتين سبب
نزولهما هو التعوذ بالله من الشرور الظاهرة والباطنة ومعنى آخر هذه السورة
هي للتحصن والوقاية من الشرور كلها ظاهرها وباطنها، سورة الفلق ظاهر في
كونها ي الشرور الظاهرة وسورة الناس في كونها من التحصن والتعوذ بالله
تعالى من الشرور الباطنة. وقفنا في هذه السورة مع قوله عز وجل (وَمِنْ
شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ) فهل لك أن تعطينا لمحة ووقفة.


د.
الخضيري:
هذه السورة تعوذت من الشرور كلها (قُلْ
أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴿١﴾مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ﴿٢﴾) كما بينا في
الحلقة الماضية واليوم نذكر الشرور المفصلة التي ذكرت في هذه السورة. وهذه
الشرور المفصلة جاءت ثلاثة الأول الليل (وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا
وَقَبَ) والثاني السحر (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ)
والثالث الحسد (وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ).


د.
الربيعة:
قد يسأل سائل ما سر تخصيص هذه الأمور
الثلاثة؟


د.
الخضيري:
الله أعلم ليس عندي تحقيق من هذا لكن
لشدة الشرور الواقعة من خلال هذه الأشياء الثلاثة وخفائها وكثرتها وأيضاً
مهما اتخذ الإنسان من احتياطات لوقاية نفسه منها فإنه لا يستطيع ولذلك لا
بد له من أن يستعيذ بالله عز وجل ويعتصم بجنابه من الوقوع في شيء من شرّها.
نبدأ بالاستعاذة من الليل ومن المناسب اننا نسجل هذه الحلقة في الليل
ونقول يستعاذ بالله من شر هذا الغاسق الليل الذي تشاهدونه، هذا الليل إذا
وقب هو الذي يستعاذ منه، لماذا الليل؟ لأنه تختبئ في ظلمته شرور كثيرة
فالمفسدون في الأرض يختبئون في ظلمة الليل ويخططون في ظلمة الليل ويحبكون
المؤامرات في ظلمة الليل، الذين ينشرون الفساد لا يقومون بذلك إلا في ظلمة
الليل، الذي يريدون أن يسرقوا أموال الناس ويقطعوا طريقهم لا يعملون إلا في
الليل، الهوام والدواب لا تسري بين الناس وتؤذيهم فتلسعهم وتلدغهم إلا في
الليل. وشياطين الجن تتحرك في بداية الليل كما قال النبي صلى الله عليه
وسلم "كفّوا صبيانكم" يعني عند غروب الشمس فإن للشياطين انتشاراً. أيضاً
السباع من الذئاب والثعالب والأسود والفهود والنمور وغيرها إنما تذهب للبحث
عن صيودها في الليل وتؤذي الناس في الليل. البث الفضائي والبث الإذاعي
بالأغاني والمجون يكون في الليل، الرقص يكون في الليالي الحمراء والبارات
والخمّارات لا يكون إلا في الليل.


د.
الربيعة:
إذن الإنسان وهو يتعوذ بالله من شر الليل
يستحضر هذه المعاني ومنها اصحاب الشر الذين يظهرون في الليل ومنها كما
ذكرتم أصحاب القنوات وأصحاب الفساد وغيرهم


د.
الخضيري:
نعم يستحضر هذا كله ويتعوذ بالله من هذا
الليل إذا دخل لكثرة ما يكون فيه من الشر, العباد ينقسمون في الليل
إنقساماً ظاهراً فمن الناس من اتخذ الليل مطية للعبادة ومناجاة الله
والخلوة بالله سبحانه وتعالى ينقطع عن الدنيا وما فيها وشاغلها وهؤلاء هم
خيار أهل الأرض وهكذا كان الأنبياء والصالحون من عباد الله إلى يومنا هذا
وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ومن الناس من يتخذ هذا الليل وسكونه
وهدأته في نشر الفساد وترويجه ويتدثر هذا الليل من أجل أن يفسد في الأرض
نسال الله العافية والسلامة، أولئك شرار الخلق. الليل شيء واحد ومع هذا
يستعمل في الحق وفيما يتقرب به إلى الله وفي الوقت ذاته يستعمل في شر شيء
يكسبه الإنسان. ومعنى الغاسق هو الليل، وورد في الحديث (وهذه نبينها للناس
حتى لا تُشكل عليهم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة وهو يشير إلى
القمر إستعيذي بالله من شر هذا الغاسق إذا وقب. فقد يقول قائل النبي صلى
الله عليه وسلم اشار إلى القمر فهل هذا يتعارض مع صدّرتم به الآية أنه
الليل؟ نقول لا تعارض


د.
الربيعة:
هو هنا تعوذ فأنت تتعوذ بالله من شر هذ
الليل ثم المعنى الآخر القمر أنه هو موضع الإضاءة وموضع النور والضياء
والكشف فلعلك تستعيذ برب هذا القمر الذي يضيء أن يكشف لك هذه الظلمة وما
فيها من الشرور ويزيلها عنك. هذا معنى لعله ظاهر في هذا.


د.
الخضيري:
أنا لا أعرف هذا المعنى ولعله إن شاء
الله يكون مقبولاً أو شيئاً مما يتسع له صدر المفسِّر. لكن ذكر العلماء أن
النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى القمر وأراد به أنه آية الليل لأن القمر
يظهر في الليل، فالآية اشرات إلى الليل والنبي صلى الله عليه وسلم ذكر
علامة الليل وهو ظهور القمر والله أعلم..


د.
الربيعة:
بعد ذلك يقول الله سبحانه وتعالى (وَمِن
شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ)


د.
الخضيري:
قبل ذلك بقي أمر مهم نحن دائماً نحاول أن
نربط الآيات بالواقع فنقول هذا الليل يمكن أن يستعمل بالخير ويمكن أن
يستعمل في الشر فهو آية من ىيات الله وعلينا أن نستعمله في الخير وأن لا
نتخذه مطيّة إلى الأعمال السيئة، هذا أولاً. ثانياً أن نتقي الشر والأشرار
في هذا الليل فنكفّ أبناءنا ونمنعهم من السهر ونحرص على أن نجتمع بهم في
أول الليل ثم نطمئن أنهم أخلدوا للراحة والنوم ولا نسمح لهم بالخروج إلا في
حدود الحاجة والضرورة ولا نتيح لأبنائنا أن يعبثوا بالأمن ويذهبوا للأسواق
ويسيئوا بالأمن ونحن في فروشنا فيؤذوا عباد الله ونكون قد تحملنا وزرهم.


د.
الربيعة:
في الحقيقة في الليل يجتمع شياطين الإنس
والجن فيكون سبباً في الفساد المركّب. بعد ذلك يقول عز وجل في الشر الذي
يستعيذ الإنسان منه (وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ)


د.
الخضيري:
المقصود بها السحر بغض النظر هل النفاثات
هم السواحر أو الأنفس السواحر، المقصود بأن السحر شرّه عظيم وخطره بالغ
ولأنه شيء غير مشاهد ولا يمكن أن يحترز منه فجعله الله مما يستعاذ منه في
هذه السورة.


د.
الربيعة:
وهذا أمر ظاهر في الناس بسبب ما يكون
بينهم من الشحناء والبغضاء وما يوغره الشيطان في صدورهم من العداوة فهذا
السحر من أسباب إظهار الشر بينهم وهو واضح ظاهر في وقتنا الحاضر نسأل الله
العافية. كم نسمع من السواحر والسحرات الذين انتشر شرهم فيستعيذ الإنسان
بالله من شر هذا السحر وأهله. والتعبير بالنفّاثات هل هو دلالة على
الساحرات أو الأرواح والأنفس السواحر؟ أقول تعبيره بالنفث للإستعاذة من شر
هذا الساحر في وقت سحره ونفثه وهو اجتماع الأرواح الشريرة وقت فعل هذا
الساحر لهذا السحر فينبغي للإنسان أن يستحضر هذا المعنى وأقول أن من أعظم
ما يدفع شر الساحر والسحرة عنه أن يمتثل أمر الله عز وجل ويستعيذ بالله عز
وجل من شرهم فيقرأ هذه السورة. هذه السورة من أعظم العلاج لدفع هذا السحر
وهذا الشر العظيم.


د.
الخضيري:
ونقول ايضاً أنه متى علمت أخي المشاهد
بساحر أو ساحرة يمارس هذا السحر فعليك أن تقوم بواجبك بإبلاغ السلطات
والجهات المعنية عن هؤلاء لأنهم مفسدون في الأرض. وليسوا مفسدين فقط بل
كفار والعياذ بالله لأن الساحر لا يتمكن من السحر حتى يخضع للجن ويعبدهم من
دون الله، بل إننا وجدناهم ورأيناهم بالصور وهم والعياذ بالله يطأون على
المصاحف ويبولون عليها ويتغوطون والعياذ بالله عليها ويضعونها في دورات
المياه إرضاء لجنّهم وشياطينهم حتى يسخروا لهم ما يريدون أن يفعلوه بالناس.
فالسحر بوابة الكفر لا يمكن للإنسان أن يكون ساحراً حتى يكفر بالله عز
وجل. إذن نحن نقول متى علمتم بساحر أو علمتم بساحرة فاجتهدوا أن تكافحوهم
وأن تقلعوا هذا الشر والفساد من أرض الله. وحدّ الساحر كما ورد في الحديث
ضربة بالسيف فيجب أن يُستأصل هؤلاء الأشرار من الأرض.


د.
الربيعة:
ما أرحم الله تعالى بنا عندما أمرنا
بالتعوذ من هذا الشر العظيم. الشر الذي أمرنا الله بالإستعاذة منه هو الحسد
والعين (وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ)


د.
الخضيري:
والحسد شيء خفيّ ولا يكاد يخلو جسد من
حسد ولكن المؤمن يدفعه ويرضى بقضاء الله وقدره ويطمئن لأمر الله. عندما
تعلم أن أخاك أصابه مال كثير قد يقع في قلبك خواطر هذا الحسد لكنك لما
تتذكر أن هذا فضل الله وأن الله يعطي من يشاء ويمنع من يشاء وأن الله كما
أعطى الآن فهو سيعطي بعد آن وأن نعم الله ليست مقصورة. ذكِّر نفسك بأشياء
كثيرة هذا يدفع عن بإذن الله عز وجل الحسد فيذهب عنك ولا تلام على ما وقع
في قلبك لكن المنافق والفاسق والذي لا يرضى بقضاء الله ولا يطمئن لوعود
الله ماذا يفعل؟ إنه يطمئن للحسد ويبدأ هذا الحسد يفعل فعله في نفسه فما
يزال يحسد أخاه حتى يكيد له وحتى يصيبه بعينه ويؤثر عليه ويؤذيه أذى بالغاً
وهو شر عظيم ومن آثاره العين وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في العين
"لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين"


د.
الربيعة:
نلحظ في هذا الزمن كثرة هذا الشر وهذا
الشر يظهر أنه يقترن كثيراً مع النعمة فإذا كثرت النعمة عند الناس حسد
بعضهم بعضاً عليها وهذا عجيب والواجب عكس ذلك أن تكون هذه النعمة سبباً في
فضل الناس بعضهم على بعض. وأشير في مناسبة هذا أننا ينبغي أن نتقي هذا
الحسد وهذه العين بأسباب كثيرة منها التعوذ بالله والتحصن وخاصة أن نحصن
أبناءنا فإن كثيراً من الناس يتساهلون وخاصة من النساء، فمنهن هداهن الله
من تزيّن أبناءها بل قد تزيّن نفسها ثم تخرج إلى تلك الأفراح والمناسبات
وتتعرض لأسباب الحسد والعين بذلك. أقول ينبغي علينا أن نتقي ذلك خاصة وأنه
قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أكثر أمته يموتون من العين. فمن أسباب
ذلك الوقاية بالتعوذ ومن أسباب ذلك البعد عن أسبابه ومسبباته. إذن هذه
السورة العظيمة سورة الفلق سورة هي توجيه ووصية من الله عز وجل لنا أن نتقي
الشرور بالتعوذ والإعتصام والإلتجاء إليه سبحانه وتعالى والتوحيد الخالص
له سبحانه وتعالى وأن نتقي هذه الشرور بالبعد عنها أولاً ونحذر أن نكون من
أهلها بالسحر والحسد والليل وغيرها. ينبغي أن نكون من أضدادها الصالحين
الذي يحبون الخير للناس، الذين يدفعون الشر عن الناس، الذين ينشرون الخير
بين الناسز هذه السورة العظيمة من الله عز وجل لنا أن نستعيذ بالله سبحانه
وتعالى من الشرور التي كم نتعرض لها في أزماننا وحياتنا. بهذا نختم حديثنا
عن هذه السورة ولنا معكم بإذن الله تعالى لقاء في مجلس آخر نسأل الله أن
يقينا وإياكم وذرياتنا وأزواجنا الشرور كلها ظاهرها وباطنها وصلى الله وسلم
على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.










عدل سابقا من قبل صقر في 06.05.10 15:08 عدل 3 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كاتب الموضوعرسالة
زائر
زائر


registered since


موسعة برامج  القران الكريم متعدد الحلقات - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسعة برامج القران الكريم متعدد الحلقات   موسعة برامج  القران الكريم متعدد الحلقات - صفحة 3 I_icon_minitime06.05.10 14:56

الحلقة 25

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف
الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. هذا هو اللقاء
السابع عشر من لقاءات هذا البرنامج أضواء المقاطع ونحن الآن في الجزء
السابع عشر من كتاب الله عز وجل وفي سورة الحج تحديداً وفي الآية 38، يقول
الله عز وجل فيها (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ
اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ﴿٣٨﴾ أُذِنَ لِلَّذِينَ
يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ
لَقَدِيرٌ ﴿٣٩﴾ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ
إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ
بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ
وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ
اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴿٤٠﴾)


في هذه الايات بشرى من الله سبحانه وتعالى لأهل
الإيمان بأنهم إن صدقوا في إيمانهم وثبتوا على دينهم فإن الله يتولى الدفاع
عنهم بل بأن ينصرهم في كل موطن يقابلون فيه عدوهم. قال الله سبحانه وتعالى
(إن الله يدافع) فيا أيها المؤن إطمئن فإن الله معك ينصرك ويؤدك ويذب عنك
ويحميك ويدافع عنك ولا يتركك ولا يسلمك لعدوك، أُصدق في إيمانك تحقق من
الإيمان تأكد منه وتثبت من سلامته فإنك إذا كنت كذلك فإن الله كريم يفي
بوعده والله لا يخلف الميعاد. هذا الوعد ينبغي أن يكون حاضراً في بالنا
عندما يجتمع علينا أعداؤنا وينبغي ان يكون حاضراً في بال المسلم عندما يقوم
برفع راية الحق ودعوة الناس إلى الله سبحانه وتعالى بأن لا يخاف وأن لا
يجبن وأن لا يهن ولا يضعف ولا يحزن فإن الله سبحانه وتعالى يدافع عنه
ويمكنه ويقوم بنصرته ويتولاه ولا يخذله. ثم قال (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ
كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) أي لا يحب من اتصف بهاتين الصفتين الصفة الأولى
صفة الخيانة وهي نقض العهد والميثاق وعدم الوفاء بهما والثانية الكفور وهو
الذي يكثر منه الكفران فيكفر مرة يعد مرة ويبادر في الكفر نسأل الله
العافية والسلامة. وهذا يستفاد منه أنه يجب على المؤمن حتى يستحق هذا الوعد
الكريم من الله سبحانه وتعالى أن لا يكون خواناً وأن لا يكون كفوراً فإذا
كان وفياً بوعده قائماً بالميثاق الذي عقده مع ربه ومع المخلوقين أيضاً
وكان شاكراً لنعم الله سبحانه وتعالى إستحق هذا الموعود الكريم من الله جل
وعلا. ثم قال الله سبحان وتعالى (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ
بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) قوله
أُذن تدل على أن الجهاد كان محرّماً لأنه ما أذن الله فيه إلا لأنه كان
محرماً من قبل وقد كان كذلك بالفعل. لما كان المؤمنون بمكة كان قد حُرم
عليهم الجهاد في سبيل الله ولم يؤذن لهم به إلا عندما استقلوا وصارت لهم
دولة وأيضاً لما صارت لهم دولة واستقلوا وبدأت تتكون لهم قوة لم يؤمروا
بالجهاد مراعاة لحال الضعف الذي كانوا فيها بل أذن لهم به في أول الإسلام
أو في أول العهد المدني وهذا الإذن ليس عاماً قال (أُذِنَ لِلَّذِينَ
يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) يعني فمن قاتلكم أيها المؤمنون في أول
عهدكم بالمدينة فإن الله قد اذن لكم أن تردوا عليه فتقاتلوه. وهذه الاية
كما يقول العلماء هي أول آية نزلت في الجهاد. أباح الله للمؤمنين أن
يجاهدوا من قاتلهم من الكافرين ثم تطور أمر الجهاد بأن أمر الله عز وجل أن
نقاتل من قاتلنا وأوجبه علينا ثم انتهى أمر الجهاد بأن أوجبه الله سبحانه
وتعالى على المؤمنين فقال (فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ
فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ
وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ
وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ
إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (5) التوبة). إذن نستفيد من هذه الاية بأن
هذه المرحلة من مراحل الجهاد وكانت في اول العهد المدني وهنا ياتي سؤال مهم
هل هذه المرحلة منسوخة؟ فنقول إنها منسوخة وليست منسوخة، منسوخة في حق
أقوام وليست منسوخة في حق آخرين فمن كان حاله كحال رسول الله صلى الله عليه
وسلم بعد فتح مكة من القوة والتمكن فإن هذه الآية منسوخة في حقه ولا يجوز
له أن يعمل بها ومن كان حاله كحال رسول الله من الضعف في بداية الدولة
الإسلامية في العهد المدني فإن هذه الآية باقية في حقه. ومن كان حاله كحال
المسلمين في مكة في ضعفهم وتمكن عدوهم منهم وقلتهم وعدم وجود دولة تحميهم
فإن هذه الحالة لم يؤمروا بها بعد بل يجب عليهم أن يتركوا الجهاد حتى يقووا
وحتى يكون لهم دولة وتكون لهم فيئة ثم بعد ذلك يتدرجوا في مراحل تشريع
الجهاد لهم كما حصل للمسلمين الأوائل وهذا ما أجاب به شيخ الإسلام ابن
تيمية من سأله عن هذه الايات هل هي منسوخة أو باقية. قال الله عز وجل
(وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) هذا وعد من الله سبحانه
وتعالى فأنتم أيها المؤمنون إذا قاتلتم فيما أباح الله سبحانه وتعالى لكم
من القتال وأمركم به من الجهاد فإن الله سبحانه وتعالى ينصركم ويؤيدكم وهو
قادر على ذلك ولاحظوا كيف جاءت قوله (وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ
لَقَدِيرٌ) مؤكَّدة بعدد من المؤكدات (إنّ، على نصرهم، لقدير) هذه لتؤكد
للمؤمنين أن النصر واقع لا محالة. ثم قال الله عز وجل مبيناً حال هؤلاء
المؤمنين الضعفاء الذين يستحقون النصر من الله سبحانه وتعالى (الَّذِينَ
أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ) أي ظُلِموا والمظلوم له دعوة
لا ترد والله سبحانه وتعالى يجيب دعوة المظلوم. فهؤلاء المظلومون قد بُغي
عليهم وطغى الكفار في حقهم، أخرِجوا ليس من ديار الكفار وإنما من ديارهم
التي هي لهم حقاً وصدقاً. (بغير حق) أي ظلماً وعدواناً. (إِلَّا أَن
يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ) أي ليس لهم ذنب أُخرجوا بسببه إلا أنهم قالوا
ربنا الله فلم يعتدوا ولم ينتقصوا حق الكفار ولم يظلموا أحداً من عباد الله
ولكنهم صدعوا بالحق وجهروا به وآمنوا بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم
فهؤلاء حقيقون بالنصر. وهذا يبين لنا أن النصر من الله سبحانه وتعالى إنما
يأتي عندما نلتزم أوامر الله ونتقي الله حق التقوى فلا نظلم أحداً من عباد
الله ولا نتعدى شيئاً من حدود الله (وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ
يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا (120) آل عمران). قال (وَلَوْلَا دَفْعُ
اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ
وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا) يبين
الله عز وجل لنا في هذه الاية سنة المُدافعة وهو أنه يجب علينا أن نقوم
بالجهاد حتى ندفع عدوان المعتدين ولا يبقى للكفر يد علينا وعلو على أهل
الإسلام. ثم أكد الله عز وجل وعده الكريم بقوله (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ
مَن يَنصُرُهُ) فإن الله سبحانه وتعالى قد قطع على نفسه وأقسم بأن سينصر من
ينصره. ثم أكد ذلك بإسمين كريمين له جل وعلا مبيناً أنه هو القوي وهو
العزيز الذي يمنع عباده من كل ظلم فقال (إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).
اللهم انصرنا بنصر من عندك. اللهم أعز الإسلام والمسلمين وصلى الله وسلم
وبارك على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر


registered since


موسعة برامج  القران الكريم متعدد الحلقات - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسعة برامج القران الكريم متعدد الحلقات   موسعة برامج  القران الكريم متعدد الحلقات - صفحة 3 I_icon_minitime06.05.10 14:58

الحلقة 24

د.
الربيعة:
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب
العالمين وصلى الله سلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. حياكم الله
في جلسة من جلساتنا المباركة في برنامجنا لنحيا بالقرآن ومع سورة كريمة من
سور هذا القرآن العظيم ومن قصار سوره، وهي سورة الكافرون. يقول الله سبحانه
وتعالى (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴿١﴾ لاَ أَعْبُدُ مَا
تَعْبُدُونَ ﴿٢﴾ وَلاَ أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ﴿٣﴾ وَلاَ أَنَا
عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ ﴿٤﴾ وَلاَ أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ﴿٥﴾
لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴿٦﴾). لو تأملنا في هذه السورة في تسميتها
بالكافرون ونداء الله عز وجل هنا للنبي صلى الله عليه وسلم (قُلْ يَا
أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴿١﴾ لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ) فإننا نلحظ
ظاهراً أن هذه السورة تتحدث في موقفنا من الكافرين


د.
الخضيري:
ومن معبوداتهم

د.
الربيعة:
والمفاصلة التامة بيننا وبينهم

د.
الخضيري:
وأنهما لا يلتقيان مهما طال الزمن وتغيرت
الوسائل وتعددت الخطان لا يمكن أن يلتقيا


د.
الربيعة:
إذن هذه السورة كما ذكر ابن القيم رحمه
الله هي في البراءة من الكافرين ومن دينهم وعباداتهم.


د.
الخضيري:
ولذلك يسميها العلماء سورة الإخلاص بمعنى
أنها أخلصت العبادة لله جلا وعلا فلا أحد يُعبد إلا الله سبحانه وتعالى.
ولعل هذا هو السر في أننا أمرنا بقراءتها في مواطن متعددة هي وسورة الصمد
وهما سورتا الإخلاص، تقرآن في ركعتي نافلة الفجر وتقرآن في الركعتين بعد
المغرب وتقرآن في آخر صلاة يصليها الإنسان في ليلته في ركعتي الوتر وفي
ركعتي الطواف وتقرأ عند النوم وتقرأ سورة الصمد عند النوم. هذا يدلنا على
أنها سورة من سور التوحيد العظيمة.


د.
الربيعة:
بمعنى أن الإنسان حينما يكررها ويقرأها
في بداية يومه وفي نهاية يومه وفي بدء ليله ليجدد التوحيد والإخلاص


د.
الخضيري:
ونحن بحاجة لئن نجدد التوحيد ونجدد
الإخلاص في قلوبنا وفي نفوسنا وفي حياتنا ولهذا نوجه رسالة لا تظن أنك
بإيمانك الأول قد انتهى كل شيء وبتوحيدك الأول قد انتهى كل شيء أنت بحاجة
لئن تجدد التوحيد في كل يوم. نلاحظ المؤذن يرفع الأذان كل يوم لا يسبح الله
ويحمده إنما يؤكد على معنى التوحيد فيقول (الله أكبر الله أكبر، اشهد أن
لا إله إلا الله ثم يختم بلا إله إلا الله) تجديداً للتوحيد وتأكيداً له
لأننا بحاجة لئن نجدد التوحيد.


د.
الربيعة:
قد يتساءل المستمع في الفرق بين سورة
الكافرون وسورة الصمد في سر اجتماعهما والفرق بينهما في كونهما سورتي
الإخلاص


د.
الخضيري:
الذي يظهر والله أعلم أن سورة الكافرون
هي في توحيد العبادة لله عز وجل يعني التوحيد العملي لله، يعني عملك لا
يكون إلا لله، صومك، صلاتك، استغاثتك، خضوعك، ذلك، إخباتك، حجك، صدقتك،
برك، إحسانك، كله لله عز وجل.


د.
الربيعة:
يعني إخلاص العبادة لله عز وجل.

د.
الخضيري:
أما سورة الصمد فهي سورة الإخلاص بمعنى
أنها هي خالصة في ذكر الله عز وجل لا يشارك الله عز وجل أحد فيها فهي وحّدت
الله في ألوهيته وفي ربوبيته وفي أسمائه وصفاته. في سورة الكافرون هي في
الإخلاص العملي وسورة الصمد في العلمي الاعتقادي. فأنت أيها المسلم عندما
تؤمن بسورة الصمد وتصدق فيها فإنك قد أسلمت حقاً لله ولم تشرك مع الله
أحداً سواه ولذلك نلاحظ أن الشارع جعل قراءتها بثلث القرآن (وهذا سيأتي
الحديث عنه)


د.
الربيعة:
هذا يدعوننا ونحن في هذا الوقت الذي
تقاربت به أمم أهل الأرض وتداخل أهل الديانات بعضهم مع بعض أننا بحاجة أعظم
الحاجة اليوم في تحقيق هذه السورة.


د.
الخضيري:
نعم هذا صحيح، لأنه نجد هناك من يدعون
إلى وحدة الأديان ويقولون اليهودية والنصرانية والإسلام كلها أديان سماوية
فلماذا لا نوحّد بينها؟ ولماذا لا نجمع بينها؟ فنقول كيف تجمع بين التوحيد
والشرك؟! واحد يقول الله ثلاثة وواحد يقول الله واحد، هل يمكن أن يلتقيا؟!
لا يمكن. لأنهم قد اختلفوا في أصل الدين. الآن لم يختلفوا في الصلاة هل هي
الثانية عشر أو الواحدة، لم يختلفوا في الصوم هل هو في شعبان أو رمضان، لا،
ولم يختلفوا في الحج هو هو في ذي القعدة أو في محرم، لكنهم اختلفوا في ما
هو أعظم من ذلك هل محمد رسول أو ليس برسول؟. أما النصراني واليهودي فلا يقر
برسالة محمد، هل الإله واحد أو متعدد؟!


د.
الربيعة:
وهذا يجعلنا نرجع إلى السورة نفسها في
سببها. السورة نفسها في تقارب الأديان سبب ذلك أن المشركين حينما رأوا قوة
النبي صلى الله عليه وسلم في دينه ونفوذه وتأثيره واتساعه قالوا لا سبيل
لنا إلا أن نلتقي معه نتقارب معه يكون بيننا وبينه توافق فأتوا إلى النبي
صلى الله عليه وسلم فقالوا نعبد إلهك سنة وتعبد إلهنا سنة. فالنبي صلى الله
عليه وسلم لم يجبهم إلى ذلك جواباً لينتظر وحياً من الله عز وجل فجاءه وحي
من الله عز وجل صريحاً وبمواجهة صريحة مع الكافرين قال (قُلْ يَا أَيُّهَا
الْكَافِرُونَ) لم يقل يا أيها الناس ولا يا قريش أو يا أيها المحاورون،
تصريح في كفرهم قل يا أيها الكافرون بالله كيف نجتمع وإياكم وأنتم كافرون
بالله؟ إذن كل كافر بالله في توحيده لا يمكن أن ألتقي معه.


د.
الخضيري:
بهض الناس يقول هذه مسألة بسيطة فلماذا
أنتم تشددون في هذا الأمر؟ تقولون إن قضية التوحيد هي أخطر قضية وهي القضية
التي نفاصل فيها غيرنا من الأديان فلماذا أنتم تشددون في هذا الأمر؟ الأمر
اسمح من ذلك. وأنا أرد على هؤلاء برد جميل: أنت لا ترضى بهذا لنفسك، يعني
زوجتك التي تزوجتها هل ترضى أن يشاركك أحد ما فيها؟ يقول لا، أبداً لماذا؟
لأنها هي حق لي ولا أرضى أن يشاركني أحد فيها. أولادك، هل ترضى أن يشاركك
أحد فيهم؟ يوقل لا، أبداً لا يمكن، مالك الذي في جيبك أو رصيدك الذي في
البنك هل ترضى أن نتشارك فيه؟ يقول لا أبداً، لماذا؟ لأنها حقوق خاصة لك.
فإذا كانت حقوقك الخاصة لا ترضى أن يشاركك فيها أحد فالله عز وجل حقه لا
يرضى أن يشارك فيه أحد وهو حقه الذي ليس وراءه حق، ليس هناك مجال أن يتنازل
عن الحق أو يعترف أن هؤلاء الذين يعبدون هم آلهة بالفعل أو لهم حق في
العبودية


د.
الربيعة:
لأنه سبحانه وتعالى هو الخالق وهو
الرازق، هو المجيب هو النافع هو الضارّ. هل من إله غير الله عز وجل يدفع
الضر ويحلب النفع؟


د.
الخضيري:
أبداً. ولذلك نقول نحن نؤكد كما أكد في
السورة على أن هناك براءة تامة ومفاصلة تامة بين الإيمان وبين الكفر وأنهما
ضدان لا يلتقيان ولا يجتمعان وأنه من حاول أن يجمع بينهما كمن يحاول الجمع
بين الليل والنهار وكمن يحاول الجميع بين الظالم والمظلوم ويجعلهما شيئاً
واحداً فنقول كذبتم وربي لا يمكن لهذا أن يجتمعوا.


د.
الربيعة:
ولهذا هذه المفاصلة أيضاً ظاهرة في
السورة في كل آياتها. يقول الله عز وجل (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ
﴿١﴾ لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ﴿٢﴾ وَلاَ أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا
أَعْبُدُ ﴿٣﴾) أنا لا أعبد ما تعبدون آلهة غير الله وأنتم لن تعبدون الله
حقاً إلا أن تتجردوا الألوهية له وتخلصوا العبادة له، إذن لا يمكن ذلك، كيف
هم سيعبدون الله سنة مع آلهتهم فهل تتحقق عبوديتهم لله إله النبي صلى الله
عليه وسلم؟


د.
الخضيري:
لا تقبل العبادة لله إلا إذا كانت له
وحده دون أحد سواه.


د.
الربيعة:
ثم يعيد مرة أخرى فيقول (وَلَا أَنَا
عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ (4) وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5))
القارئ يقول ما هذا التكرار؟ هذا التكرار مقصود في تأصيل هذه القضية
وتأكيدها في النفس وإن كنا نلحظ فرقاً بين المعنيين فهل يمكن أن تبينه لنا؟


د.
الخضيري:
العلماء ذكروا أن الأوليين مختلفان عن
الأخريين. فبعض العلماء يقول (لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) (39)) هذه
في المستقبل فيما ياتي من زمن بعد ذلك ، (وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا
عَبَدتُّمْ (4) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (5)) هذه في الماضي يعني لم
يحصل ذلك ولن يحصل. وبعضهم عَكَس المعنى وبعضهم قال الأولى في الآلهة
والثانية في العبادة يعني لا أعبد آلهتكم ولا أعبد كعبادتكم والمقصود من
هذا كله تأكيد هذا الأمر وبيان أنه لا التقاء بين الإيمان والكفر لأنهم كما
أنهم لا يؤمنون بالله ولا يوحدونه فكيف نرضى أن نلتقي معهم في شركهم نسأل
الله العافية والسلامة. وبهذه المناسبة تحضرني قصة جميلة حصلت للمسلمين في
القرون الأولى يقال إن يهودياً كان في بغداد يطوف على المساجد يقول يا أيها
الناس هل تؤمنون بموسى؟ فيقول الناس نعم، نؤمن بموسى، فيقول حسناً، هل
تؤمنون بعيسى؟ فيقول الناس نعم نؤمن بعيسى، فيقول حسناً أما نحن اليهود
فنؤمن بموسى وأما عيسى فلا نؤمن به، ويقول لهم هل تؤمنون بمحمد؟ فيقول
الناس نعم نؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم فيقول ونحن اليهود لا نؤمن بمحمد
أيها الناس دعونا نجتمع على الذي اتفقنا عليه وهو موسى وندع ما اختلفنا
فيه وهو عيسى ومحمد، لبّس على الناس وجاء بشبهة ليلبّس على الناس. قالوا
فما زال يطوف بالمساجد ويحير الناس بسؤاله ذلك فمرة دخل أحد المساجد فقام
رجل من عقلاء المجانين وعقلاء المجانين هؤلاء أناس عندهم ذكاء لكنه بصورة
مخالفة لما هو معتاد وعنده تصرفات مضحكة ولكنهم يأتون بإجابات سديدة فقام
إليه في أحد المساجد وقال يا هذا من موسى الذي تدعونا إلى الإيمان به؟ هل
هو موسى بن عمران الذي بشّر بمحمد أو غيره؟ قال لا، موسى بن عمران الذي لم
يبشر بمحمد، قال هذا والله لا نؤمن به قال فكأنما فُرج على الناس فقاموا
وضربوا ذلك اليهودي حتى كاد أن يموت.


د.
الربيعة:
انظر كيف تكون الحجة في بيان الحق.

د.
الخضيري:
وهذا يدلنا على أنه لا التقاء بيننا
وبينهم. ولا يمكن أن نلتقي معهم حتى يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وحتى
يوحدوا الله فلا يقولوا عُزير ابن الله ولا المسيح ابن الله ولا يثبتوا
الألوهية لأحد من دون الله عز وجل.


د.
الربيعة:
تأمل في تمام السورة تأتي المفاصلة مرة
أخرى فيقول الله عز وجل فيها بلسان محمد صلى الله عليه وسلم (لَكُمْ
دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)


د.
الخضيري:
دينكم خاص بكم وديني خاص بي لا أشارككم
في دينكم ولا تشاركونني في ديني.


د.
الربيعة:
في التوحيد والعقيدة لا يمكن أن يكون
هناك لقاء أما في التعامل فيما بين المسلمين وغيرهم فهذا أمر بيّنه الشرع
فهناك خطوط التقاء في التعامل وفي المصالح والتجارات وغيرها أما في العقيدة
والتوحيد فلا لقاء ولا التقاء.


د.
الخضيري:
ولذلك قال الله عز وجل في سورة الممتحنة
(لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ
وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا
إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8)) فبينت أن من لم
يقاتلنا ولم يعتدي علينا يجوز أن نبرّه ونحسن إليه ونعامله بالحسنى أما من
أساء واعتدى وظلم أهل الإسلام فإنه لا يجوز لنا أبداً أن نمد يد الرحمة له
لأنه كافر بالله ولأنه لم يحسن إلى أهل الإسلام.


د.
الربيعة:
نعرض بمثال الآن كثير من المسلمين قد
يخالط كافرين في عمله أو في مجتمعه أو ربما يسافر إلى بلاد الغرب نريد منهج
عملي في التعامل مع هؤلاء.


د.
الخضيري:
لا شك أن المسلم لا يبدأ بالعدوان على
غيره ويقدم بيان الحجة والأخلاق الفاضلة ويحرص على أن يكون مسلماً بسمت حسن
ويبين أخلاق الإسلام ويجتهد في ذلك ويقصد بذلك دعوة غير المسلمين. فنقول
كل من لم يسئ إلى المسلمين ولم يتبين ويظهر من حاله أنه لا عدوان لا سوء
منه على المسلمين فإنه المسلم يعامله بالحسنى ويتقي الله عز وجل بذلك ويقصد
بذلك دعوته إلى الله جل وعلا. وأما من كان محارباً للمسلمين وظالماً لهم
ومعتدياً عليهم فإن هذا ليس له عندنا إلا السيف ما لم يكن المسلم ضعيفاً
فإذا كان ضعيفاً فإنه يجوز له أو يورّي أو يتقي كما قال الله عز وجل (لاَّ
يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ
الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ
إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ
وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ (28) آل عمران)


د.
الربيعة:
إذن نلحظ أن هذه السورة العظيمة سورة
الكافرون تعطينا منهجاً ربانياً في التعامل مع الكافرين منهجاً في اننا لا
لقاء بيننا وبينهم في التوحيد والعقيدة أما بالنسبة للتعامل فهذا له أحكامه
في الشريعة إنما ينبغي أن نأخذ هذه السورة في واقع حياتنا نجدد بها
توحيدنا لله عز وجل في عباداتنا كلها فلا يكون شيء من عباداتنا في صلاة أو
في صوم أو في نفقة أو في تعامل إلا لله عز وجل خالصاً. ولنسلك هذا المنهج
إنه منهج رباني عظيم يجدد لنا التوحيد والإخلاص الذي نسأل الله عز وجل أن
يحققه لنا في حياتنا كلها ونسأله أن يحيينا على الإخلاص ويميتنا على
الإخلاص ولنا بإذن الله عز وجل لقاء في مجالس أخرى. نستودعكم الله وصلى
الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر


registered since


موسعة برامج  القران الكريم متعدد الحلقات - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسعة برامج القران الكريم متعدد الحلقات   موسعة برامج  القران الكريم متعدد الحلقات - صفحة 3 I_icon_minitime06.05.10 14:58

الحلقة 24

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على
خيرالمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فهذا هو المجلس السادس عشر من
برنامج أضواء المقاطع ونحن الآن في الجزء السادس عشر من القرآن وفي سورة
الكهف تحديداً وفي الآية 103، يقول الله سبحانه وتعالى فيها (قُلْ هَلْ
نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ
سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ
يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ
رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا
كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106) إِنَّ الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ
نُزُلًا (107) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (108)). في
هذه الآيات يبين الله سبحانه وتعالى لنا قوماً من الكفار حالهم أنهم
يجتهدون في العمل ويظنون أنهم باجتهادهم يحسنون صنعاً وما دروا أن الله
سبحانه وتعالى لم يقبل منهم لا صرفاً ولا عدلاً ويقابل ما عملوه بأن يجعله
هباء منثوراً كما قال في سورة الفرقان (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا
مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا (23)). هؤلاء القوم وصفهم
الله بقوله (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) فهم
أصيبوا بالضلال فهم كانوا يسعون وكانوا يجتهدون وكانوا يبادرون إلى أعمال
كثيرة ولكنها مع كل أسف لم تكن متوجة بالإيمان ولم يرد بها طاعة الرحمن ولم
تكن على منهاج الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وبذلك خسروا تلك الأعمال
وشقوا في الحياة وضل سعيهم الذي سعوه. لقد سماه سعياً مما يدل على أنهم
كانوا جادين في عملهم وكانوا بهذا السعي يستحقون أن يجازوا ولكن هذا السعي
لما فقد شرطه الأساس وهو الإيمان بالله وتوحيد الله سبحانه وتعالى لم يقبل
منهم شيء من ذلك العمل الذي تقدموا به أو تقربوا به. قال الله سبحانه
وتعالى مبيناً حال هؤلاء الأخسرين أعمالاً (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا)
إذن قد يظن الإنسان أنه يحسن صنعاً ولكن لا ينبغي للإنسان أن يظن أن مجرد
نيته الطيبة أو ظنه أنه يحسن صنعاً أنه كاف في بلوغ الأجر والوصول إلى
الحال الحسنة التي يحبها الله. إنك لن تبلغ رضوان الله ولن تكون على منهاج
الله حتى تطيع الله وتطيع رسوله صلى اله عليه وسلم وتؤمن بالله وملائكته
وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره وتقوم بالأعمال التي
أوجبها الله عليك ولا تظن أن صدقاتك وزكواتك وأعمالك وبرك وصلتك ستؤجر
عليها عند الله سبحانه وتعالى فإن هذا كله لا ينفعك كما قال الله عز وجل في
سورة البلد (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ﴿١١﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا
الْعَقَبَةُ ﴿١٢﴾ فَكُّ رَقَبَةٍ ﴿١٣﴾ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي
مَسْغَبَةٍ ﴿١٤﴾ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ ﴿١٥﴾ أَوْ مِسْكِينًا ذَا
مَتْرَبَةٍ ﴿١٦﴾ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا
بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ ﴿١٧﴾ أُولَئِكَ أَصْحَابُ
الْمَيْمَنَةِ ﴿١٨﴾) فهؤلاء هم الفائزون. وكذلك قال الله عز وجل (وَمَنْ
أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ (19) الإسراء)
لا بد من الإيمان، إذا لم تأت بهذا الشرط الذي تزكو به الأعمال والذي هو
شرط قبولها عند الله سبحانه وتعالى فإن سعيك يضل ولا ينفعك يوم أن تلقى ربك
وتلقى الجزاء عليه في الدنيا لكنك في الآخرة لن تحصّل منه شيئاً. قال
(وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) هل هذا مراد به
المسلمين؟ لا، هذا يراد به الكفار بدليل قوله سبحانه وتعالى (أُولَئِكَ
الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ
أَعْمَالُهُمْ) كانت لهم أعمال حبطت لأنهم كفروا بآيات ربهم وكفروا بلقاء
الله عز وجل ولم يؤمنوا بالله واليوم الآخر. كما سألت أم المؤمنين عائشة
رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ابن جدعان وكان رجلاً
كريماً محسناً يفك العاني ويغيث الملهوف ويطعم الجائع فقالت أنافعه شيء من
ذلك يا رسول الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنه لم يقل يوماً رب اغفر
لي خطيئتي يوم الدين. قال (فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ) أي ذهبت فلم يلقوا
من جزاء تلك الأعمال شيئاً لأنهم جاؤوا بها بغير شرطها الذي أراده الله
سبحانه وتعالى من كل عامل. قال (فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَزْنًا) يعني يكونون في ذلك اليوم قد خفّت أوزانهم قال الله عز وجل (فَمَن
ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) المؤمنون)
وقال (فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ
رَّاضِيَةٍ (7) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ
هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ (11)
القارعة) فبيّن الله عز وجل أنه لا يقيم لهم وزناً أي لا يزنون عند الله
شيئاً. والميزان يوم القيامة توزن به على الصحيح من أهل العلم الجامع لكل
الأحاديث والآيات الواردة في هذا الباب أنه يكون للعامِل وللعمل وللصحيفة
فالعامِل يوزن والعمل يوزن والصحيفة التي كتب فيها العمل أيضاً توزن ومن
تتبع الايات والأحاديث وجد ذلك واضحاً. وهذه الآية قال الله تعالى فيها
(فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا) يكونوا خفيفي الوزن
إذا وضعوا على الميزان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي
أخرجه البخاري ورواه أبو هريرة رضي الله عنه "إنه ليأتي الرجل العظيم
السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة وقال اقرأوا إن شئتم (فَلَا
نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا). ولما كان الصحابة يوماً
جالسين عند شجرة فصعد ابن مسعود فبدت ساقه وكانت دقيقة جداً فضحك الصحابة
من دقة ساقه فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنها لأثقل في الميزان من جبل
أُحد. فدلّ ذلك على أن العامل يوزن والعمل يوزن والصحيفة أيضاً توزن.
(فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) ذَلِكَ
جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي
هُزُوًا (106)) لاحظوا كيف أن القرآن لا يأتي بالعقوبة مجردة من دون ذكر
الأسباب التي توقع في تلك العقوبة بل تذكر العقوبة ويذكر السبب الموصل إلى
تلك العقوبة كما يذكر الوعد ويذكر السبب الموصل إلى ذلك الوعد الكريم من
الرب العظيم. قال (ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا) أي بسبب
كفرهم ولأنهم (وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا) استهزؤا بالله
واستهزؤا برسل الله صلوات الله وسلامهم عليهم فكذبوهم واتهموهم بالسحر
والشعر والكهانة وبأنهم جاؤوا باساطير الأولين وقالوا فيهم أقاويل يربأ
المسلم أن يتلفظ بها في حق هؤلاء الثلة الأخيار من أنبياء الله ورسله صلوات
الله وسلامه عليهم. لكن يأتي سؤال وهو أن المؤمن يقرأ هذه الايات فيخاف
وأن الصحابة رضوان الله عليهم قد حملوا هذه الايات على بعض المسلمين. نقول
نعم، هذه الآيات تحمل على من شابه الكفار في شيء من أعمالهم فمن عمل عملاً
من الأعمال الصالحة وهو يعمله لا يتقرب به إلى الله فإن عمله ذلك لن ينفعه
وكذلك من عمل عملاً في نظره أنه صالح ولكنه لم يتبع به منهج رسول الله وظن
أن عمله هذا يوصله إلى الله سبحانه وتعالى فنقول له انتبه لئلا تكون من
الأخسرين أعمالاً. وقد حمل بعض الصحابة هذه الآية ونظائرها على الخوارج
لأنهم كانوا يعملون أعمالاً يحقر أحدكم صلاته عند صلاتهم ويقرأون القرآن
ولكنه لا يجاوز تراقيهم كما ورد في الحديث فقد كانوا يتعبدون وانوا يفعلون
افعالاً ولكن من دون علم فضلّوا وأضلّوا نسأل الله العافية والسلامة. ولذلك
حمل بعض الصحابة مثل هذه الآيات عليهم وعلى أمثالهم علماً أن الخوارج لم
يكونوا إلا بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم لما ذكر الله هؤلاء
ذكر في مقابلهم أهل الإيمان على عادة القرآن في ذكر الوعد والوعيد والترغيب
والترهيب وتثنية أحدهما بالآخر فقال جل وعلا (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا)
فبدأ بالإيمان ثم ثنّى بالعمل الصالح مما يدل على أنهما قرينان وأنه لا
يليق بأحد أن يدعي الإيمان دون أن يكون عنده ما يصدق ذلك الإيمان من العمل
الصالح. ولا يجوز لأحد أن يعمل صالحاً دون أن يكون معه سلاح الإيمان الذي
تقبل به الأعمال. ماذا لهم؟ (كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ
نُزُلًا) كأنها من تحقق وقوعها قد صارت ومضت وحكمت وقضي بها لهم علماً
بأنهم لم يملكوها ولم يصلوا إليها بعد ولكن من شدة التحقق وتأكيد الوقوع
قال (كَانَتْ لَهُمْ) وليست لأحد سواهم. (جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا)
وجنات الفردوس هي أعل الجنان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث
الصحيح: ل"إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسط
الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة". قال (جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا) ضيافة
فالله يجعلها بمثابة الضيافة لهم ولشدة كرامتهم عند الله ولكونهم يكرمون
في كل يوم ويبالغ في إكرامهم جزاء ما قدموه وما فعلوه جُعلت الجنة كأنها
ضيافة يعني ليست مجرد سكن ومستقر بل إنهم يعيشون فيها كالأضياف. ماذا تفعل
بضيفك إذا جاء إليك؟ إنك تكرمه وتحسن غليه وترعى حقه قدر ما تستطيع وتفعل
به كل ما بوسعك من الإكرام والإحترام والتقدير. قال الله عز وجل
(خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا) أي إن الله كتب لهم
الجنة وكتب لهم ما هو أعظم من الجنة وهو الخلود فيها. فإنه لو قيل لك إنك
ستدخل الجنة يوماً ثم تموت أو تفنى الجنة، قلت وماذا بعد؟ّ ماذا أنتفع بهذا
الخير إن كان لمدة يوم أو لمدة عام أو عامين أو أكثر أو أقل إذا لم يكن
خالداً باقياً. قال (خَالِدِينَ فِيهَا) وخلودهم هذا من ورائه شيء وهو أنهم
لا يبغون عنها حولا، لا يريدون أن يتحولوا عنها لشدة رضاهم بما آتاهم ربهم
فيها، فهم مطمئنون ومرتاحون وملتذون ومسرورون وهو في كل يوم يزدادون
نعيماً على النعيم الذي يعطيهم الله سبحانه وتعالى إياه. تأملوا في هذه
الاية فإن الله ما ذكرها إلا لأنها تخالف الواقع الذي نعيشه في الحياة، في
الحياة إما أن نؤتى النعيم فنفى نحن نموت وندع ذلك النعيم أو يذهب النعيم
ونحن نراه وهو يفنى أمام أعيننا فتزداد حسرتنا. أما في الجنة فإن نعيمها لا
يزول، شبابها لا هرم بعده ولباسها لا يفنى ونعيمها لا يتحول، لا إله إلا
الله! ثم إنه قال (لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا) الدنيا مهما بلغت في
لذتها وحبورها وجمالها وأعطت صاحبها ما أعطت إن الإنسان يملها ويبغي عنها
حولا يبني البيت فيحسنه ويجمله ويتمه ويفعل به كل ما يشتهيه فإذا سكنه ملّ
منه ثم طلب بيتاً آخر أما في الجنة فإن أهلها لا يبغون عنها حولا. أسأل
الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من أهلها. اللهم اجعلنا من أهل الفردوس
الأعلى من الجنة. اللهم اجعلنا ووالدينا ومن نحب وجميع المسلمين من أهل
الفردوس الأعلى من الجنة. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد والسلام
عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر


registered since


موسعة برامج  القران الكريم متعدد الحلقات - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسعة برامج القران الكريم متعدد الحلقات   موسعة برامج  القران الكريم متعدد الحلقات - صفحة 3 I_icon_minitime06.05.10 14:59

لحلقة 23

د.
الخضيري:
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. هذا المجلس هو
المجلس الثاني والعشرون من مجالس هذا البرنامج المبارك "لنحيا بالقرآن".
ستلاحظون في هذه الحلقة أننا سنكون مع سورة قصيرة ولكن معانيها وما فيها من
الوقفات قوي جداً. وستلاحظون أننا سنحتاج إلى وقت طويل من أجل أن نستوعب
ما في هذه السورة من معاني. وهذا يدلنا على أن القرآن فيه من الخير ما
يستوعب كل حاجات البشر. اليوم وقفتنا بإذن الله عز وجل مع سورة الكوثر حيث
يقول الله سبحانه وتعالى (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ
لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)) هذه السورة
كما تسمعون وتقرأون مكونة من ثلاث آيات فهي أقصر سورة في القرآن من حيث
تعداد الآيات. ولكن انظروا إلى ما فيها الخير الكثير يكفي أن اسمها الكوثر
والكوثر يدل على الخير الكثير، يدل على ذلك النهر الذي أعطاه الله سبحانه
وتعالى لنبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم في الجنة وهو نهر عظيم نسأل
الله سبحانه وتعالى أن يوردنا إياه. وفي الوقت ذاته يدل كما يقول كثير من
المفسرين على الخير الكثير الذي أوتيه محمد صلى الله عليه وسلم. وقد شرحنا
في سورة الضحى بعض الخير الذي أوتيه محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال الله
تعالى له مطمئناً لما أوحِش قلبه أن ربه قد ودّعه وقلاه قال الله
(وَالضُّحَى ﴿١﴾ وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ﴿٢﴾ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا
قَلَى ﴿٣﴾ وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى ﴿٤﴾ وَلَسَوْفَ
يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ﴿٥﴾) هذا بعض الخير الذي أعطاه الله لرسوله
صلى الله عليه وسلم. وهنا يقول له الله جل وعلا (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ
الْكَوْثَرَ) هذه السورة نزلت أيضاً تسلية لقلب النبي صلى الله عليه وسلم
لما سبّه المشركون وعنفوه وآذوه بألسنتهم وقال له بعضهم كما ورد في بعض
أسباب النزول إن محمداً أبتر يعني لا يولد له بنون يكونون من بعد يُبقون
ذكره.


د.
الربيعة:
لما مات ابنه عبد الله

د.
الخضيري:
فهم أرادوا أن يحطموا رسول الله صلى الله
عليه وسلم وينالوا منه فقال الله عز وجل لهم لقدأعطيناك الخير الكثير يا
محمد فانشغل بعبادة ربك، صلِّ لله، وانحر لله ولا تلتفت لهؤلاء الشانئين
فهؤلاء هم المبتورون ولست أنت المبتور. وبالفعل بقي ذكر رسول الله وبقي
اثره وبقي المحبون له وانتشر دينه وذهب أولئك إلى الجحيم، ذهبوا إلى لا شيء
فلا يذكرهم أحد ولا يعرفهم أحد ولا يذكرون بخير في الناس


د.
الربيعة:
إذن هذه السورة سورة امتنان من الله على
نبيه صلى الله عليه وسلم. امتنان وتسلية، تسلية حينما شنيء منه المشركون
وذلك الشقي الذي شنأ منه حينما مات ابنه عليه الصلاة والسلام وهي امتنان من
الله على نبيه بان أعطاه الخير الكثير. وهذا الامتنان الذي أعطاه الله
لنبيه صلى الله عليه وسلم هو امتنان من الله تعالى لأمته حينما منح الله
تعالى نبيه وخصّه بهذا النهر العظيم وخصّه بهذا الخير الكثير الذي منحه
إياه ومنحه أمته فما أحرانا أن نرتبط بهذه السورة حقاً إنها موضع إرتباط
لهذه الأمة.


د.
الخضيري:
موضع ارتباط لرسول الله ولأمته لأن كل من
أخذ بدين رسول الله ناله من ذلك الخير بقدر ما أخذ. وهذه فيها وقفة جميلة
جداً وهي بقدر ما تأخذ من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يصيبك الخير
ويفتح الله لك من طيب النفس وانشراح الصدر وسعة الرزق وحسن الذكر ولسان
الصدق بقدر ما تأخذ من ذلك الخير, فالذي أوتيه رسول الله خير كثير فالناس
أمام هذا الخير مستقلون ومستكثرون. فهناك أناس يأخذون برفق أو يأخذون شيئاً
يسيراً فيصيبهم من الخير بقدر ما أخذوا. وهناك أناس يخوضون في هذا الخير
فيأخذون منه شيئاً كثيراً وهذه جعوة لنا جميعاً أن نأخذ من علم رسول الله
وأن نأخذ من هذا الهدي الذي أنزل على رسول الله وأن نأخذ من السنة التي
أبقاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا، أن نأخذ منها ونأخذ بها ونستمسك
بها فيسؤتينا الله من الخير بقدر ما أخذنا من ذلك الخير.


د.
الربيعة:
هناك معنى يقابل ذلك وهو أنه مهما شنأ
بنا أعداؤنا واستهزؤا بنا وسخروا منا فأنت أيها المؤمن حينما يستهزئ بك أحد
فإن الله تعالى قد أعطاك خيراً كثيراً.


د.
الخضيري:
يعني لا يصيبك اليأس والقنوط أو تصاب
بحالة من الاكتئاب بسبب كلمة ألقيت عليك.


د.
الربيعة:
أعطاك الله الإسلام والهداية واللغة
وأكرمك أن جعلك من عباده.


د.
الخضيري:
كنت مرة في أمريكا فكان عندي مجموعة من
الطلاب أدرسهم قصار المفصل وبعض السور التي يحتاجونها لما رأيتهم يعانون
عناء شديداً من نطق الحروف العربية في اول ايام تعليمهم، فقلت لهم بكم
تشتري لساني هذا؟ قال أحدهم أنا أشتريه بكل ما أملك وقال الثاني أنا اشتريه
بالدنيا وما عليه، وقال الثالث يا شيخ إتق الله هذا اللسان ليس له مثال في
الدنيا فقلت والله إن هذا لخير كثير من الله سبحانه وتعالى أعطانا إياه
قبل أن نسأله إياه وهذا من فضل الله علينا. واليوم أقول لإخواني قد زهد
الناس بهذا اللسان وصاروا يتعلمون لغة الأعاجم ويدعون اللغة العربية لا
يتعلمونها وهم من أهلها مع الأسف وهي لغة القرآن.


د.
الربيعة:
لو تأملنا في السورة يقول الله عز وجل
(إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) هذا افتتاح عظيم فيه معاني عظيمة هل
يمكن أن يفتح الله عليك بمعنى من المعاني في هذا الافتتاح؟


د.
الخضيري:
لا شك أن في قوله (إنا) تعظيم لهذا الذي
أعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الله ما نسبه إلى نفسه إلا وهو
عظيم عنده. فالله قد أعطى رسوله هذا القرآن فهو عظيم فمن أخذ بالقرآن أخذ
بشيء عظيم. وكذلك أعطاه هذا الدين وهو عظيم ومن أخذ بهذا الدين فقد أخذ شيء
عظيم.


د.
الربيعة:
إذن الآية فيها عِظم المُعطي والمُعطى
والعطاء. المُعطي الله سبحانه وتعالى والمعطَى النبي صلى الله عليه وسلم
والعطاء هو الخير


د.
الخضري:
هذا الخير الذي أوّله الوحي وآخره شرائع
الإسلام وهذه السنن وهذه الشرائع التي جعلها الله عز وجل رحمة للعالمين.


د.
الربيعة:
ومن هذا العطاء ما قاله النبي صلى الله
عليه وسلم أن الكوثر هو نهر أعطانيه الله عز وجل في الجنة لأنه خُصّ به
النبي عليه الصلاة والسلام.


د.
الخضيري:
لعلنا ننتقل إلى قول الله عز وجل
(فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ). كما في سورة قريش لما ذكر الله عز وجل
النعم على أهل مكة قال (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3)) وهنا
لما ذكر الله العطاء العظيم لرسول صلى الله عليه وسلم قال يا محمد قابل هذا
العطاء بأن تصلي لربك وتنحر. (فَصَلِّ لِرَبِّكَ) صلِّ له مخلصاً له الدين
وانحر. وعندي في هذا وقفات. الأولى كيف بدأ بالصلاة؟ لأنها أجلّ الأعمال
وأعظمها قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الصلاة خير موضوع فمستقل ومستكثر"
وأنا أقول عظِّموا هذه الصلاة واعتنوا بها وأقيموها فأنه لم يؤمر بها في
القرآن إلا على وجه الإقامة (أقيموا الصلاة، المقيمين الصلاة، أقاموا
الصلاة).


د.
الربيعة:
وأيضاً في سر الأمر بالصلاة والله أعلم
أنه لما كانت السورة نازلة في تسلية النبي صلى الله عليه وسلم من هذا
الاستهزاء الذي استهزأ به المشركون كانت الصلاة أعظم من تصله بربه وتُذهب
همه فإذا أصابك هم إفزع إلى الصلاة وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه
أمر فزع إلى الصلاة. فهي مناسبة في حال إذا أصاب المسلم هم أو غم أو فزع
أو ضاقت به الدنيا


د.
الخضيري:
وأيضاً الصلاة فيها ميزة عظيمة جداً وهي
أن البدن كله يتحرك بها القلب يخشع اللسان يذكر العين تنظر إلى موضع السجدة
اليد تقبض على بعضها أو توضع على الركبتين، الجبهة والأنف تخضع لله عز وجل
وتمرغ بالتراب بين يدي الله جل وعلا. إذن هي عنوان العبودية ولذلك بدأ
الله بها. يأتي السؤال ما علاقة النحر؟ كإنها مثل الزكاة عندما يقرن الله
عز وجل الصلاة بالزكاة في كثير من المواطن هنا قرن الله الصلاة بالنحر
أولاً تحقيقاً للعبودية والتوحيد وهذا من الجوانب التي أخل بها المشركون
فكانوا يذبحون لأصنامهم وآلهتهم شركاً والعياذ بالله.


د.
الربيعة:
لعل هذا فيه إشارة إلى الاستخفاف بهم
أولئك يذبحون للأصنام والأحجار وأنت يا محمد تذبح لربك.


د.
الخضيري:
والثاني أن النحر فيه منفعة ومصلحة للناس
لأنك إذا نحرت لله عز وجل أطعمت المساكين بخلاف ما ذكره الله في السورة
السابقة عن الذين يكذبون بالدين فإنهم يدعون اليتيم ولا يحضون على طعام
المسكين ويمنعون الماعون أما أنت فأنت تنحر وتعطي كما فعل النبي صلى الله
عليه وسلم في حجة الوداع نحر مائة من الإبل ثلاثة وستين بيده الشريفة
والباقي نحره علي بن أبي طالب ثم تُركت للناس يأخذون من اللحوم ما شاؤوا
وهذا يدل على أن الإسلام لم يأت ليكون ديناً في مسجد أو في محراب أو جلسة
مع مصحف وإنما هو دين للحياة نحن علاقتنا مع الله وعلاقتنا أيضاً مع عباد
الله نتعبد لله عز وجل بأن نطيعه وأن نسجد بين يديه ونتعبد لله وأن نعطي
عباده وأن نحسن إليهم.


د.
الربيعة:
ولعل من المعاني التي تستنبط في قوله
(وانحر) الدلالة على التوحيد فهؤلاء يعبدون غير الله وأشار بالنحر الذي هو
من أعظم أنواع التوحيد والعبادة فقال انحر لربك أي حقق توحيد ربك وصلّ أي
اعبد ربك كما أمرك الله تعالى فإن هذا هو الشرع.


د.
الخضيري:
قال الله عز وجل (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ
الْأَبْتَرُ) ماذا يمكن أن نستفيد من دلالات من خلال هذه الجملة العظيمة
التي ختم الله بها هذه السورة؟


د.
الربيعة:
هذا الختام هو بعد أن ابتدأ الله عز وجل
الامتنان على النبي عليه الصلاة والسلام بأن أعطاه الخير الكثير وشرّفه
بهذا الفضل العظيم ختم السورة بما هو مناسبتها وكأنه قال لا يهمك أمره بعد
هذا العطاء وهذا الخير هل يليق بالإنسان بعد أن يعطيه الله الخير أن ينظر
إلى أولئك المستهزئون وأولئك الشانئون وأولئك الساخرون؟! لا والله، كفى به
شرفاً وعزاً وقوة أن يكون على هذا الدين. ختام السورة في قوله (إِنَّ
شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) كأنه قال الله عز وجل لا تأبه بهم فإن الله
سيقطع أمرهم وشأنهم هو الأبتر هو الأقطع، هل في معنى الأبتر معنى في
الاستهزاء بهم والسخرية منهم؟


د.
الخضيري:
لا شك أنهم استهزأوا برسول الله في شيء
ورد الله استهزاءهم عليهم ورد كيدهم في نحورهم فجعلهم هم المبتورين. يعني
وإن كنتم تملكون الإعلان والدعاية والمنصب والملك والقدرة على التأثير على
الناس فإن كل ما تفعلونه سينقطع ويندثر ويذهب وسيبقى رسول الله. وانظر إلى
الوعد الذي تحقق من الله سبحانه وتعالى فإن وعد الله لا بد أن يتحقق ولا
يمكن أن يُخلف وعد الله أن يبترهم فبترهم ووعد الله أن يرفع ذكر محمد صلى
الله عليه وسلم فرفع ذكره حتى إننا اليوم نشاهد أن ذكر رسول الله صلى الله
عليه وسلم لا ينقطع من الأرض طرفة عين. في الأذان فقط الآن الأذان لا ينقطع
من الأرض يدور في الأرض دوراناً. هناك الآن أناس في هذه اللحظة يؤذنون
الظهر والآن هناك أناس يؤذنون العصر والآن هناك أناس يؤذنون المغرب والآن
هناك أناس يؤذنون العشاء وأناس يؤذنون الفجر وفي كل أذان رفعة لمحمد صلى
الله عليه وسلم فكل واحد منهم يقول أشهد أن محمداً رسول الله، هذا بالأذان
فكيف بأنواع الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم!. هل هذا خاص برسول
الله؟ ليس خاصاً برسول الله بل من سلك مسلك رسول الله وقام بدين الله فإن
شانئه ومبغضه والكائد له هو الأبتر هو الذي سنقطع وهو الذي سيزول ملكه
وتذهب دولته وبذهب شرفه ويبقى شرف هؤلاء الدعاة. وانظر إلى شرف دعاة
الإسلام في قديم الزمان وفي حديثه يكثر أعداؤهم ويؤذون ويودعون السجون، شيخ
الإسلام ابن تيمية مات وهو في السجن وخرجت جنازته من السجن، أين هم الذين
سجنوه؟ من يعرفهم؟ الذين وشوا به أين هم؟ ذهبوا وبقي ذكر ذلك الرجل الذي
نصر سنة رسول الله


د.
الربيعة:
وهذه الآية في ختام البرنامج تعطينا
درساً عظيماً أن أولئك الشانئون لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يمثلون
بصوره اليوم كأمثال الدانمارك وغيرهم سيبترهم الله وسيقطعهم بإذن الله عز
وجل.


د.
الخضيري:
ونحن واثقون من ذلك. كانت المعاني
المستنبطة من هذه السورة على قلة آياتها كثيرة جداً ولو أردنا أن نأخذ من
ظلالها ونأخذ من معانيها ومن هداياتها ونجمع ذلك فإننا لا نستطيع ذلك في
حلقة ولا حلقتين ولا أكثر ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق. أسأل الله
عز وجل أن ينفعني وإياكم بكلامه وكتابه وصلى الله وسلم على نبينا محمد
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر


registered since


موسعة برامج  القران الكريم متعدد الحلقات - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسعة برامج القران الكريم متعدد الحلقات   موسعة برامج  القران الكريم متعدد الحلقات - صفحة 3 I_icon_minitime06.05.10 14:59

الحلقة 22

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف
الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فهذا هو
المجلس الخامس عشر من هذا البرنامج المبارك أضواء المقاطع في هذا المجلس
نأخذ مقطعاً من الجزء الخامس عشر من كتاب الله الكريم ومن سورة الإسراء
تحديداً من الآية 23، يقول الله جل وعلا (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ
تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا
يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل
لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا (23)
وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ
ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا
فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ
غَفُورًا (25)) هذه الاية جاءت من ضمن آيات الوصايا في سورة الإسراء.
وآيات الوصايا في سورة الإسراء تبدأ من قول الله عز وجل (لاَّ تَجْعَل مَعَ
اللّهِ إِلَـهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً (22)). افتتحت
هذه الايات آيات الوصايا في سورة الإسراء بأمر التوحيد والتأكيد عن النهي
عن الشكر وختمت كذلك بقول الله عز وجل (ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ
رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ
فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا (39)) وهذا يدلنا على شديد
العناية بأمر التوحيد وأنه أمر عظيم عند الله سبحانه وتعالى فبه تفتتح
الأعمال وبه تختتم. ثم ثنّى الله عز وجل بعد ذلك بأن ذكر بحقه وحق الوالدين
لعظم حقهما فقال مفتحاً هذه الاية بقوله (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ
تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) ومعنى قوله
قضى أي أوجب وحكم وأوصى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ
إِيَّاهُ) أي اعبدوه وحده ولا تشركوا معه أحداً سواه. (وَبِالْوَالِدَيْنِ
إِحْسَانًا) أي قضى أن يُحسن إلى الوالدين ولاحظوا كيف أن الله سبحانه
وتعالى لم يأمرنا بأن لا نسيء إلى الوالدين ولم ينهنا عن العقوق وحده بل
أوجب علينا أن نحسن إلى والدينا والإحسان مرتبة زائدة عن النهي عن العقوق.
فقد يترك الإنسان عقوق والديه فلا يسيء إليهما ولا يضرهما بشيء ومع ذلك لا
يكون مطبقاً لما جاء في هذه الاية وهو أن يُحسن الإنسان إلى والديه فيوصل
إليهما البر والخير ويعطف عليهما ويدعو لهما ويبذل تجاههما كل ما يستطيع.
قال (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) ومن هذا يتبين أن مراتب الناس بالنسبة
للوالدين ثلاثة: المرتبة الأولى مرتبة المحسنين وهم الذين أدوا ما أوجب
الله عز وجل عليهم في كتابه بأن برّوا آباءهم وقدموا إليهم الخير وأطاعوهم
وامتثلوا أوامرهم وفعلوا ما بوسعهم مما يسمى براً وإحساناً. والقسم الثاني
على الضد من ذلك وهم من عقوا والديهم وإساؤوا إليهم فضربوا وسبوا وشتموا
وبخلوا وعصوا ولم يستجيبوا والقسم الثالث وهم برزخ بين هؤلاء وهؤلاء وهم
الذين لم يعقوا ولم يحسنوا والله سبحانه وتعالى إنما أمر بالإحسان. فإذا لم
يأت الإنسان لوالديه بالإحسان فإنه لا يكون ممتثلاً للأمر ويكون مخالفاً
لمقتضى هذه الاية الكريمة. ثم بيّن الله عز وجل صورة من صور هذا الإحسان
فقال (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا)
هذه المرحلة من مراحل عمر الوالدين هي المرحلة التي يحتاج فيها الوالدان
إلى الولد ولذلك خصها بالذكر وإلا فإن الإحسان إلى الوالدين لا يقتصر على
مرحلة معينة بل يجب على الإبن أن يحسن إلى والديه في كل الأحوال فقال
(إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا) في
تلك المرحلة مرحلة الضعف والوهن وقلة الحيلة وضعف التدبير وكثرة الأمراض
ووصول الأبوين إلى سن الهرم بل والخرف أحياناً مع الأعياء الشديد وغير ذلك
مما يحصل لمن رق عظمه ولان جسمه وأصبحت تنتابه الأمراض. قال (إمَّا
يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَر) لاحظوا قوله (عندك) يعني أن الأصل فيهما
عندما يكونان كبيرين أن يكونا عندك لا عند أحد سواك، ليس في الملجأ وليس
عند الأجنبي عنهما أو القريب لهما غير ابنهما بل عندك قال (إِمَّا
يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا) لا تظن أنك
تبلغ البر بأن تحسن إلى أحدهما وتدع الآخر وتقول أنا أكتفي بأحد الوالدين
وأدع الثاني بل يلزمك أن تحسن إليهما جميعاً وأن تقوم بحقهما جميعاً وأن لا
تقصر أياً كان ما يحتاجوه سواء كانت الأم تحتاج إلى البر وإلى الإحسان
أكثر أو كان الأب أو كان كل واحد منهما محتاجاً لذلك منك. قال (إِمَّا
يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل
لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا) وهنا يتبين لنا سر اختيار هذه المرحلة
لتوجيه هذه الإرشادات والأوامر. العادة أن الإنسان لا يستطيع أن يقول
لأبويه أف وهما نشيطان وهما قادران على العمل وهما يرجى منهما خير للإبن
وهما يعقلان ما يقولان ويحسنان التدبير في أمورهما إنما يقول لهما أف عندما
يكونا في حالة الضعف وعندما تضعف عقولهما وتضجر أنفسهما. فيأتي الأب ويطلب
من ابنه أن يفعل أشياء لا يرغب فيها الإبن أو لا يحبها افبن أو يرى الإبن
أنها غير مناسبة له أو لا تليق بحاله مع ابنه أو مع زوجته فتكون هذه من
الأوامر المضجرة وليست من الأوامر المعقولة. مثل أن يقول لك كم بقي على
صلاة الظهر؟ فتقول بقي نصف ساعة ثم بعد دقيقتين يقول كم بقي على صلاة
الظهر؟ فتقول بقي نصف ساعة ثم يقولها مرة ثالثة ويستمر يسألك سؤالاً إثر
سؤال فتضجر وتقول أف ما هذا لماذا تكرر علي السؤال؟! ألا تفهم! في هذه
المرحلة يوصيك الله سبحانه وتعالى أن تثبت وأن تحسن وأن تتجمل بالقول فيقول
(فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ) ينهاك أن تقول أدنى شيء يمكن أن يقال
للوالدين مما يخالف مرتبة الإحسان التي أمرك الله سبحانه وتعالى بها فيقول
(فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ). إذن ليس الحديث عن السب والشتم واللعن ولا
الحديث عن الضرب واللكم واللكز إنما الحديث عن شيء تافه قد يضر بعلاقتك مع
والديك، شيء قد لا يسمعه الأب وقد لا يدركه وقد ينساه لأول لحظة ولكنه لا
يليق بالمؤمن البر الذي يريد أن يبلغ درجة الإحسان ويحقق ما أمر الله به في
القرآن (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا). قال (فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ
وَلاَ تَنْهَرْهُمَا) قال العلماء في جانب القول ذكر أقل ما يمكن أن يقال
وفي جانب الفعل ذكر أدنى ما يمكن أن يفعل وهو النهر والنهر عادة يكون
بأفعال كثيرة لكن من أقلها أن ينفض الإنسان يديه فهذا لون من ألوان النهر.
قال العلماء فلما ذكر أدنى القول القبيح وأدنى الفعل القبيح ذكّر بضدهما
(وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا) لم يقل لا تقل لهم أفّ وسكت عن ذلك، بل
قابل ما يضجرانك به من الأقوال بألا تقل لهما أف وقل لهما قولاً كريماً،
تقول يا والدي بقي على أذان الظهر نصف ساعة، يقول لك كم بقي على أذان
الظهر؟ تقول يا والدي بقي 25 دقيقة، يقول لك يا ولدي كم بقي على أذان
الظهر؟ تقول يا والدي يا حبيبي بقي عشر دقائق، بقي دقيقتان، الآن يؤذن، ولا
نضجر بل تقول قولاً كريماً، غفر الله لك يا أبي بقي كذا، جعلني الله وغياك
ممن يقيمون الصلاة، وقل لهما قولاً كريماً والقول الكريم النفيس الرفيع
الطيب الذي يفيض بالعبارات الجميلة الطيبة والودودة الحنونة التي يحسن
بالإنسان أن يسمعها من غيره ويحسن بالإنسان أن يسمعها لوالديه. ولما ذكر
الفعل القبيح بقوله (وَلاَ تَنْهَرْهُمَا) ذكر أيضاً الفعل الجميل فقال
(وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) يعني لِن لهما وكن
كالأرض الوطيئة مثل الرمل عندما يمشي عليه الإنسان بقدميه لا يشعر بوخز ولا
يحس بشيء من الأذى. (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ
الرَّحْمَةِ) اخفض لهما جناحك هذا الجناح الذي تطير به وتمشي به وتسعى به
اخفضه لهما يعني كن طيعاً كن ليناً كن رهن إشارتهما لا تخالفهما في أمر
يريدانه منك. (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) أي من
شدة رحمتك بهما. (وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)
سبحان الله! قبل قليل قال (وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا) ألا يكتفى
بذلك؟ لا يكتفى بذلك الآن هما يحتاجان منك الدعاء ويطربان من سماعه من فمك
وهما الآن قد تعطلت أعضاؤهما عن كثير مما كانا يقومان به من العبادة فعليك
أن تكثر لهما من الدعاء (وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي
صَغِيرًا) في هذه اللحظة ترد الجميل الذي أسدياه إليك وكل ما تفعله في
حقهما لن يكون كبيراً ولن يكون كثيراً ولن يكون موازياً لما قدماه لك.
(وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) قل قولاً كريماً
وفي الوقت نفسه أكثر لهما من الدعاء. وهذا يبين لنا إلى أن من أعظم ألوان
البر البر بالقول وهو الذي يخطئه كثير من الناس فقد يحسن الإبن إلى أبويه
فينفق عليهما وقد يحسن فيؤيهما وقد يحسن فيقوم على علاجهما وخدمتهما
ونظافتهما ولكنه يقصر بأن يتكلم معهما بالكلام الطيب الرفيق اللين الذي
يحتاجان إليه. إننا بحاجة لأن نتذكر هذا الأمر ونعمل به (وَقُل لَّهُمَا
قَوْلاً كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ
الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)).
ثم ختمت الآيات بقوله (رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن
تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا) أي الله
يعلم ما في نفوسكم من إرادة البر إذا كنتم صادقين في ذلك أو إرادة العقوق
وتمني الخلاص من الوالدين فإن كنتم صالحين فإن الله يغفر لكم ما يبدر منكم
من نقصير في حق والديكم وهذا من رحمة الله بنا فإن البر لا يطاق على وجه
الكمال ولا يقدره كل أحد في كل الأوقات ولكن الله يعلم أنك قد تخطئ هذا
البر وليس في نفسك أنك تريد العقوق فالله يقول لك (رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ
بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ
لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا). أسأل الله أن يجعلني وإياكم من البررة الذي
يبرون والديهم في حياتهم وبعد مماتهم أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر
Anonymous

registered since


موسعة برامج  القران الكريم متعدد الحلقات - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسعة برامج القران الكريم متعدد الحلقات   موسعة برامج  القران الكريم متعدد الحلقات - صفحة 3 I_icon_minitime06.05.10 15:02

الحلقة 22

د.
الخضيري:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه هذا هو المجلس
الحادي والعشرون من مجالس برنامجكم "لنحيا بالقرآن". هذا المجلس مخصص
لسورة الماعون، هذه السورة التي تتكون من آيات معدودة يقول الله تعالى فيها
(أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ﴿١﴾ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ
الْيَتِيمَ ﴿٢﴾ وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴿٣﴾ فَوَيْلٌ
لِلْمُصَلِّينَ ﴿٤﴾ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ ﴿٥﴾
الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ ﴿٦﴾ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴿٧﴾) هذه السورة
هي سورة تتحدث عن المكذبين بيوم الدين وعن أخلاقهم السيئة تنفر من تلك
الأخلاق وتبين أثر التكذيب بالدين على أخلاق الإنسان. إن الإنسان إذا كذب
بالدين ظهر أثر ذلك على حياته فتجده لا يبالي بحقوق الخلق لا يبالي
بالضعفاء ولا يرحم المساكين ولا يقوم بالواجبات ولا يقري الضيف ولا يكرم
الجار ولا يحسن إلى الناس ولا يحترم الأنظمة لأنه لا يؤمن باليوم الآخر
ويظن أن الحياة هي هذه الحياة وكفى ولذلك هذه السورة جاءت لتبين لنا كيف أن
التكذيب بالدين يؤثر بالإنسان وعلى طريقة تعامله مع الحياة والأحياء
وطريقة تعامله مع أوامر الله عز وجل ونواهيه فهي تطغى عليه تهيمن عليه وعلى
تصرفاته. هذا ملاحظ جداً وسيبين الدكتور محمد كيف هذا الأثر يظهر على
الإنسان عندما مكذباً بيوم الدين.


د.
الربيعة:
هذه السورة تتحدث عن المكذبين بالدين
وصفاتهم وبيان أثر هذا التكذيب في سوء الأخلاق وسوء التعامل وانعدام نفع
الناس أن يكون الإنسان المكذب همه نفسه مصلحته لأنه لا يؤمن بالجزاء ولا
يؤمن بالآخرة. فما الذي يدعوه إلى الإحسان وما الذي يدعوه إلى البذل
والعطاء إلا رياء وسمعة أو مصلحة شخصية فإذا انعدم الإيمان باليوم الآخر
انعدم نفع الإنسان للناس وبذله وعطاؤه. وتأمل كيف سميت هذه السورة بسورة
الماعون. هناك علاقة بين هذا الإسم فإن هذا الماعون إناء الطعام يشير إلى
أن المكذبين بالدين يبخلون بالنفع والعطاء حتى بالماعون لأن العرب من
عادتهم في قلة آنيتهم وقلة ما عندهم كان يستعير بعضهم من بعض فإشارة إلى
أنهم يمنعون الماعون فضلاً عن أنهم يعطون الطعام بالماعون ويمنحونه.


د.
الخضيري:
قد نجد أناساً ينضبطون بالأخلاق وينفعون
الناس وهم لا يؤمنون باليوم الآخر ولكن كل ذلك لمصالح حاضرة وعاجلة. مثل
الآن ما نراه من الغربيين تجدهم منضبطين في حياتهم منضبطين بالأنظمة
واللوائح والقواني التي تسنها الدول ما الذي يحدوهم إلى ذلك؟ الخوف من
الجزاء والعقوبة الدنيوية وليس العقوبة الأخروية ولذلك إذا أمنوا هذه
العقوبة نجدهم أول من يلقي بهذه القوانين والأنظمة عرض الحائط ولا يبالي
بها. ولذلك تجد في بلادهم أحياماً كتب تصدر تقول لك كيف تستطيع الوصول إلى
الشياء الفلانية من دون أن يكون هناك مدخل عليك من جهة الأنظمة، ليس هناك
خوف من الآخرة، ليس هناك خوف من الجزاء والحساب. أبيّن هذا في مشهد يتكرر
كثيراً، تجد مثلاً هؤلاء أمناء عندما تتعامل معهم معاملة مالية تجد أن هناك
قدر واضح من الأمانة قد لا تجد عند بعض المسلمين للأسف الذين هم مسلمون
بالإسم ولكنهم لا يمتثلون إسلامهم على الحقيقة. هذه الأمانة هل هي صادرة من
الإيمان باليوم الآخر؟ لا وكلا، هي من رجائه لأن تتم المعاملة بينك وبينه
حتى يضمنك كزبون لمصلحة يريد تحقيقها. الدليل على ذلك أُنظر إليه في تعامله
مع والديه عندما يبلغ الثامنة عشرة يغادر بيت والديه ويذهب يضرب في
الحياة، لا يكاد يعرف والديه إلا في السنة مرة في عيد الميلاد أو رأس السنة
يرسل بطاقة أو رسالة قصيرة أو يتصل بالهاتف ويسلم على والده ووالدته.
عندما نذكر قيمة الوفاء هم أوفياء لكن ليس لأجل الآخرة وإنما لمصالح دنيوية
آنية متى علموا أنها لا تفيدهم ضربوا بها عرض الحائط. ولذلك من أحق الناس
بالوفاء؟ أليس والديك؟ اللذان قاما عليك وأديا حقوقك وأطعماك واجتهدا في
تربيتك ثم بعدما بدأ نفعك ذهبت وتركتهما وتبخل عليهما بنصف دولار ترسله
إليهم


د.
الربيعة:
أذكر مثالاً على هذا في أخلاق الكافرين
فيما بينهم مما يدل على جفاف نبع الخير في نفوسهم والعطاء والنفع والسبب في
ذلك هو عدم الإيمان باليوم الآخر. أرأيتهم كيف تعاملهم فيما بينهم إذا ذهب
بعضهم مع بعض للمطاعم تجد كل واحد يشتري لنفسه كما يقال للأسف الشديد من
بعض الشباب الذي يريد أن يقلدهم "على الطريقة الأميركية". أذكر مرة من
المرات كنت مع أحد الشباب ذاهب من القضيم إلى الرياض وفي الرياض وقفنا عند
مطعم وقال نحن على الطريقة الأميركية فقلته له ما هي الطريقة الأميركية؟
قال تشتري لتفسك واشتري لنفسي، قلت أنا أعتذر عن هذا فأعطيت صاحب المطعم
النقود فجاء ليحاسب فعاتبني فقلت هذا ليس على منهجنا وعادتنا للأسف الشديد
شبابنا يظنون أن هذه الطريقة طريقة حضارية وهي الحقيقة دليل على عدم الرحمة
فيما بينهم والتعاون فيما بينهم وبذا العطاء والنفع فيما بينهم.


د.
الخضيري:
وعدم رجاء الآخرة. النبي صلى الله عليه
وسلم أول ما دخل المدينة ما هي الكلمات التي أعلنها كدستور وميثاق للمسلمين
وهو راكب على ناقته القصواء؟ لم يحط رحاله في مدينته، كان يقول أربع
كلمات، كان يقول: "أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصِلوا الأرحام
وصلّوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام" أربعة أشياء ثلاثة منها في
نفع الناس هذا موعود عليه وعد أن تدخلوا الجنة بسلام فإذا أردت أن تدخل
الجنة بسلام أفشي السلام وأطعم الطعام وصِل الأرحام وصلي بالليل والناس
نيام، أسأل الله أن يجعلني وإياكم كذلك.


د.
الربيعة:
لو أخذنا صفات الكافرين من خلال السورة
يقول الله عز وجل (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) لاحظ هذا
الاستفهام، اشاهدت هذا المكذب كيف أخلاقه؟ لتعلم أن تكذيبه بالدين يدل على
أنه إنسان غير سوي بأخلاقه وتعامله إذن نستطيع أن نحكم على الإنسان في خلقه
وتعامله مع الناس في مدى صدقه وفي مدى حسن تعامله ووفائه، في مدى بذله
وعطائه وهذا يجعلنا نقول أننا نحن المسلمون ينبغي أن يكون بيننا من التعاون
والتراحم والتعاطف والعطاء والبذل مما يظهر في صفاتنا مقارنة بغيرنا


د.
الخضيري:
ولذلك أقول عوداً على بدء متى تأخر
الإيمان بالدين عنا أو غاب عن قلوبنا وعن حياتنا فإن ذلك سوف يظهر في
أخلاقنا وأفعالنا وتصرفاتنا. تلاحظ الآن في حياة المسلمين ما الذي يجعلهم
يكذبون ويغشون ويفعلون أفعالاً نكراء لا يبالون بحقوق الناس، يظلمون الخلق،
يعتدون على أموالهم ويعتدون على أعراضهم، ما هو السبب في ذلك؟ السبب ليس
أنهم لا يؤمنون بالدين ولكنهم لأن الإيمان بالدين قد غاب عن أذهانهم، لا
يشاهد الجنة ولا يشاهد النار كأنه يراها رأي العين، فهو يعيش في دنياه
ولذلك عنده استعداد أن يظلم ويسرق ويأكل مال الناس ويرتشي، يفعل المنكرات
والمحرمات مع أنه مقتنع بأنها محرمات ومع أنه مقتنع بأنه سوف يجازى ويحاسب
عليها يوم القيامة ولكن هناك غيبة وهناك غفلة وهناك تغطية على القلب حول
هذه الأشياء التي تسير الإنسان وتغير مسارات


د.
الربيعة:
إذن نستطيع أن نقول أن من علامات صدق
الإيمان نفع الناس وخاصة الضعفاء كما قال الله عز وجل في سورة البلد (فَلَا
اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ﴿١١﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ ﴿١٢﴾ فَكُّ
رَقَبَةٍ ﴿١٣﴾ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ﴿١٤﴾ يَتِيمًا ذَا
مَقْرَبَةٍ ﴿١٥﴾ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ ﴿١٦﴾) العطاء للمساكين
دليل على أنه عندك إيمان لأن هؤلاء ليس بينك وبينهم مصلحة، لا ترجو منهم
شيئاً هؤلاء ضعفاء مجردون من كل ما يمكن أن يمنحونك من مصالح فكلما كنت
قريباً من المساكين كلما كنت أدل على صدق إيمانك وقوة دينك.


د.
الخضيري:
ننتقل إلى الموطن الآخر الذي نحاول من
خلاله أن نركز انتباه المشاهدين على ما في هذه السورة من نواحي عملية. قال
الله عز وجل مبيناً صفات هؤلاء الكافرين (فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ
الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3)) يدع اليتيم
يعني يدفعه عن حقه وهو لا يريد أن يعطيه شيئاً لا من حقه ولا من حق الله
الذي أوجبه له. الله عز وجل أوجب لليتيم الاحترام والعطف والرحمة واللين
والحلم ولذلك قال (فذلك) وأشار إليه إشارة إلى البعيد لأنه قد أبعد عن رحمة
الله وأبعد عن معية الله سبحانه وتعالى.


د.
الربيعة:
وتأمل كلمة (يدُعّ) كلمة فيها قوة ليست
فقط يمنع بل يمنع ويدفع بإهانة وازدراء واحتقار. إن هذا لدليل على جفاف
وقسوة القلوب تماماً.


د.
الخضيري:
ولذلك كان المشركون الذي بُعث فيهم النبي
صلى الله عليه وسلم لا يرحمون الميت، أول ما يموت الميت يأتي الكبير من
روثته كأخيه مثلاً أو ابنه الأكبر فيستولي على ماله ويبقى هؤلاء الضعفاء من
الأيتام لا مال لهم يتكففون الناس وياتي الرجل ايضاً ويستولي على مال أخيه
أو ابنه ويدع زوجته وأولاده بلا مال فجاءت آيات القرآن منكرة هذا الوضع
البشع، هذا الوضع الشنيع الفظيع الذي لا يليق بالإنسانية ولا يليق بأهل
الإيمان (فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) يدفعه عن حقه ولا يحترمه
ويمنعه عن حقه ثم يقول (وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ) يعني
أنه أيضاً لا يرحم المساكين، إذا لم يطعمهم لا يحض على إطعامهم.


د.
الربيعة:
لا يحض على إطعامهم. تصور إنسان يأتيك
فلا تطعمه فيذهب لآخر فلا تحضه على ذلك وربما تمنعه، إن هذا لجفاف، إن هذا
انعدام الرحمة في القلب.


د.
الخضيري:
دعنا ننتقل إلى بعض المواطن العملية في
السورة التي نريد أن نلفت أنظار المشاهدين إليها وهي قوله تعالى (فَوَيْلٌ
لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5))


د.
الربيعة:
هذه الآية عندما تقرأها تستوقفك، تأمل
كيف افتتحها الله عز وجل بالويل (فَوَيْلٌ) وهو واد في جهنم، توعدٌ بجنهم
للمصلين، كيف ذلك؟! فيقف القارئ متدبراً كيف يتوعد الله المصلين؟ ثم تأتي
الآية الآخرى مجيبة على هذا التساؤل في ذهن الإنسان المتدبر (الَّذِينَ
هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) هم قد يصلون في الظاهر كحال المنافقين بكن
بلا إيمان، بلا روح، بلا استحضار لهذه الصلاة، فلا آثر لها في قلوبهم ولا
في نفوسهم ولا في أعمالهم، أفعال مجردة ومجرد عادات. (الَّذِينَ هُمْ عَن
صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) تأمل وتدبر قوله تعالى (عن صلاتهم) فهم أولاً عن
الصلاة غافلون وفيها أيضاً غافلون أو ساهون. فالصلاة إذا لم يكن فيها روح
وإذا لم يكن فيها حضور قلب فلا أثر لها، لن يكون لها اثر. ولهذا نقول إذا
أردت أيها الأخ المسلم أن يكون لصلاتك أثر وتجد فيها الطمأنينة والراحة
وتكون ظاهرة على مالك فلتكن في خشوع وحضور قلب.


د.
الخضيري:
أيضاً لعلنا نستكمل المشهد في هذه السورة
بذكر خصلتين مهمتين جداً وكل واحد منا لا بد أن يتوقف عندهما ويتأكد من
عدم إتصافه بهما. الأولى (الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ
الْمَاعُونَ (7)) الرياء إحذروا منه وهو أن تتعبد في ظاهر الأمر لله وفي
باطن الأمر من أجل أن يقال فلان مصلي، فلان صائم، فلان متصدق، فلان قد
أحسن، الرياء هو الشرك الخفي ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخوف
علينا من الرياء ويحذرنا منه ويقول "أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر يقوم
الرجل فيزين صلاته لما يرى من نظر الرجل" نسأل الله العافية والسلامة.
ينبغي إذا قرأنا هذه هذه الآية نحذر من الرياء والأخيرة من الخصال في هذه
السورة العظيمة التي اشتملت على خصال كثيرة نحتاج أن نقف مع أنفسنا من خلال
السورة منع الماعون والمقصود بمنع الماعون الأشياء التي تملكها وتستطيع أن
تمنحها لغيرك من إخوانك الذين يمكن أن ينتفعوا بها ويستفيدوا منها ثم
يردوها إليك وهي "العاريّة" عند أهل العلم. فكل ما يُعار، قلم، محبرة،
ورقة، كتاب، قدر، كأس إناء، إبريق، أثاث، كرسي، أيّاً كان طلبه أخوك المسلم
ولست في حاجته فينبغي لك أن تعطيه إياه ليتم جو راحة وتعاطف وتعاون بين
المسلمين وإياك أن تكون فردياً تعيش لنفسك ولا ترى أن لأحد عليك حقاً فإنك
إن لم تحتج إلى الناس الآن فستحتاج إليهم فيما بعد فأحسِن حتى يُحسن إليك
وأدِّ حقوقهم حتى تؤدى حقوقك.


د.
الربيعة:
حينما تتأمل هذه السورة تلحظ أنها ركزت
على صفة الكافرين وصفة المنافقين فاحذر أيها المسلم أن تتصف بصفات هذين
الفريقين الكفار والمنافقون.


د.
الخضيري:
لعلنا بهذا إن شاء الله نأتي على ختام
مشاهد من هذه السورة العملية ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من
أهل القرآن الذي هم أهل الله وخاصته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر
Anonymous

registered since


موسعة برامج  القران الكريم متعدد الحلقات - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسعة برامج القران الكريم متعدد الحلقات   موسعة برامج  القران الكريم متعدد الحلقات - صفحة 3 I_icon_minitime06.05.10 15:02

الحلقة 22

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف
الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، فهذا هو
المجلس الرابع عشر من برنامج أضواء المقاطع نسأل الله سبحانه وتعالى أن
ينفعنا بكتابه وأن يجعلنا من الهداة المهتدين الذين يستمعون القول فيتبعون
أحسنه. مقطعنا من الجزء الرابع عشر ومن سورة النحل تحديداً من الآية 112،
قال الله عز وجل (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً
مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ
فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ
وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ (112) وَلَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ
مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (113)
فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيِّبًا وَاشْكُرُواْ
نِعْمَتَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (114) إِنَّمَا حَرَّمَ
عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدَّمَ وَلَحْمَ الْخَنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ
لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ
اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (115)) في هذه الآيات يبين الله سبحانه وتعالى
جزاء من يكفرون بنعمة الله وهذه السورة سورة النحل يسميها كثير من السلف
سورة النعم لأنها ذكرت نعم الله النعم التي أنعم بها على الإنسان وقال الله
عز وجل فيها (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا (18)) أي
إن نعم الله عليكم كثيرة لو اجتمع الناس على عدها لم يستطيعوا إحصاءها. وقد
ذكرت هذه النعم إجمالاً وتفصيلاً تأصيلاً وتفريعاً وهنا قال في ختام
السورة (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً
يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ
اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ
يَصْنَعُونَ) هذا يقال إنه مثل لأهل مكة ضربه الله لهم بأمة سبقت وأمة بادت
حلّت بها عقوبة الله جل وعلا وقال بعضهم بل المقصود بهم أهل مكة فالذين
قالوا إن المقصود بهم أهل مكة قالوا إنهم بالفعل كانوا أهل قرية آمنة
مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فبعث الله لهم محمداً صلى الله عليه
وسلم فكفروا بأنعم الله وكذبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وجحدوا هذا
الخير العظيم من الله بأن عبدوا مع الله غيره، الله يرزقهم وهم يعبدون سواه
ويشركون معه أحداً غيره، فماذا فعل الله بهم؟ أذاقهم الله لباس الجوع
والخوف. جعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسلط عليهم سنيناً كسني
يوسف عليه السلام فسلطت عليهم سبع سنين رأوا فيها شدة حتى إنهم في أحد هذه
السنين ذهب لهم كل شيء حتى أكلوا الجلود وأكلوا الذي لا يؤكل في العادة من
شدة الجوع الذي حلّ بهم. وكذلك سلط الله عليهم الخوف وذلك عندما هاجر
الرسول صلى الله عليه وسلم فإنهم حصل لهم خوف من رسول الله صلى الله عليه
وسلم حيث كانت سراياه تصل إلى نواحي مكة وكان يخافون من أن يتغلب عليهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ينزل بهم بأسه عليه الصلاة والسلام. وقال
بعضهم بل هذا ضرب مثل لأمة حصل لها هذا الأمر فخوف أهل مكة بهم يعني إحذروا
يا أهل مكة إن كفرتم وتماديتم فيما أنتم فيه فإن الله قادر على أن يعيد
لكم هذا الأمر الذي فعله بمن قبلكم. وهذا يبين لنا أن التاريخ كما يقال
يعيد نفسه وأن هذه السنن تتكرر وتأتي مرة بعد أخرى. قال الله عز وجل
(وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً) آمنة لا تخاف أحداً
كما قال الله عز وجل عن أهل مكة (وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ
نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا
يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِن لَّدُنَّا (57)
القصص) فالله عز وجل يمتن عليهم بـن من كان حولهم من قبائل العرب كانت
تغزوهم القبائل الأقوى منهم وكانوا يتعرضون للسلب والنهب والقتل وكانوا
يخافون على أنفسهم وأهليهم وذراريهم وأموالهم وأما أهل مكة فكانوا في أمن
مطبق ولم يكن بمكة حصون ولم يكن بها شيء يقيها من الأعداء لِما أمنها الله
سبحانه وتعالى به. قال (كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا
رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ) وهذا ما قلناه عن مكة لأن الله
استجاب فيها دعاء إبراهيم (وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ
يَشْكُرُونَ (37) إبراهيم) أهل مكة كانت تأتيهم الثمار والزروع والفواكه من
كل مكان وكانت لهم رحلتان رحلة الشتاء إلى أرض اليمن ورحلة الصيف إلى أرض
الشام وكانوا يجلبون من هاتين المنطقتين خيرات كثيرة غير ما يجلبه العرب
لهم من الأرزاق والسمن والذبائح والخيرات التي لم تكن لغيرهم من أهل الأرض.
قال الله عز وجل (يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا) أي واسعاً كثيراً شاملاً
لكل أنواع الطيبات (مِّن كُلِّ مَكَانٍ) وليس من مكان معين كما يحصل في
كثير من البلاد، دخلنا بلاداً لا يعرفون بعض أنواع الفواكه أو لا يعرفون
بعض أنواع الخضار أو لا يعرفون بعض أنواع الأقوات ولم يروها وذلك لأن الرزق
الذي يأتيهم إما من بلادهم أو من مناطق معينة أما مكة وكذلك ما جاور مكة
فإن الرزق يأتيهم رغداً من كل مكان تأتيهم الفواكه من التشيلي ومن اسبانيا
ومن الصين ومن روسيا ومن اليابان ومن اندونيسيا ومن كل مكان. قال الله عز
وجل (فَكَفَرَتْ) يعني قابلت هذه النعم بالكفران والجحود، جحود هذه النعمة
أول ما تكون بأن تنسب إلى غير الله وأن يُعبد غير الله سبحانه وتعالى وهو
الذي أنعم وتفضل وجحود هذه النعمة أن تصرف في غير طاعة الله فيستعمل مثلاً
التمر للخمر ويستعمل الرز ليقدم لمن يعصون الله سبحانه وتعالى ويستعان بع
على النوم عن صلاة الفجر. (فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ) ماذا فعل الله عز
وجل بها عندما كفرت؟ (فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ
بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ) تأملوا كيف جاء بالفاء الدالة على الترتيب
والتعقيب كأن عقوبة الكفر كفر أنعم الله تكون عاجلة وسريعة وغير مؤجلة لمن
كفر بنعم الله. وهذا الكفر ليس المقصود به الكفر العملي وإنما الكفر التام
المطبق وقد يُلحق الله عز وجل بعض الكافرين كفراً عملياً بهذا النوع من
أنواع العقوبة. ثم قال (لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ) يعني كأنهم ألبسهم
هذا الجوع وألبسهم هذا الخوف، كيف ذلك؟ يلبسهم يعني كأنما يحيط بهم من كل
جانب فالجوع يأتي إليهم بسبب قلة المطر وبسبب انقطاع الطريق وبسبب غلاء
الأسعار وبأسباب كثيرة وكذلك الخوف ياتيهم بسبب تسلط أعدائهم عليهم وبسبب
كثرة السُراق وقطاع الطرق وبستت عدم تأمن الطرق واشياء كثيرة من هذا
القبيل. فالله سبحانه وتعالى قادر على أن يبدل أمننا خوفاً وشبعنا جوعاً
وذلك بيده وحده فلا نأمن عقوبة الله وإيانا وإيانا أن نأمن مكر الله عز وجل
بنا إن نحن كفرنا نعم الله!. ما هو المقابل لذلك؟ إن المقابل لذلك هو أن
نشكر نعم الله سبحانه وتعالى فإن شكرنا فإن الله لم يعدنا بأن تبقى هذه
النعم بل وعدنا وعداً قاطعاً أن يزدنا كما قال في سورة إبراهيم (لَئِن
شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ).
قال الله عز وجل (فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا
كَانُواْ يَصْنَعُونَ) أي بسبب ما كانوا يصنعون، ليس تقديراً من الله
سبحانه وتعالى دون أن يكون السبب منكم فالسبب منكم والفضل منه وحده فهو
الذي أنعم وهو الذي تفضل فلما تسببتم بقطع هذه النعمة وقطع هذا الفضل جزاكم
بذلك الجزاء وقطع عنكم هذا الخير. قال الله عز وجل (وَلَقَدْ جَاءهُمْ
رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ
ظَالِمُونَ) انظروا ما هو السبب؟ جاءهم رسول منهم يعرفون صدقه ويعرفون
أمانته ويعرفون نسبه ويعرفون حاله فكذبوه قابلوا دعوته بالتكذيب فأخذهم
العذاب ولاحظوا تأتي كل هذه الجمل معطوفة بالفاء الدالة على التعقيب يعني
أن العقوبة تأتي عاجلة لهؤلاء المكذبون. وهم ظالمون لم يظلمهم الله ولكنهم
ظلموا أنفسهم نسأل الله العافية والسلامة. ثم يوصينا الله عز وجل ويامرنا
بأن نأكل من رزقه وأن نأكل من الطيبات وأن نستمتع بها لكن بشرط أن نشكر
نعمة الله فيقول (فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً) أي دون ما
سواه (طَيِّبًا) عليكم بالطيب دون ما عداه (وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ
إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) اشكروا هذه النعمة. لما كانت هذه لسورة
سورة النعم جيء بكلمة (وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ) علماً بأن هذه الاية
موجود لها نظير في سورة البقرة قال (وَاشْكُرُواْ لِلّهِ (172)) لكن هذه
السورة سورة النعم قال (وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّه) والشكر يكون
بالاعتراف بالقلب وإيمانه الصادق الجازم أنه ما من نعمة إلا من الله والشكر
يكون باللسان أن يذكر الإنسان نعمة الله على لسانه ويحمد الله عليها
والشكر يكون أيضاً بالجوارح كما قال الله عن آل داوود (اعْمَلُوا آلَ
دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) سبأ). قال
(وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) دل بذلك
على أن الشكر لا يكون إلا بعبادته وهنا يتبين لنا أننا إذا أردنا أن ننجو
من عذاب الله العام أو الخاص فإنه يلزمنا للنجاة من عذاب الله أن نبتعد عن
مساخط الله وأن نقابل نعم الله علينا التي لا تعد ولا تحصى بالشكر مقابلها
بأن لا نكفر. كم من بيننا من ينعم الله تعالى عليه بالليل والنهار ويغدق
عليه الرزق ويعطيه ثم يعطيه ثم يعطيه لكنه مع ذلك غافل عن الله. لو أحسن
إليه رجل من عباد الله بأن أعطاه مبلغاً يسيراً أو كفاه مؤونة شيء أو قام
معه في أمر تفريج كربة فإنه يجد في قلبه محبة لهذا الرجل ويتمنى أن يرد
إليه الإحسان والله سبحانه وتعالى ينعم علينا في الليل والنهار، في الصغر
والكبر في أنفسنا وفي أهلينا وفي ديارنا وأوطاننا وفي كل حال من أحوالنا
ومع ذلك ننسى الله وننسى نعمته علينا. اسأل الله أن يعينني وإياكم جميعاً
على أن نقوم بشكر نعمته علينا. اللهم اجعلنا من الشاكرين واجعلنا من
الذاكرين واجعلنا من الصابرين واجعلنا من القائمين بطاعتك على كل حال يا رب
العالمين. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله
وبركاته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر
Anonymous

registered since


موسعة برامج  القران الكريم متعدد الحلقات - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسعة برامج القران الكريم متعدد الحلقات   موسعة برامج  القران الكريم متعدد الحلقات - صفحة 3 I_icon_minitime06.05.10 15:03

الحلقة 21

(لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ
الشِّتَاء وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3)
الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ (4) قريش)


د.
الربيعة:
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب
العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. حياكم الله
في برنامجكم القرآني "لنحيا بالقرآن" نسأل الله أن يحيي قلبونا بالقرآن.
معنا اليوم سورة عظيمة من سور كتاب الله عز وجل هي سورة قريش وفي الحلقة 20
من هذا البرنامج. وسورة قريش هي سورة متممة لسورة الفيل ولعلنا نقف مع
مقصدها وما يبرز فيها ثم ندلف إلى آياتها. هذه السورة هي امتنان من الله عز
وجل على قريش الذين قد جعل الله لهم شأناً في بيته، فكانت لهم عظمة ببركة
البيت وببركة هذا البيت حماهم الله عز وجل من أصحاب الفيل.


د.
الخضيري:
قال (أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا
آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِن لَّدُنَّا
(57) القصص)


د.
الربيعة:
ولهذا سميت قريش، هذا الشرف الذي نالوه
ومنّ الله عليهم بولاية هذا البيت نعمة عظيمة، هل شكروها؟ وهل عبدوا الله
عز وجل رب هذا البيت أم لا؟ فهذه السورة هي في امتنان الله عز زجل على قريش
بأن جعلهم أصحاب شأن نبسبهم وبخدمتهم وولايتهم لهذا البيت. ونأخذ منها
معنى عظيماً هو أن من أتاه الله شرفاً ومن أتاه الله مكانة ومن أتاه الله
منزلة ينبغي ان يعرف هذه المنزلة وهذا القدر وفي معرفة حق الله عز وجل عليه
الذي جعله في هذه المكانة.


د.
الخضيري:
يعني عندما ينعم الله عليك بنعمة فإن أول
ما ينبغي أن تبادر إليه هو أن تشكر الله عز وجل على هذه النعمة فتسخِّرها
في طاعة الله. هؤلاء القرشيون أنعم الله عليهم بأن حماهم من الفيل ومن
أصحاب الفيل الذين كادوا أن يدمروهم وأن يستأصلوهم ولم يكن عندهم قدرة ولا
طاقة على ردعهم وهذا سر مجاورة سورة الفيل لسورة قريش. والثاني أن الله سخر
لهم رحلتيم للتجارة وهاتان الرحلتان كانتا سببين عظيمين من أسباب رفاهية
أهل مكة فكانت لهم رحلة في الصيف إلى بلاد الشام ورحلة في الشتاء إلى بلاد
اليمن يأخذون من هاتين الدارين ما لذ وطاب من أنواع الثمار من الزبيب
والدقيق والثياب والملابس والمراكب وغيرها. ويسعون في الأرض لا يتعرض لهم
أحد لأنهم أهل الحرم وأهل البيت فلا يتعرض لهم صعاليك العرب ولا يقطعون
عليهم الطريق، هذه نعمة. ماذا يقابل هذه النعمة؟ قال الله عز وجل
(فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ). من أنعم الله عليه بنعمة فعليه أن
يبادر بشكرها فإنه إن شكر زاده.


د.
الربيعة:
يعرف قدرها أولاً

د.
الخضيري:
يعرف قدرها ويشكر الله عز وجل عليها فإنه
إن شكرها قرّت وإن كفرها فرّت، الفرق بينهما نقطة (قرّت - فرّت) إذا
اعترفت فعبدت وسخرتها في طاعة الله فإنه قرّت بل ستزيد (لَئِن شَكَرْتُمْ
لأَزِيدَنَّكُمْ (7) إبراهيم) وإن تركت فرّت.


د.
الربيعة:
وهذا الأمر مما يغفل عنه كثير من الناس
بعض الناس يؤتيه الله تعالى منزله، يوتيه نسباً شريفاً، يؤتيه الله تعالى
جمالاً وبهاء هذا ليس حسابه مثل حساب فقير أو ضعيف في نسبه أو في ماله أو
غير ذلك، لا شك أن كلاً سيحاسب على ما آتاه الله فليحسب لذلك الأمر حساباً.
لندلف إلى السورة في آياتها نتفيؤ فيها المعاني التي يمكن أن نأخذها في
حياتنا. (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ) الله جعل لقريش أُلفة ائتلفوا فيما بينهم
والعرب كانت قريش عندهم ألفة ومكانة وحفظ لكونهم أهل الحرم. وذكر بعض
المفسرين في قوله (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ) معاني لعلك تشير إليها لها اثر في
دلالة الاية، (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ) هل اللام متعلقة بما قبلها بسورة الفيل
أو بما بعدها؟


د.
الخضيري:
بعض العلماء يقول إنها متعلقة بالسورة
التي قبلها وهي قوله (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ
الْفِيلِ ﴿١﴾ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ﴿٢﴾ وَأَرْسَلَ
عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ﴿٣﴾ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ
﴿٤﴾ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ﴿٥﴾ الفيل) يعني إنما جعل الله ذلك
لكم لإيلاف قريش فهي كأنها لام للتعليل بالنسبة لما قبلها. لكن الطبري رحمه
الله قال لا، قال لما فُصلت السورتان عُرف أن هذه السورة مستقلة بمعناها.


د.
الربيعة:
لعل في تمام السورة سؤال في قوله عز وجل
(فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ) ماذا نلمس من هذه الآية في
مناسبتها لما قبلها؟


د.
الخضيري:
لما ذكر الله عز وجل النعم التي أنعم بها
عليهم وأعطاهم إياها جعل مقابل ذلك أن يتقدموا بشكر هذه النعمة فيعبدوا رب
هذا البيت. هم أُكرموا لأجل هذا البيت وهذا البيت له رب وهذا الرب يجب أن
يُفرد بالعبادة. الذي سخر لهم هذه النعم هو الله والذي يجب أن يُفرد
بالعبادة هو الله سبحانه وتعالى ولذلك قال (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا
الْبَيْتِ). مررت بقصة عجيبة يقولون إن رجلاً كان يتمسح بالكعبة وكأنه
يستجديها ويسألها وكان يستنصر ويستجير بالكعبة يا كعبة الله، ويدعو الكعبة
ويناديها ويجعل لها من العظمة والحرمة مثل ما لله سبحانه وتعالى فسمع به
رجل من العلماء ولم يكن يعرف هذا الشيخ الذي يتحدث فالعالِم جاء إليه وقال
يا أيها الشيخ أريد أن أقرأ عليك شيئاً من القرآن فقرأ عليه سورة قريش فقال
إقرأ فقال العالِم سورة قريش فقال (لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء
والصيف فليعبدوا هذا البيت) فقال الشيخ لا، (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا
الْبَيْتِ) قال العالِم ليست الاية هكذا با فليعبدوا هذا البيت، ألست تقول
يا كعبة الله وتستغيث بها؟ فتفطّن هذا الشيخ فلما جاء في مجلسه القادم قال
للناس إني كنت اقول يا كعبة الله وأناديها وأستغيث بها ولكن الحق يقال أن
هذا خطأ والمفروض أن أنادي الله سبحانه وتعالى وقد أنقذني الله بهذا الرجل.


د.
الربيعة:
لعل هذه القصة تجرنا وإن كان الحديث في
غير سياق السورة إلى أولئك الذين يدعون غير الله ويتوسلون بأصحاب القبور،
ألا يدعون ربهم عز وجل؟ ألا يتوجهون إلى الله مباشرة؟!. والله إن هذا لهو
الحق. ختم الله تعالى هذه السورة بقوله (الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ
وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ)


د.
الخضيري:
يعني مقابل هذا الإطعام وهذا الأمن يجب
أن تكون هناك عبادة وهذا يدلنا على عِظم هاتين النعمتين أن يبيت الإنسان
وقد أمِن وامتلأ بطنه. هناك أمنان أمن داخلي فيه ما يقيه من شر الجوع وأمن
ظاهري وهو أشد وأعظم وهو أن يكون آمنا من السُرّاق ومن الضربات وهجمات
الأعداء فيجب الإنسان أن يستحضر الإنسان هاتين النعمتين نعمة الطعام ونعمة
الأمن فهما من أجلّ نعم الله تعالى على الإنسان. وهذا ما تحقق لأهل مكة
فإنهم كانوا آمنين فلا يخافون أن أحداً من العرب يهجم عليهم لأنهم في حرم
الله وكان الرزق يأتيهم من كل مكان عندهم رحلة في الشتاء ورحلة في الصيف
وكما قال الله تعالى في سورة النحل (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً
كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ
مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ
الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ (112))


د.
الربيعة:
مثال ليُعرف فعلاً قدر نعمة الله بإطعام
الإنسان وبكفايته وأن حق ذلك العبادة. تصور لو أن إنساناً يعمل عاملاً وجاء
إلى سيده فأعطاه راتبه أو أطعمه وأسقاه ثم ذهب يعمل عند غيره!


د.
الخضيري:
لا شك أن هذا الرجل سيحنث عليه حنثاً
شديداً، أنا الذي أُطعمك وأنا الذي أسقيك وأنا الذي أغنيتك وأنا الذي أصرف
لك راتباً وفي النهاية تجعل خدمتك وطاعتك وعبوديتك لغيري؟! لا شك أنه سيكون
ظالماً وسيكون مستحقاً للعقوبة الشديدة الرادعة له ولأمثاله.


د.
الربيعة:
ختام الآية في قوله (وَآمَنَهُم مِّنْ
خَوْفٍ)


د.
الخضيري:
هذه فيها تقرير نعمة الأمن والله إنها من
أعظم من الأمن ولا يعرف ذلك إلا من جرّبها. لا زلت أذكر أني لم أستشعر
نعمة الأمن في لحظة من حياتي مثلما استشعرتها في الليالي التي كانت تُضرب
فيها مدينة الرياض التي كنت أسكنها أيام حرب الخليج. فكنا غذا أردنا أن
ننام أصبنا الخوف لأنه ستُرسل صواريخ وأن هذه الصواريخ قد تقع على بيتك أو
على بيت مجاور فتهز بيتك وتؤذيك وتقلقك، فكان الناس يبيتون في خوف عظيم
وخصوصاً إذا سمعنا صفارة الإنذار، والله إن هذا يذكّرنا بعظيم نعمة الأمن
في بلادنا وهذه النعمة علينا أن نتذكرها وأن نحمد الله عليها ولذلك النبي
صلى الله عليه وسلم يبين لنا أصول النعم "من أصبح منكم آمناً في سربه معافى
في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا" إذا وجد لك الأمن والصحة
والقوت الذي تقي نفسه به من الجوع فكأنك ملكت الدنيا يعني أن ما وراء ذلك
من الدنيا هو فضل وزيادة ولا يضرك ما فاتك. فعلينا أن نحترم هذه النعم وأن
نقدّرها وأن نشكر الله سبحانه وتعالى عليها ونسعى في حفظها. وهنا يأتي
السؤال: كيف نسعى في حفظ هذه النعم التي أنعم الله تعالى بها علينا؟


د.
الربيعة:
لعل هذا جوابه صريحاً في هذه السورة
العظيمة (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ) أن نحقق لله حقه وهو
العبادة، أن نشكره (لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ) (اعْمَلُوا آلَ
دَاوُودَ شُكْرًا (13) سبأ) فما آتاك الله من نعمة استخدمها في طاعة الله،
آتاك الله عز وجل بيتاً استخدمه في طاعة الله ولا تضع فيه ما لا يرضي الله،
آتاك الله سيارة لا تصرفها في طريق لا يرضي الله ولا تضع فيها ما يُغضب
الله، آتاك الله زوجة وأولاداً فينبغي أن تجعلهم حماة لهذا الدين وأن
تعلمهم وأن ترشدهم وتدلهم على الخير ما استطعت إلى ذلك سبيلا، وإذا آتاك
الله رغداً في العيش ورزقاً وافراً فينبغي أن يكون ذلك دافعاً لك في أن
يزيد عملك الصالح ولا تبطر هذه النعمة فتجعل هذه النعمة سبباً في كبرياء
وبطر على عباد الله كما قال الله عز وجل (كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ
لَيَطْغَى (6) أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى (7) العلق) هذه من أعظم الآفات في
الإنسان أنه إذا اغتنى، أغناه الله بطر. هذه الصفة نجدها كثيراً في أولئك
الناس الذين يمكّن الله عز وجل لهم في المال فيصرفونه في الحرام والصد على
سبيل الله وفي البطر والكبرياء. أقول هذا السؤال العظيم حقاً يجب أن نقف
معه وقفات لكي نستشعر ما آتانا الله عز وجل من الخير والنعمة.


د.
الخضيري:
كثير من الناس الآن لما أفاء الله عليهم
بالنعم مع كل أسف وأكثر الله لهم من الخيرات صاروا يبذرون وصاروا يسرفون
وترى الآن في الأفراح والأعراس ماذا يحصل بالنعم؟ توضع في القمامات في وقت
هناك من المسلمين من هو محتاج ومن يمر به اليوم واليومين والثلاثة ولا يجد
قوته وآخرون يأكلون الطعام وهم يأنفون منه ثم إذا انتهوا منه رموه في أي
مكان، فوالله هذا لا يليق بنا نحن معاشر المسلمين. علينا أن نشكر الله
وعلينا أن نتقي الله سبحانه وتعالى.


د.
الربيعة:
هذه السورة العظيمة سورة قريش تعطينا
معنى هو أننا نقدّر ما آتانا الله من النِعم نعمة الحسب والنسب ونعمة المال
ونعمة الصحة والأمن والطعام والشراب ليكون ذلك دافعاً لنا لعبادة الله حق
عبادته وشكر الله حق شكره. نسأل الله عز وجل أن يجعلنا ممن أدّى نعمة الله
عز وجل وشكره حق شكره، لنا معكم بإذن الله لقاء آخر، نستودعكم الله وإلى
اللقاء وصلى الله وسلم على نبيا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر
Anonymous

registered since


موسعة برامج  القران الكريم متعدد الحلقات - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسعة برامج القران الكريم متعدد الحلقات   موسعة برامج  القران الكريم متعدد الحلقات - صفحة 3 I_icon_minitime06.05.10 15:04

الحلقة
20:


(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ
الْفِيلِ ﴿١﴾ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ﴿٢﴾ وَأَرْسَلَ
عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ﴿٣﴾ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ
﴿٤﴾ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ﴿٥﴾ الفيل)


د.
الخضيري:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. هذا هو المجلس
التاسع عشر من مجالسنا المباركة في هذا البرنامج "لنحيا بالقرآن". كما
وعدناكم وكما عاهدناكم سنقف مع كل سورة من سور قصار المفصل لنأخذ وقفة أو
وقفتين أو حسب ما يقتضيه المقام ونتحدث عن معنى الآية وكيف نحوّلها إلى
برنامج عملي في حياتنا. هذا ما نقصده لنجعله منهجاً من مناهج التدبر التي
طالبنا ربنا سبحانه وتعالى أن نُعامل بها كلامه ونقوم بها تجاه آيات الكتاب
العزيز. معنا اليوم سورة الفيل، هذه السورة التي جعلها الله سبحانه وتعالى
سلوةً للضعفاء، الضعفاء الذين لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلا، يسلّيهم
الله عز وجل بهذه السورة ويقول لهم إنه سينصر أولئك الضعفاء وإن لم يكن
بأيديهم ما ينتصرون به فالله قادر على كل شيء وبيده الأمر كله وله القوة
كلها سبحانه وتعالى. وتعرفون -ولا يخفى على شريف علمكم- قصة الفيل عندما
جاء أبرهة بجنود كثيرة ومعه أفيالٌ لا عهد للعرب بها قد قدِم بها من أرض
الحبشة فجاء ليهدم بها الكعبة وليُذِلّ بها خُدّام الكعبة وليريهم أنه أعلى
منهم شأناً. فماذا حصل؟ لما وقف على أبواب الحرم أرسل الله عز وجل عليه
الطير الأبابيل إلى نهاية وحصلت القصة المعروفة فقتل من كان معه وقتل أبرهة
ذاته فجعل الله عز وجل ذلك آية ونصراً عظيماً ودافع الله عز وجل عن حرماته
وعن هذه المقدسات الشريفة وانتصر للضعفاء. في هذه السورة سنجعل المعلم
الأول هو معلم الانتصار للضعفاء وأن الله هو القادر على شيء


د.
الربيعة:
هذه السورة تعطي المؤمنين سلوى بتعظيم
قوة الله وأن قوة أهل الأرض مهما بلغت فليست عند الله وقوته شيئاً. انظر
كيف غمز الله عز وجل إلى قوة الكافرين بالفيل الذي هو في جيش أبرهة علامة
على أنه أقوى سلاح عندهم. فهذا الفيل الذي سُميت به السورة للدلالة على
عظمته وأنه اتُخذ ليكون هيبة لقريش لجسده وعظمته وأن يروه بهذه المهابة
فإنما اتخذ ليكون قوة عظمى. هذه القوة ماذا جعلها الله عز وجل؟ أولاً سخرها
الله عز وجل بعدم تحقيق مرادهم فجثى الفيل ورجع إذا وُجِّه للكعبة توقف
وإذا وُجّه للحبشة رجع. إذن نستطيع أن نأخذ من هذا أننا نحن المسلمون يجب
أن لا نهاب ونخشى ونخاف قوة أعداء الله مهما بلغت ويجب ان نعظِّم قوة الله
فقوة الله أعظم من كل قوة. إذا كان هذا حقاً يقيناً في قلوبنا فإننا بإذن
الله عز وجل سيقوينا الله عز وجل وسيسخر لنا قوة أهل الأرض.


د.
الخضيري:
إذن نحن علينا أن نتفقد أنفسنا في
معاملتنا مع الله ولنعلم أن الله سبحانه وتعالى إذا تفقدنا هذه الأنفس فإن
الله سينصرنا (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ
أَيْدِيكُمْ (30) الشورى) ولذلك قال الله عز وجل (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم
مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ
مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ (165) آل عمران) فنحن نقول القوة من عند الله
والنصر من عند الله وهذه القوة التي بايدي الكافرين لا يمكن أن تعمل عملها
أو تؤثر أثرها إلا إذا أذن الله لها بذلك. ولعل من الشواهد على ذلك ما مضى
في سائر الأيام فيما مضى من هذه الأيام السابقة لنا عندما جاء اليهود بقدهم
وقديدهم ومعهم السلاح الفتاك ومعهم قوة أميركا والدول الأوروبية لا ليغزوا
دولة وإنما ليغزوا قرية إسمها غزّة وأحاطوا بها وجمعوا لها الجنود والعتاد
والقوة ومعهم كل شيء وحاصروا إخواننا عاماً كاملاً منعوا عنهم الغذاء
والمعدات وكل شيء ثم أرادوا أن يستأصلونهم وبقوا ثلاثاً وعشرين يوماً وهم
يدكّونهم ليل نهار ويدمرون البيوت والبنى التحتية، ماذا حصل؟ رجعوا ولله
الحمد خائبين خاسرين وكانت دليلاً على أن النصر بيد الله وأن الله سبحانه
وتعالى هو الذي يدير هذه الأمور ويدبر ما يشاء ويفعل ما يريد.


د.
الربيعة:
مع أنهم استخدموا أسلحة لم يستخدموها من
قبل. فهذا دليلنا في السورة تعطينا هذه السورة قدرة الله وعظمته سبحانه
وتعالى وتعطينا ضعف أهل الأرض مهما بلغوا ومهما بلغت قوتهم ومهما آتاهم
الله من قوة فهذه القوة من الذي سخرها لهم؟ إنه الله. الآية الأولى يقول
الله عز وجل فيها (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ
الْفِيلِ) الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ابتداء وهي خطاب للأمة كلها ألم
تروا كيف فعل الله بأصحاب الفيل؟


د.
الخضيري:
هم لم يروا بالفعل لأن النبي صلى الله
عليه وسلم وُلِد عام الفيل فالمقصود بـ (ألم تر) يعني ألم تعلم كيف فعل ربك
بأصحاب الفيل.


د.
الربيعة:
رمز لهم بأصحاب الفيل، أصحاب تلك القوة.
ثم قال (أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ)


د.
الخضيري:
ألم يجعل كيدهم، تخطيطهم، تدبيرهم، كونهم
يبثون الرعب بين العرب بهذه الآلة التي لا علم للعرب بها جهل الله كيدهم
في تضليل يعني جعل تدبيرهم تدميراً عليهم، هم كادوا كيداً (وَإِن كَانَ
مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) إبراهيم) لكن الله سبحانه
وتعالى مكره أعظم، يمكرون ويمكر الله، يكيدون والله سبحانه وتعالى يكيد من
ورائهم ولا يشعرون. وهذا ما نراه بأنفسنا عندما كادنا أعداؤنا سواء في غزة
أو في العراق أو في مواقع أخرى من بلاد المسلمين، أرادوا شيئاً وخططوا له
ودبروا له وكادوا المسلمين لكن الله سبحانه وتعالى أبطل كيدهم وردّه في
نحورهم.


د.
الربيعة:
وتأمل قول الله عز وجل (أَلَمْ يَجْعَلْ
كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ) أضلهم هم كانوا على تخطيط ثم أضلّهم الله عن هذا
التخطيط الذي كانوا عليه.


د.
الخضيري:
(وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا
أَبَابِيلَ) يمكن أن نستبط منها استنباطاً جميلاً وهي أن قوة الله سبحانه
وتعالى كانت في هذه الطائرات الحيّة التي جاءت على هؤلاء المشركين من فوقهم
وهذا يجعلنا نقول لأنفسنا وللمسلمين أنه يجب على المسلمين في هذا الزمان
أن يمتلكوا هذه القوة وهي قوة الطيران ويستقلوا بها حتى يستطيعوا أن
يهيمنوا بها على أرض المعركة.


د.
الربيعة:
يعني نستطيع أن نقول أن من أعظم القوى
قوة الطيران. ولعل هذا يشهد له قوله تعالى (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ
وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى (17) الأنفال) هذه الطائرات ليست إلا بالرمي.


د.
الخضيري:
وهذه الطيور التي جاءت كانت تحمل معها
حجارة فوقفت فوق هذا الجيش وبدأت ترميهم بحجارة حتى أبادتهم وأهلكتهم عن
آخرهم فلم ينجو منهم ديّار.


د.
الربيعة:
وهنا ملحظ، انظر كيف أن الله عز وجل عامل
هؤلاء أصحاب هؤلاء القوة أرسل عليهم من أضعف جنده، طيور صغيرة ماذا
تُغني؟، أرسل عليهم طيوراً ليعلموا أن هذه الطيور مرسلة بقوة الله لم يرسل
عليهم جبالاً ولم يرسل عليهم قوة عظيمة وإنما أرسل عليهم جنداً ضعيفاً هذا
وهو ضعيف فكيف لو كانت القوة العظمى من الله عز وجل؟! فالله تعالى بقدرته
وقوته يستطيع أن يُبطل أعظم قوة في الأرض بأضعف جند.


د.
الخضيري:
نعم وانظر إلى الريح، هذا الهواء اللطيف
يسلطه الله سبحانه وتعالى علة من يشاء فيدمر ويذهب ويزيل ويقتلع الأشجار
والأحجار والرجال العتاة الغلاظ حتى يجعلهم الله تعالى كأنهم أعجاز نخل
خاوية، وهي ريح، هواء لطيف يسخره الله فيكون رحمة ويسلّطه فيكون عذاباً
شديداً. ولذلك نحن نقول ينبغي علينا أن نكون مع الله وأن لا نخاف من أحد
إلا من الله سبحانه وتعالى وأن تكون ثقتنا بالله وبما عند الله سبحانه
وتعالى عظيمة جداً.


د.
الربيعة:
ما معنى أبابيل؟

د.
الخضيري:
طيراً أبابيل يعني جماعات غثر جماعات
فكانت هذه الطيور تأتي من جهة البحر كما يقول بعض المفسرين تأتي جماعات إثر
جماعات ومعها هذه الحجارة التي هي من سجيل أي من طين قد طُبخ وقد تصلّب.


د.
الربيعة:
قال بعض المفسرين أنها من حجارة النار.

د.
الخضيري:
من حجارة النار. فالمهم تأتي هذه الطير
وترمي بالحجارة على هؤلاء الكفار وتقاتل عن بيت الله سبحانه وتعالى وهذا
يدلنا على أن بيت الله محمي وأن شرع الله عز وجل لا يمكن لأحد أن يستأصله
من الأرض كما قال الله جل وعلا (جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ
الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ
وَالْقَلاَئِدَ (97) المائدة) فهذه الكعبة باقية إلى أن ياذن الله عز وجل
بزوالها فإذا زالت زال العالم وزالت الأرض وما عليها واذن الله بقيام
الساعة.


د.
الربيعة:
لعلنا نتدبر ختام السورة (فَجَعَلَهُمْ
كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ)


د.
الخضيري:
مثل الهشيم اليابس الذي قد أكلت الدواب
شيئاً منه وداست شيئاً منه فصاروا في وضع يرثى له من شدة ما أصابهم من
البلاء وما نزل بهم من العذاب نسأل الله العافية والسلامة. جاؤوا متكبرين
وجاؤوا وهم ممتلئون حماسة وحيوية وإذا بالنتيجة تنتهي عند هذا الحدّ نسأل
الله العافية والسلامة.


د.
الربيعة:
الحقيقة أن هذه السورة العظيمة سورة
الفيل فيها تسلية للمؤمنين وبيان بأن الله عز وجل هو قوتهم العظمى حينما
يتسلحون بالإيمان به والتوكل عليه والاعتماد عليه عز وجل أولاً وآخراً ثم
الاستعانة بالأسباب التي يسخرها الله عز وجل بقوة كما قال الله عز وجل
(وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ
الْخَيْلِ (60) الأنفال) فالله تعالى أمرنا بفعل الأسباب لكن قبل ذلك أعظم
سبب إيماننا ويقيننا بالله عز وجل. هذه السورة العظيمة نحن بحاجة إليها في
هذا القوت الذي طغت فيه أمم الكفر وتجبرت وأذلّت المسلمين وسامتهم سوء
العذاب في بقاع من الأرض. نحن بحاجة إلى أن نعتصم بقوة الله ونرجع إليها
ونعلم أن هؤلاء حينما يصدون عن سبيل الله عز وجل فإن الله سيقهرهم ولكن
يأمرنا الله عز وجل بأن ننصر دينه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن
تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) محمد) نصر
الله يأتي.


د.
الخضيري:
لعلنا قبل نختم لقاءنا حول هذه السورة
العظيمة أذكر لطيفة جميلة وهي قوله (بِأَصْحَابِ الْفِيلِ) فهم صاروا
أصحاباً للفيل ولم يكن الفيل صاحباً لهم، لماذا؟ لأن الفيل جاء لمهم وهو
قائم بأمر الله عز وجل يؤدي مهمته في نقل الناس وفي خدمتهم، لكن لما كانت
مقاصدهم سيئة ومقصده ليس سيئاً لما جاءت النهاية التي هم أرادوها أن
يستعملوا الفيل في تدمير عباد الله هذا الفيل أبى، فصاروا هم أصحاباً للفيل
وكان الفيل سيداً. انظر إلى الكلب في سورة الكهف نُسِب إلى الفتية
(سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ
سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ
وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ (22)) الكلب نُسب إليهم لأنه تابع للمؤمنين، وهنا
هم أصبحوا تابعين أصحاب الفيل، لم يُذكروا ولم يبيّن حقيقتهم وإنما
عُرّفوا أنهم أصحاب الفيل فكأن الفيل خير منهم ونحن نقول لكل مؤمن ولكل
مؤمنة، هذا الحيوان قد يكون خيراً منك لأنه عرف حقيقة ما خُلِق له ولم تعرف
أنت حقيقة ما خُلِقت له. لعلنا نختم بهذا المعنى. نسأل الله تعالى أن
ينفعنا بكتابه وكلامه. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن يستمعون
القول فيتبعون أحسنه وإلى لقاء قادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر
Anonymous

registered since


موسعة برامج  القران الكريم متعدد الحلقات - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: موسعة برامج القران الكريم متعدد الحلقات   موسعة برامج  القران الكريم متعدد الحلقات - صفحة 3 I_icon_minitime06.05.10 15:05

الحلقة 19

(وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا
بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) العصر)


د.
الخضيري:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. هذا هو
المجلس الثامن عشر من مجالسنا في حلقات برنامجكم "لنحيا بالقرآن". هذه
الحلقات المباركة التي نتدارس فيها آيات قصار المفصّل ونحاول أن نطبق هذه
الآيات في حياتنا أو نأخذ من هذه الآيات ما نعمل به في حياتنا ونعطيكم بذلك
النموذج العملي كيف نجعل من هذه الايات آيات تعيش في واقعنا وتحيا معنا
ونهتدي بهديها ونقبس من نورها ولا يكن مجرد طلب الثواب أو البحث عن الأجر
بكثرة قراءة الحروف هو المقصود الأعظم لنا، نعم الإنسان يؤجر بقراءة هذه
الحروف ويثاب على ذلك ولله الحمد والمنّة ولكن أعظم من ذلك أن يهتدي
الإنسان بالقرآن (إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ
(9) الإسراء). اليوم معنا سورة عظيمة قال فيها الإمام الشافعي رحمه الله
"لوما أنزل الله حجة على خلقه إلا هي لكفتهم"، إنها سورة العصر هذه السورة
التي قلّت آياتها وقصرت كلماتها لكن عظمت معانيها وجلّت واتسعت حتى شملت
الدين كله. أقسم الله سبحانه وتعالى في أولها (وَالْعَصْرِ) ثم بيّن
المُقسَم عليه (إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ) ثم استثنى من هؤلاء
الخاسرين وهم كل الناس (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ). هذه السورة على قلة
ألفاظها إلا أنها كبيرة المعاني والله لو حققناها في حياتنا لعلمنا أننا قد
عملنا بالدين كله وكانت سبباً في نجاتنا وسبباً في صلاح جميع أحوالنا.


د.
الربيعة:
لعلي قبل هذا أشير إلى المعنى في مقصد
السورة وفي موضوعها. السورة تلحظ منها تعظيم هذا الزمن الذي يعيشه الإنسان.
جاء التعظيم من القَسم الذي افتتح الله تعالى به السورة ولذلك سميت السورة
بالعصر لعظمة هذا الزمن الذي هو موضع العمل، العمل الصالح والعمل الفاسد،
فيقسم الله تعالى بهذا الزمن الذي جعله الله وقتاً للعمل حُقّ له أن يُقسم
به وإنه عظيم.


د.
الخضيري:
يعني النجاة الخسران والفلاح والفوز
والبطر كله في هذا الزمان؟ في هذا الزمن فلتعتني أخي المسلم بهذا الزمن لكي
تنجو.


د.
الربيعة:
فيه نجاتك، فيه خسارتك وفيه فوزك.

د.
الخضيري:
قال النبي صلى الله عليه وسلم مصداقاً
لهذا الملام "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة الصحة والفراغ" يعني
أن كثيراً من الناس عنده هاتان النعمتين ولا يحسن الإستفادة منهما ولا
يستطيع أن يسخرهما لكي يكونا سبباً لنجاته وسبباً لتحصيل الخير له في
الدنيا وفي الآخرة.


د.
الربيعة:
لعلنا نقف مع بداية السورة في قول الله
عز وجل (والعصر) فتقف هنا تتأمل هذا العصر هذا الوقت الطويل، هذا العمر
الذي تعيشه أنت أيها الإنسان وهذه الحياة التي سخرها الله عز وجل. تأمل هذه
الوقفة في هذه الآية لها دلالة في تأملك وتدبرك لتعرف حقيقة هذا الوقت
والإنسان لا يمكن أن يستفيد من الشيء إلا إذا عرف قيمته وقدره (ولو عظّموه
في النفوس لعُظِّم) كيف تستفيد من وقتك؟ أن تتأمل فيه، لماذا خُلقت فيه؟
لماذا سخره الله لك وهيأه الله لك؟ إنه لأجل أن تعمل فيه بما يرضي الله عز
وجل ويكون فيه نجاتك. (والعصر) ولفظ العصر هنا فيه فخامة وفيه عظمة فالتأمل
في هذا العصر وهذه الحياة وهذا الزمن يجعلك تدرك حقيقة الزمن. إذا عرفت
أنك اليوم شاباً ومتعك الله ستكون يوماً من الأيام كبيراً، أين زمن الشباب؟
ولّى وذهب. إذا كنت كبيراً فإن زمنك قد قرُب على الزوال فاغتنم ذلك


د.
الخضيري:
وكما ورد في الحديث "خذ من صحتك لمرضك
ومن شبابك لهرمك"


د.
الربيعة:
ينبغي أن نتأمل في هذا الوقت، كثير من
الناس تضيع عليه أوقاته وأيامه لأنه لا يدرك أهمية هذا الزمن وقيمته في
الحياة ولو أدرك ذلك حقيقة لاغتنمه اغتناماً صحيحاً ثم يقول الله عز وجل
بعد ذلك (إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ)


د.
الخضيري:
يعني كل الناس خاسرون

د.
الربيعة:
في الأصل الإنسان خاسر

د.
الخضيري:
(وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ
عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71) مريم)


د.
الربيعة:
الإنسان بكونه إنساناً لكن حينما يتصف
بصفات الدين فيكون مسلماً أو مؤمناً أو محسناً فإنه سينقلب من الخسران إلى
الفلاح فالإنسان في أصله خسران إلا بما يملأ به هذا الزمان وهذا العصر بما
يجعله رابحاً


د.
الخضري:
مما يؤكد كلامك من أن الإنسان خاسر قول
الله عز وجل (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ
مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)
الأحزاب) في الأصل أن الإنسان مركب فيه الظلم والجهل فإذا استجاب لهما
ولبّى داعيهما في نفسه ولم يترفع ويزكي نفسه بالأخلاق الطيبة والعلم النافع
والعمل الصالح فإنه لا محالة خاسر. ولذلك لكا يقول الله عز وجل لآدم يوم
القيامة يا آدم أخرِج بعث النار فيُخرج بعث النار، من كل ألف تسعمائة وتسعة
وتسعين، والناجي من بني آدم واحد من ألف، هذا هو الناجي. هل أنت هذا
الواحد؟ تأكد فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر أن الذي ينجو من بني
آدم واحد من ألف، فهل عملت حتى تكون هذا الواحد؟


د.
الربيعة:
عمر رضي الله عنه كان يقول: لو قيل يوم
القيامة كل الناس ناجون إلا رجل لظننت أني أنا هذا الرجل، من خوفه وهو عمر
بن الخطاب رضي الله عنه!. في هذا السياق لو تأملنا واقع الناس اليوم في
حياتهم لوجدنا أن كثيراً من الناس مغبون ومحروم من وقته وخسران، كم تضيع
علينا الأوقات؟! تجد الإنسان يسمر مع زملائه ساعات ولا يبالي مع الأسف ولا
يظن أنه خاسر


د.
الخضيري:
وعندما تقول هه في المقابل يا فلان هناك
محاضرة، هناك درس، هناك جلسة قرآن، يقول لك والله أنا مشغول، عندي ارتباط،
تأتي المشاغل وتأتي الهموم وتأتي الارتباطات عندما تكون هناك جلسة حقيقية
تعيد الإنسان إلى صوابه وتعود بوصلة الإنسان للإتجاه الصحيح. أما عندما
يكون هناك سمر وسهر ولعب ولهو فإن الإنسان يعطي الأوقات بلا حساب


د.
الربيعة:
أضرب مثالاً في وقت الصلاة تجد الناس إذا
أتوا للصلاة وتأخر الإمام دقائق معدودة فإذا هم ينظر الواحد منهم إلى
الآخر ثم إذا سلّم الإمام وخرج ربما يقف هو وصاحبه ساعة كاملة يتحدثون عند
الباب في أمور الدنيا


د.
الخضيري:
أو ذهب إلى بيته وبقي أمام التلفاز يشاهد
البرامج والله لا تعود عليه بشيء من النفع.


د.
الربيعة:
لماذا؟ أن مقياسه للحياة مقياس عكسي لو
كان يعرف حقيقة هذا الزمن والوقت وأنك بطاعة الله ومكوثك في المسجد الذي
تستغفر لك به الملائكة والله لازدت بذلك طمأنينة ومكوثاً. ثم الواقع الذي
نعيشه تجد بعض الشباب يسمر مع أصحابه في استراحة أو على البحر أو في نزهة
طيلة الليل ومن جلوسهم إلى انتهائهم لا يذكرون الله.


د.
الخضيري:
وهذه مصيبة. يقول النبي صلى الله عليه
وسلم "ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله تعالى فيه ولم يصلّوا على النبي
صلى الله عليه وسلم فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار". دعنا ننتقل إلى شروط
النجاة والخسران، ذكر الله أربعة شروط يعني من حققها نجا ومن أخل بواحد
منها فله نصيب من الخسران، قد يكون الخسران كاملاً وقد يكون ناقصاً قال
(إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا
بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)


د.
الربيعة:
لعلنا نشير إشارات.

د.
الخضيري:
أولها الإيمان. أنا أريد أن أسأل نفسي
وأسأل المشاهدين هل نحن مؤمنون حقاً؟ المؤمن حقاً هو الذي يرى ما وراء
الغيب كأنه بين عينيه. أنت مؤمن بالجنة؟ تقول نعم أنا مؤمن بالجنة، لو كنت
مؤمناً بها حقاً لعملت لها. أنت مؤمن بالنار؟ لو كنت مؤمناً بها حقاً لخفت
منها ولحذرت منها. مثل أن تقول لإنسان أنت تحب الغنى؟ يقول نعم أنا أحب
الغنى ولذلك أخرج إلى العمل من الصباح إلى الليل. هل تخاف من الفقر؟ نعم
أنا أخاف من الفقر بدليل أني ما أترك فرصة يبدو لي فيها ربح أو مكسب إلا
بادرت إليها. غذن أنت بالفعل تحب الغنى وتخشى الفقر. إذا لماذا لا تعامل
الجنة والنار بمثل ذلك؟ لأن الإيمان ضعيف، باهت، قد ذبُل في نفسك. إذن
ينبغي أن أراجع إيماني، إيماني بالله، إيماني برسله، إسماني بملائكته،
إيماني باليوم الآخر، إيماني بالقدر، إيماني بالكتب، إيماني بكل ما أوجب
الله عز وجل.


د.
الربيعة:
يعني من أعظم مقاييس الربح وموازينه
الإيمان.


د.
الخضيري:
سأسمعك قصة ولا تخفى على مثلك. رجل رأى
النبي صلى الله عليه وسلم وهو ذاهب إلى خيبر فدعاه النبي إلى الإسلام فأسلم
ولما أسلم دخل الإيمان في قلبه فقال له بعض الصحابة إذهب إلى صاحبك فقال
بل أذهب فأرد إليه الغنم وأعود لأقاتل مع رسول الله فقال له النبي صلى الله
عليه كأنه لم يستعجل عليه فقاللا، ألم أبايعك على أني إن قاتلت معك فقتلت
دخلت الجنة؟ قال نعم، فذهب وردّ الغنم إلى صاحبها ثم جاء فقاتل مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم وقد أشار في كلامه مع رسول الله قال أريد يا رسول
الله أن يأتيني سهم طائش فيضربني هاهنا فأموت فأدخل الجنة، فوجدوه وقد ضربه
سهم في المكان الذي اشار إليه ولم يسجد لله سجدة، فقال النبي صلى الله
عليه وسلم إنه لم يسجد لله سجدة ومع ذلك دخل الجنة. انظر إلى مستوى الإيمان
عندما ارتفع عند هذا الرجل تحقق له النجاة به بإذن الله.


د.
الربيعة:
أعظم موازين الربح الإيمان ولذلك يقول
عمر رضي الله عنه "لو وُزِن إيمان الأمة بإيمان أبي بكر لرجح إيمان أبي
بكر" لعظم إيمانه. الميزان الثاني من موازين الربح والخسارة هو العمل
الصالح ربحاً والعمل السيء خسارة. فالعمل الصالح هو جميع أمور الطاعات بعد
الإيمان من الصلاة والذكر وبر الوالدين وصلة الرحم والنفقة والصدقة والأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر وحسن الخُلُق


د.
الخضيري:
والقيام بهذه الوظائف الموكولة إلينا
وأدائها على الوجه الصحيح هذه من العمل الصالح. والثالث التواصي بالحق أن
أوصيك بالحق وتوصيني، أن أكون مرآة لك وأن تكون مرآة لي، اصدق معك وتصدق
معي، أنصحك وتنصحني


د.
الربيعة:
والله هذه التي نحن بحاجة إليها.

د.
الخضيري:
والآن نلاحظ أن مجتمعاتنا صارت تسقط إذا
رأينا واحداً من إخواننا قد نقصت دنياه جميعاً ننكب وننصحه عندما نراه قصّر
في دنياه. مثلاً الأب لما يرى ابنه قد تخلف عن وظيفة أوعن المدرسة ينصحه
ويشفق عليه ويعظه وقد يزجره ولا يهنأ له نوم ويخاف عليه أن يخسر في الدنيا،
لكن عندما ينام عن الصلاة، عندما يترك الصوم، عندما لا يبادر إلى الحج،
عندما لا يطيع الله عز وجل يقول لكم دينكم ولي ديني والهادي هو الله. لماذا
لا يكون الهادي هو الله في أمور الدنيا؟


د.
الربيعة:
إذن يجب علينا أن نتواصى بالحق

د.
الخضيري:
وأن يكون كل واحد منا مرآة لأخيه. ويختم
بالتواصي بالصبر.


د.
الربيعة:
التواصي بالصبر ختم الله بها هذه الصفات
لأنها جامعة لهذه الأمور، نحن بحاجة إلى الصبر في الإيمان والعمل الصالح
والتواصي. والتواصي بالصبر يعني في واقع حياتنا أن نصبر على طاعة الله
ونصبر عن معصية الله ونصبر على أقدار الله المؤلمة، هذا هو كمال الصبر.
ونحن في هذه الحياة كم تأتينا من الأمور التي ربما يواجهها الإنسان وقد لا
يصبر. يحتاج لأن يوثق نفسه بالصبر. فأنت أيها المؤمن حينما تتصف بهذه
الصفات الأربعة الإيمان والعمل الصالح ثم تنشر هذا الإيمان والعمل الصالح
بالدعوة والتواصي بينك وبين إخوانك ثم تصبر وتثبت إن هذا هو الدين الحق وأن
هذا هو الربح والفوز.

د.
الخضيري:
ومما يؤكد كلامك بأن الصبر ليس صبراً على
أقدار الله فقط وإنما أيضاً على طاعة الله قول الله عز وجل (وَأْمُرْ
أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا
نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132) طه) لما استعمل الصبر
في أمر الأهل بالصلاة قال واصطبر عليها لا نسألك رزقاً نحن نرزقك والعاقبة
للتقوى. هذه الأمور الأربعة إذا التزمنا بها وقمنا بها وتعاهدنا عليها
ووصى بعضنا بعضاً بها فإننا والله مفلحون ناجحون مدركون لخيري الدنيا
والآخرة. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعينني وغياكم على ذلك وإلى لقاء قادم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
موسعة برامج القران الكريم متعدد الحلقات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 4 من اصل 7انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير القران الكريم
» ادعية من القران الكريم
» القران الكريم :سورة الفاتحة
» نوايا قرائة القران الكريم
» المعجزات الالهية في القران الكريم

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: منتدى الأعضاء :: أرشيف المواضيع القديمة
-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: